وظيفة النقد بين الهدم والبناء

لست مع من مهنته النقد والركض وراء رصد العيوب ، همه وسعادته تسجيل  السقطات والعثرات ، فبئس الهواية هذه .

الشيء المعيب في عملية النقد   أن  يكون القصد من ورائه الهدم وتفتيت الجهود ، وتثبيط العزائم  ، فيكون النقد حرفة أو هواية يتسلى بها مرضى القلوب ،  حين يتحول هدف النقد النبيل إلى فرية كاذبة ،  القصد منها النيل من المنافس بطرق فيها قذارة،  ،  فتبيت المهمة تشويه الإنجازات وتقزيم المبادرات والمشاريع ،  فيكون حينئذ النقد قد حاد عن مساره الحقيقي.  

فإذا كان القصد من  مهمة النقد تقويم الخلل والاعوجاج ، و تطوير المنتج وتحسينه ؛  وتقديم إضافات أهملها صاحب المنتج أو المبادرة  ،  كمهمة رجل مصلح  ،  كان همه إصلاح الخلل والاعوجاج ، يقوم بدور إصلاحي ، فهذا دور محمود ،  فهذا مطلوب شرعا وعقلا  ،   كتقويم الوضع الفاسد الذي ينجر عنه  مفسدة كبرى ، تضرب مناحي حياتنا اقتصاديا واجتماعيا وأخلاقيا وتربويا ،  فهي في اعتقادي  مهمة كل العقلاء والمصلحين في الأمة  ، جميعهم يبدلون الوسع  الإصلاحي  ، فيسهموا بأفكارهم ومبادراتهم التماس المصلحة النفعية العامة ،  سلاحهم   الإيجابية ، يسلكون مهمة الطبيب مع المريض في بعث الشفاء . 

و يبقى على الذين يسلكون   مهمة النقد والإصلاح  الأوضاع  ، إخلاص القصد  في نقدهم ، فيتجه ترشيدهم  صوب المشكلة صوب الخلل   ، فيقدمون  المقترحات و الحلول و المخارج الآمنة ،  يحرصون على سلامة  المشاريع النفعية  ومعه سلامة النسيج الاجتماعي ، من خلال نشر الوعي بالمخاطر الحادقة  .

و حتى تصب  عملية النقد في الاتجاه الصحيح ، و تكون عملية الإصلاح  فعالة ومجدية علينا توخي  هذه النقاط المهمة : 

- أن تتخول الناصح  السر في النقد لا التشهير والفضح .

- و أن تحاشى الأضواء الكاشفة ليظهر بالبطولة كانقضاض  الكواسر على الفريسة .

- وأن يتجه النقاش  صوب  الأفكار و المبادرات لا الأشخاص  .

- وأن يحرص على احترام الخصوصية. فكل صاحب مشروع  يحاسبه ضميره أو مؤسسته أو الجمهور الحكم  .   

- أن يراعي الظروف والأحوال والأوقات المناسبة   .

- وأن يتحاشى الفضح والإشهار بأصحاب المبادرات  

- وأن يتجنب الاستعلاء والمكابرة  وتغالي على المخطئ.  

- وأن يراعي  روح  الملاطفة ، بإظهار الثناء والشكر لصاحب المبادرة ولو كان المبادر  مخطئا  .

وخلاصة القول إن النقد   الهدام  الذي يركز على الجوانب السلبية فقط ويغض النظر  عن الإيجابيات ، هو نقد  غايته  شل المنافس  دون تقديم أي حلول أو اقتراحات بناءة ، فمثل هذا  النقد   غالبًا ما يكون من النقد الغير محبب أو مرفوض  من وجهة  الشكل و المضمون عند العقلاء  .  

وسوم: العدد 1093