دربت نفسي
يبحث المرء عن الملاذ الآمن ، حيث تستقر نفوس و تهدأ ، لا تعجب أن يبحث أمثالي عن لحظات السكون وراحة البال في الخلوات ، لا تعجب أن يبحث أمثالي عن لحظات صافية بعيدا عن الضوضاء ، بعيدا عن الصخب ، أمنّي نفسي أن تعيش في الخفاء ، فأفضل اعتزال الأضواء .
هي خواطر ترافق أمثالي صباح مساء ، إني أصبحت لا أطيق الظهور في الواجهات ، وفقد عشت أحمل الأثقال ،بل أسامر وهج حر الصيف في المعصرة ، كنت أفتقي سنن من ساروا قبلي ، أتابع رسم سير من مضوا خلفي ، لا يهزني بكاء الكائنات في المعازي ،وطنت نفسي ألا تسرق عيني ملذات أطباق الخوان في الولائم ، عودت نفسي الصوم في الصغر ، كي لا يقال أغيثوا ملهوفا يقتله الجوع في الحضر ، عودت نفسي أن تعف حين ينتشر الفوم في الحصر .
دربت نفسي أن نختفي حين تسرق الأضواء بعض أصناف البشر ، دربت نفسي أن تسير أوقات الخطر ، ليس طيشا في البراري سوى أني أعيف عيش الحفر ، وطنت نفسي أن سحر الحياة أن تشمر الأيادي في العطاء ، وأن يبدل المخلصون الجهد في الخفاء .
وقد عشت بين القوم لا تسحرني البهارج والأضواء قد عشت أفراحها ترافقني كظلي باسم الثغر ، أسير بين الجموع واثق الخطو ، يفك الأغلال والقيود يدرب النفس ، يعيش لحيا كريم النفس ، يرفض الفتات والبقشيش ، يسحره جمال الحس وجمال الروح ، ليقال عاش بين الناس كريما ، ومات يرقب الخير المعلق في السماء .
دربت نفسي أن أصمت عند ما يتكلم العوام والرويبضاء في الملاهي ، عودت نفسي فن الصمت حين ينطق من كان يمارس القمار وفن اللهو الخفي ، أن أقضي وقتي وحيدا أرتل تعاويدي و أذكاري صباح مساء .
وسوم: العدد 1078