لعلّهم يسمعون !
إنه اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يصادف كل سنة التاسع و العشرين من شهر نوفمبر و العالم يرى و يسمع هول المجازر ضد الإنسانية ضد شعب أعزل ، ذنبه الوحيد أن يطالب بحقه المشروع من فرط الألم والويل والكمد خرجت كلماتي تعبر عن مأساة إنسانية قاسية .
كتبت :
تَنَادَيَ بِصَوْتِهَا جُمُوعًا مِنْ الْخَشَبِ
تَنَادِيَ بِأَعْلَى صَوْتِهَا لَعَلَّ عَابِرًا يَسْمَعُ صَوْتَهَا بَيْنَ الرُّكَامِ .
فَالْجِسْمُ تَفْحَمُ تَحْتَ أَنْقَاضِ الْحَجَرِ ، تَصْرُخُ بِلَا صَوْتٍ .
أُخْتُهَا مَاتَتْ قَبْلَهَا ، تُنَادِي أَخَاهَا الْمَحْبُوسَ بَيْنَ أَكْدَاسِ الْحِجَارَةِ الْمُتَهَاوِيَةِ مِنْ مَبْنًى عَتِيقٍ ، كَانَ يَجْمَعُهُمْ ، كَانَ يَحْتَوِي أَنْفَاسَهُمْ .
كَانَتْ الصَّغِيرَةُ تَمْرَحُ فِيهِ مِثْلَ الْفَرَاشَاتِ ، تَمْتَصُّ الرَّحِيقَ .
أَمَّا أُمُّهَا الْحَبِيبَةُ مَاتَتْ فِي الْمَطْبَخِ ، تَعُدُّ أَكْلَ الصَّبَاحِ ، فَمَا اسْتَوَى فُطُورُهُمْ ، لَكِنَّ كَبِدَ الْأُمِّ اشْتَوَى ، حِينَ هَوَى الْجُدْرَانُ فَوْقَ رُؤُوسِ الصِّغَارِ ، تَصْرُخُ تُنَادِي تَسْتَجْدِي مَنْ يَسْمَعُ صَوْتَهَا ، تُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهَا الْجَحَافِلَ الصَّامِتَةَ ، هَلُمُّوا اِنْقِذُوا صِغَارِي ، تَلُوحُ بِيَدَيْهَا الْمُخَضَّبَتَيْنِ بِالدِّمَاءِ ، تَتَسَمَّعُ هَمْسَ أَصْوَاتِ صِغَارِهَا الْخَافِتَةِ ، مَعَ هَوْلِ الْمُصِيبَةِ ؛ أَنْفَاسُهَا تَخْتَنِقُ ، لَا أَحَدَ يَسْمَعُ صُرَاخَهَا ، لَا أَحَدَ بِجَبَبِ نِدَاءَهَا .
فَجَمِيعُ صَبِيَتِهَا مَاتُوا بَيْنَ الْانْقَاضِ ، وَهِيَ تُرْسِلُ بِرُقَبَاتٍ لِذَوَاتِ الْخَشَبِ ، فَرُبَّمَا يَحِنُّ الْجَمَادُ لِهُتَافَاتِ الصِّغَارِ ، فَرُبَّمَا يَسْتَجِيبُ الْحَجَرُ لِصَيْحَاتِ أُمٍّ مَكْلُومَةٍ بَيْنَ الْحُفَرِ .
فَرُبَّمَا تَسْتَجِيبُ الْحِجَارَةُ فَتُخْرِجُ الصُّرَاخَ ، تُرَافِعُ عَنْ ضَحَايَا أَمْوَاتٍ ، مَاتُوا دُونَ ذَنْبٍ أَوْ جُرْمٍ اقْتَرَفُوهُ .
قَتَلُوا غَدْرًا مِنْ كِيَانٍ غَاصِبٍ .
وَتَبْقَى أَرْوَاحُهُمْ الطَّاهِرَةُ تُخَاصِمُ السَّاكِتِينَ الْقَابِعِينَ فِي النَّوَادِي وَ الْأَبْرَاجِ .
تُقَاضِي الْمُجْرِمِينَ الظَّالِمِينَ فِي مَحْكَمَةِ الْعَدْلِ فِي السَّمَاءِ .
تَخَاصَمَ الْعَالَمُ الصَّامِتُ ، فَمَا عَادَ يُصْغِي لِصُرَاخِ طِفْلٍ أَعْزَلَ .
لَيْتَ الْبَرِّيَّةَ تَسْتَجِيبُ لِأَصْوَاتِ الْبَرَايَا ، تُقَاسِمُهُمْ اَلْأَهْوَالَ . وَالْأَحْزَانَ فِي زَمَنِ الرَّخَاءِ وَالْجَفَاءِ .
تَصْرُخُ الْأُمُّ ، تَصْرُخُ الطِّفْلَةُ ، يَصْرُخُ الْقَلَمُ . . لَعَلَّهُمْ يَسْمَعُونَ !
وسوم: العدد 1104