بين المهنية والهواية
الإبداع الثقافي يخفي هويتك المهنية ، وتلك خاصية يمتلكها المثقف الحق ، حيث تذوب هويته المهنية ، مع أن بصمتك المهنية تبقى محفورة في هويتك الشخصية ، توظف أدواتها دون أن تشعر ، وذاك من عمق ذوقيات التعامل المهني ، يجعل منك وقافا في تحري الدقة القانونية في التعامل .
كما يمنحك ذاك الرصيد لباقة ورزانة وهدوء خبرة في فن التعامل .
فتمنحك معرفة حدود حجمك ، ومعرفة حدود مجال تحركك ، فلا تتجاوز الأطر المسموحة قيد أنملة ، وتلك الخاصية لا يمتلكها غير المتمهن المتمرس ، إن تلك الجرعة تغرس فينا حين نمسك الأختام والسجلات الرسمية .
وتبقى الهواية متعتنا التي تسلينا ، بل تجدد انفاسنا المتبقية ، نواصل معها مشوار العمر المتجدد.
وتلك الحقائق لا يدركها الهواة للأسف ، فمن منطلق الخبرة علينا التعامل مع الشخصيات المهنية بالآثار الرجعية ، فنتعامل معهم من منطلق الخبرة التي امتلكوها في مسارهم المهني الطويل.
وما هوايتنا في الحقيقة إلا محطة متأخرة من عمرنا لها ما قبلها من المحطات ، والتي نسعد أن نستفيد من ثمار تجربتها فنوظفها في مسارنا المتجدد.
وتبقى حرفة المرء تمثل المجال الخصب الذي يعزز مكانة الهواية ويقويها طبعا.
لهذا يحق لأمثالي أن نحتفل بتلك اللحظات الجميلة من عمرنا أن نجمع بين الحرفة والهواية، فنستمتع بجمال الإبداع في محطاتنا المتجددة.
ونحن نقر أن المهنية لها أفضالها في تعزيز تلك الهواية ، ونقر أيضا أن هوايتنا ما تعززت لولا النجاح المهني الذي قضينا فيه زهرة عمرنا في العمل الجاد المثمر في حضن الإبداع المهني ، وما تلك العلاقات التي أكسبتنا محبة الكثيرين ، وما ذاك المخزون من العلاقات ما هو إلا ثمرة تلك الحرفة التي نعتز بالانتماء إليها .
لهذا نسعد دائما بكل لحظة نسامر فيها الإبداع الثقافي ، الذي يعزز ثقتنا في مواهبنا التي حبانا الله ، صاحب الفضل وحده ، والذي نبتغي رضوانه ورضاه ، أن يكتب لنا بكل عمل أجرا ومثوبة وقبولا.
وسوم: العدد 1080