همسات القمر 32
همسات القمر 32
خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)
*أيها البحر صديقي
اشتقت إلى تلك الخلوات التي كانت تنعشني
إلى أمواجك برهافة تداعبني
إلى رملك أغوص فيه يدثرني
إلى الراحة التي بعد كل حديث معك تغمرني
أتراك لا زلت رغم البعد تذكرني ؟
*حين يكتبنا الوجع بحبر من ألم
نرد حروفنا إلى أعماقنا
نقيّدها
نلجم أفواهها
نصب عليها جام النقم
نشبك يدنا بيد صمتنا ..
ونمضي نردد هزيل النغم .
*كم رتلنا ترانيم نصرها وتحريرها ، بأغانينا ، بخطاباتنا ، بكلماتنا التي تقف هزيلة عاجزة أمامها
أما آن الأوان أن تنزل الكلمات عن منبر جهادنا ليعتليه سيف وبندقية ؟؟
*أبحر على زورق من تفاؤل
وأرسي على شواطئ من أمل
وفي دروبي الرهيفة ..
ترافقني نسمات من صفاء .. نمنمات من نقاء
تنثر رياحين البشر في دفء المقل
*على شرفة الذكريات
أجلس تحت ضياء لقمر تنعكس صورته على صفحة كوب مترع بأحداث متناقضة متداخلة
طورا يبتسم .. وآخر يعبس
أكتفي بهزة للرأس .. وصمت أبلغ من حديث صارخ أو همس !!
*أرغب في الانزواء بعيدا بعيدا
إلى حيث أسمع صدى صمتي
إلى حيث أفهم نظرة شرودي
إلى حيث أعزف على ناي وحدتي لحن عزمي وصمودي
إلى حيث أجلس على شاطئي وحيدة أداعب رمل أمنياتي ..
إلى أحضان موجة أبثها بعض همساتي ..
إلى قمر أقرأ في دفتره.. بعضا من رهيف ذكرياتي
إلى ذلك المكان الذي خرج من دائرة المكان والزمان !!
إلى بحر يسحبني نحو قاع التجاهل والنسيان !!
فمتى أحزم الحبال وأتكئ على عصا الترحال ؟
*وإني ارتويت
وإني بدرب الوفاء مشيت
ونبع الصحاب سقاني النمير
وهذا لعمري
له كم سعيت
فلا تبتئس يا فؤادي وقل
بنهج الإخاء النقي اكتفيت
*عندما أشتاق إليك
أدرك أن ثمة شيء في النفس يعبث فيها ، يقلق راحتها ، يتغذى على أمنها وهدوئها
أدرك أن لحظة البوح أصبحت فرضا لا مناص منه
أدرك أن شوائب ما قد تسللت في غفلة مني إلى داخلي ، لا ينقّيها سوى زرقة ردائك ، ولا يذيبها سوى نقاء مياهك ...
كيف وقد تقطّعت بيننا السبل يا صديقي ..
أشتاقك ، أشتاق أن أذرف دمعي في عمق مائك .. أشتاق إلى حوارنا الصامت .. إلى نوارسك تختال في سمائك .. إلى دعابات أمواجك .. إلى خربشاتي الطفولية على رمالك ...
إلى ما يخطر وما لا يخطر على بالك .........
أشتاقك !!