أَبْهَرْتَنِي يَا فَتَى !
كُنْتُ فِي يَوْمِي مَشْغُولًا نَوْعًا مَا ، بِبَعْضِ الْقَضَايَا الْخَاصَّةِ ، لَكِنَّ مُشْكِلَةَ انْقِطَاعِ الْانْتَرْنِتْ المنقطعٌ أَرَقَّنِي ، فَكُنْتُ أَسْدِدُ فَوَاتِيرِي دُونَ أَنْ أَسْتَفِيدَ ، فَعَزَمْتُ أَمْرِي أَنْ أَزُورَ الْمُؤَسَّسَةَ ، حَتَّى يَجِدُوا لِي حَلًّا لِمُشْكِلَتِي ، وَ أَنْ أُوقِفَ خِدْمَةَ خَطِّ هَاتِفِي مُؤَقَّتًا حَتَّى لَا تَضِيعَ حُقُوقُ فَاتُورَتِي الْمُسْدَدَةِ .
تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ وَاتَّجَهْتُ صَوْبَ الْمُؤَسَّسَةِ بِرَغْمِ حُرِّ الْيَوْمِ السَّاخِنِ ، فَتَحْتُ الْبَابَ وَ سَلَّمْتُ عَلَى الْحُضُورِ ، وَ اسْتَقْبَلْتُ الْآلَةَ لِاسْتِخْرَاجِ تَذْكِرَتِي ، حَاوَلْتُ ، فَأَخْطَأْتُ وَلَيْسَتْ مُشْكِلَةً ، وَ لَكِنَّ اللَّافِتَ فِي الْأَمْرِ أَنَّ شَابًّا وَسِيمًا يُقَبِلُ نَحْوِي بِأَدَبٍ ، يُسَلِّمُ عَلَيَّ ، ثُمَّ يُبَادِرُنِي قَائِلًا لَا مُشْكِلَةَ شَيْخِي خُذْ وَرَقَتِي ، شَكَرْتُ الشَّابَّ عَلَى صَنِيعِهِ الرَّاقِي ، اَلَّذِي تَجَمَّلَ بِالذَّوْقِ الْمُجْمَلِ بِالْأَدَبِ ، وَ اتَّجَهْتُ إِلَى مَكَانِي الْمُخَصَّصِ .
لَا يُدْرِكُ الْقَارِئُ أَنَّ كُلَّ مَا ذَكَرْتُ فِي سَرْدِ الْقِصَّةِ رَغْمَ جَمَالِيَّاتِهِ لَيْسَ هُوَ هَدَفِي ، لَكِنَّ السِّرَّ الْمَخْفِيَّ ، يَذْكُرُهُ أَحَدُ الْفُضَلَاءِ كَانَ يَجْلِسُ بِجَانِبِي يَقُولُ : بَعْدَ أَنْ حَذِقَ بِوَرَقَتِي وَ تَأَمَّلَهَا . يَقُولُ لِي أَتَى دَوْرُكَ ، وَ تَشُدُّنِي دَهْشَةٌ أَكْثَرُ ، دَوْرِي وَ أَنَا آخِرُ مَنْ دَخَلَ قَاعَةَ الِانْتِظَارِ ! وَ هُنَاكَ السَّابِقُ الْمُنْتَظَرُ . يَقُولُ : قُمْ يَا شَيْخُ ، احْتَرْتُ فِي أَمْرِي وَ الصَّاحِبُ مُتَعَجِّبٌ ، حِينَهَا أَدْرَكْتُ صَنِيعَ الشَّابِّ الْوَسِيمِ . ، فَارَدْتُ فَكَّ شَفْرَةِ اللُّغْزِ ، أَنَّ الشَّابَّ فَضَّلَنِي ، فَسَلَّمَنِي دَوْرَهُ ..
أَنْجَزْتُ مُهِمَّتِي وَ الْجَمِيعُ يَنْظُرُ إِلَيَّ لَا يَفْهَمُ الْحَاصِلَ هَلْ الْآلَةُ فَضَّلَتِي ! ، أَمْ هُوَ الْأَدَبُ وَ الْخُلُقُ الَّذِي فَضَّلَنِي ! الْحَمْدُ لِلَّهِ أَنْ يُسَاقَ لَكَ الْفَضْلُ تَكَرُّمًا ، لِنَقُولَ أَنَّ شَبَابَ الْأُمَّةِ بِخَيْرٍ ، وَ أَنَّ هَذَا الصَّنِيعَ الرَّاقِيَ يَبْعَثُ فِينَا الْأَمَلَ ، وَ أَنَّ هَذَا الصَّنِيعَ يُؤَكِّدُ أَنَّ خَيْرَ مَا تَمْلِكُ الْأُمَّةُ ذَاكَ الشَّابُّ الصَّالِحُ ، الَّذِي يَرْعَى الْفَضْلَ ، وَ يَحْفَظُ الْأَقْدَارَ ، وَ يَصُونُ الْأَدَبَ ، نَعَمْ هِيَ حَقِيقَةٌ وَجَبَ إِظْهَارُهَا أَنَّ شَبَابَ الْأُمَّةِ هُمْ إِشْرَاقَةُ الْأَمَلِ الْمُتَبَقِّي الَّذِي نُفَاخِرُ بِهِ .
الْمُحَصِّلَةُ أَنَّ الشَّبَابَ هُمْ الْعُدَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي نَفْتَخِرُ بِهَا ، و أَنَّ الشَّبَابَ هُمْ سَنَدُ بِنَاءِ نَهْضَةِ الْأُمَّةِ وَهُمْ سَيْفُهَا الْبَتَّارُ الَّذِي يَحْمِي الْأَرْضَ وَالْعِرْضَ ، وَهُمْ السِّيَاجُ الْمَنِيعُ الَّذِي تُحْمَى بِهِمْ الْأُمَمُ .
وسوم: العدد 1099