لِمَ صيرتني عاشقاً جاحداً ؟؟!
إحساس بالإباء وتشفٍّ بالعناد هي التي سيطرت علي وأنا أغادرك... وأقول لك يا وطني: وداعاً، ولَّيتك ظهري ناظراً إلى الأفق البعيد ... وبدأتُ الرحيل ، ولكن دموعي انهمرت بغزارة وطغى علي هولُ النَّوى ، واعتصر قلبي الحنين... الحنين إلى جذوري متأصلة فيك... وغمر الخجل كياني اعترافاً بجميل احتضانك لي صغيراً ، وتذكرتُ قطرات الحياة رضعتها نديّةً في حماك، وآثاراً زرعتُها سعيداً في دروبك... فلم أجد يا وطني غير العتاب...
لماذا يا وطني تريدني ذليلاً صاغراً وترفضني عزيزاً أبيّاً، لماذا عاديتني صادقاً وترضاني كاذباً منافقاً ، لماذا دستَ قلبي الملهوف وأردتَ منه الغدر والخيانة؟...
إن دموع الفراق أحب إلي من ضحكات النفاق، ولهيب الأشواق لأعذب عندي من لذة الانتقام...
أنا يا وطني ما أردتُ أن أكون إلا وروداً في أجوائك تفوح عبيراً... بل شعاعاً ينير سماءَك جمالاً... شادياً أطربك بأحلى النغمات... شجاعاً هصوراً يسطِّر تاريخك بأروع الأمجاد...
أنا يا موطني - لو شئتَ - فإن لي قلباً خافقاً يستعذب من أجلك الألم... ونفساً سخيَّةً تُرخِص لترابك الدماء... فلماذا أجبرتني أن أريك وجهاً صارماً وروحاً عنيدة؟... لم؟.. لم صيَّرتني عاشقاً جاحداً؟؟..