هفوات عابر طريق

أسميتها هفوات عابر طريق ، لأننا حقا نعبر طريق الحياة ، في هذا الطريق المخصص للعبور ، فيه نسجل أحلامنا ، نحقق فيه برامجنا ، نسير فيه فن خط أعمالنا ، نرسم فيه لوحات فنية كل واحدة تقدر بثمن ، وفي هذا  الطريق فينا المترجل والراكب ، فينا الذي يحبو يمشي الهوينة ، في ذلك المسار الطويل يرتكب  هفوات ، عن نفسي  أسميها هفوات ،  ويحق لغيري أن يسميها كما يشاء .

من الهفوات التي نرتكبها ونحن نسير في طريقنا ، أن نهمل أنفسنا ، ونحن نحاول  إسعاد غيرنا ، فتجد الواحد منا  يقضي الأوقات الثمينة سائحا ، يصارع الأمواج لإنقاذ الغرقى ،  والسائح في غفلة لا يعرف  أنه هو الغريق . وجدت السعادة الحقيقية أن تنعكس إشراقات أرواحنا على غيرنا ، فنكون نحن  الشمعة المضيئة التي تضيء الفضاء بأنوارها ، ومن نبع الخير الذي يسكن ذاتنا ، تنهمر أنهار خيره  لمن حولنا  ، فالخير يبدأ من أنفسنا ، ثم تنعكس آثاره على المحيطين حولنا ، ثم هكذا دواليك .

ومن الهفوات التي يقع فيها العابرون في الطريق ولوج عالم  الغفلة ، فلا ندرك من  يهتم لأمرنا ، من يسعده نجاحنا  ، ولا ندرك من يحزنه اخفاقنا ، نعيش الغفلة فلا ندري من يخصنا بحبه و اهتمامه  ، ولا ندري من يشاركنا  سعادته من أجلنا ، فتجده يتألم في صمت  ، وغيره شارد في دروب ملهاة الحياة لا يعنيهم أمرنا  ، فنبخس  المهتم حقه ،  ولو بنظرة ،  او لمسة نشارك فيها حرمانه  وإهماله ، هو قريب بعيد عن خواطرنا ، ربما يتنبه العابر بعد مرور الزمن، وقد انقضى الزمن ، يحاول عبثا  تصحيح الهفوات ما استطاع ، لكن الأمر صعب بعد فوات الآوان ،  ومع ذلك يحاول عبثا  استدراك ما ضاع ليرد بعض الاهتمام لمن يعنيه أمرنا   .

وخلاصة القول: أن من الواجب إحياء الشعور بذواتنا، إحياء الشعور بمن حولنا ،   فلا تنسينا المهام وأعمال نقوم بها ، إسعاد غيرنا بأعمالنا  التربوية والخدمية ، أن نحفظ   حقوقنا ، وحقوق  من يحوطنا باهتمامه  ،  نرعى  حقوق  أنفسنا وأسرنا ، وذاك  حقهم علينا  واجب شرعي وقانوني  ، فنخصهم باهتمامنا التربوي والترويحي والخدمي ، علينا أن نعيش التوازن والاعتدال ، أحسب أن  الأمر اليقظة والصحو ضروري ، حيث لا نفصل أحدهما عن الآخر ،نسعد أنفسنا ونسعد غيرنا .

 والله الموفق والمعين.

وسوم: العدد 1088