خواطر العيد
معمر حبار
هلالين .. وعيدين: في إحدى الدول العربية الشقيقة، يعلن نفس مركز البحوث الفلكية .. أن عيد الفطر، سيكون يوم الجمعة، بالنسبة لهؤلاء. وفي نفس اليوم، يعلن نفس المركز، أن عيد الفطر، سيكون يوم الخميس، بالنسبة لأولئك.
إذن، هناك هلالين، وعيدين .. في مجتمع واحد، ودولة واحدة، وتحت سماء واحدة، وفي ظل قمرواحد، وهلال واحد .. ولايسع الأخوة في الجزائر، إلا أن يقولوا لإخوانهم الأشقاء، دون استثناء .. عيد سعيد، وكل هلال وأنتم بألف، ألف خير.
ساحتين .. وإمامين: انقسم العيد في مصرإلى فريقين .. فريق ساحة رابعة العدوية، حيث أقيمت صلاة العيد، ونادى أهلها بالإفراج عن الرئيس المعزول .. وفريق ساحة التحرير، حيث أقيمت صلاة العيد، ونادى أهلها بالنصر والتثبيت للرئيس المنصّب. ولا يملك الأخ، إلا أن يقول للجميع دون استثناء.. عيد سعيد للجميع.
وفي فلسطين .. إمام في رام الله ومن معه، يصلون صلاة العيد. وفي غزة، إمام يقيم صلاة العيد ومن معه. والأمة التي تصلي صلاة العيد بإمامين، لا يفلح أهلها.
لااستثناء في العيد : منذ قليل وصلت البريد، تحية العيد من مدير مدونة جزائرية، يقول فيها صاحبها: "عيد سعيد معتصمي رابعة العدوية ... كل عام وأنتم النصر". فرد صاحب الأسطر، قائلا ..
السلام عليكم
عيد سعيد لك أولا .. ووفقك الله لخدمة الجزائر.
وعيد سعيد للجميع ..لكل من فوق الأرض جميعا، دون استثناء .. ولمن هم في زحل والمريخ.
وعظمة العيد، في أنه لايُستثنى منه أحد .. لأنه لم يأت لأحد دون أحد.
أخوك: معمر حبار
يقول لك، وللجميع دون استثناء .. عيد سعيد.
المصليات لانتهاك حرمة رمضان: مازالت صلاة العيد في الجزائر، تُصلى في المساجد، عوض المصليات، رغم أن من السنة المتعارف عليها، منذ 14 قرنا، أن تُصلى صلاة العيد بالمصليات .. وفي المقابل، يتقدم 500 منتهك لحرمة رمضان، في الساحات العمومية الكبرى، مفتخرين بفعلتهم، وتنقلها وسائل الإعلام، دون حسيب ولا رقيب.
عيد البرنوس الجزائري: البرنوس الجزائري، رمز من رموز المجتمع، افتخر به حامله، وأمسى هدية الرؤساء والملوك، حتى أنك تعرف قيمة الضيف، من خلال البرنوس المهدى له، لذلك طالبت الجزائر من ذاك الذي لم يعرف قدرها، أن يعيد البرنوس المُهدى له، لأنه ليس أهلا لأن تحمله أكتافه .. واليوم يصعد الإمام الشاب، منبر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لخطبة العيد دون برنوس، فيصغر في أعين الناس، لأنهم رأوا إماما دون برنوس. وحين يسأل الامام عن ذلك، يجيب أن البرنوس في حق الإمام مؤكد، وأضمن للسترة. لكن اتّضح أن قلّة الشيء هي التي كانت من وراء عدم ارتداء البرنوس، فعزم المصلون أن يشتروا برنوسا جزائريا أصيلا لإمامهم.
عيد المرضى: حين يزور المرء المرضى في العيد، يعرف معنى العيد جيدا، لأن العيد مِن عاد يعود. وهاهو يعود مريض اليوم، الذي كان معافى البارحة، ويزور أهل المقابر، وهم الذين كانوا يُشيّعون ويمشون في الجنائز. فاعمل على أن يعود العيد، وأنت في أحسن حال، ونافس غيرك، لتجعل العيد يعود على الغير في أحسن حال.
عيد سيدي حاج الشريف: كان سيدي الإمام حاج شريف،رحمة الله عليه، ورضي الله عنه وأرضاه، يشرع في تنظيف المسجد، وغسل الأغطية، بيديه الشريفتين، رفقة مجموعة من الشباب، قبل شهر رمضان، وقبل كل عيد فطر أو أضحى. ويكون الأول الذي يدخل المسجد، ولايهدأ له بال، إلا بعد أن يتأكد من أن الجميع، حجز لنفسه مكانا يجلس فيه. ثم يبدأ بالتكبير بصوت واحد، وبصوت مرتفع ، قائلين جميعا .. سبحان الله، والحمد لله، ولاإله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.
وكان يختار أفضل عباءة محلية الصنع، تزيده بهاء، ويضيف عليها، برنوسا جزائريا أصيلا، زاده هيبة ووقارا. وقد رزق جمال الصورة، وحمرة الوجه، ونظافة البدن والملبس والفؤاد. وحين تنتهي صلاة العيد، يُقبل عليه الجميع، فرادى وجماعات، كل يرجو السلام عليه، ويتمنى لقاءه، فيخفض جناحيه ، وينزل للجميع، وينصرف الجميع، وكل يتمنى عودة العيد، لأن سيدي حاج الشريف، زاده بهجة وبهاء .. ورغم مرور 04 عقود من الأعياد، إلا أن الطفل مازال يحنّ للأعياد التي قضاها رفقة سيّده حاج الشريف.
الاتصالات تقطع الاتصالات عن الجزائريين: قيمة وسيلة الاتصال الحديثة، في أنها تقرّب البعيد. لكن يبدو أن الاتصالات في الجزائر، أفسدت طعم العيد، ومزّقت الحبال بين المتحابين، لأن المرء عبثا يحاول الاتصال بالأحباب، ليبلّغ تحية العيد، لكن دون جدوى. وقد يقول قائل، إن الازدحام هو السبب !!، فيرد عليه، أن الصين والهند، لاتعرف الازدحام .. فاقترب عبدة البقر، وعبدة بوذا فيما بينهم، وتباعد عباد رب العالمين، بسبب .. "الازدحام !!".
عيد المُربي والأستاذ: قال الأب لابنه، الذي فاز بشهادة التعليم المتوسط .. زر أساتذتك، وقدم لهم تهاني العيد، واشكرهم على مابذلوه في سبيل نجاحك. والتفت للثاني، وقال له ماقال للأول، إذ به يجيب ببراءة .. لكني لم أنجح بعد. فرد الأب بحزم .. تهنئة الأستاذ بالعيد، لاعلاقة لها بالمناسبة، فهي واجب في كل مناسبة وحين، واحرص على أن تكون سبّاقا لتهنئة الأستاذ في كل المناسبات والحالات.
عيد الملوك: كان الإمام ، بعد الانتهاء من صلاة العيد، يبقى في مجلسه ويتقدم إليه الجميع، لتقديم التهنئة .. واليوم عدد المصطفين، الذين ينتظرون التهنئة، يساوي عدد المهنئين .. فمن فضائل العيد، أن تسبق غيرك في التهنئة، لا أن يسبقك غيرك. ومن تمام التواضع، أن يعرف المرء قدره، ويسابق غيره في التهنئة.
استيراد التهليل والتكبير: منذ 13 سنة، طُلب من صاحب الأسطر، أن يكتب حول التكبير في العيد، فتمّ الاعتماد على 47 مرجعا، بالإضافة إلى مراجع أخرى، ظهرت بعد البحث. ومن خلال 33 صفحة، و7190 كلمة، تمّ التوصل إلى نتيجة مفادها .. أن صيغة التكبيروالتهليل الحالية، هي نفسها المذكورة حرفيا في كتب الفقه، وهي .. سبحان الله، والحمد لله، ولاإله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد. واليوم، يُستوردُ تهليل وتكبير من القنوات الأجنبية، ويُفرض على أسماع هذه الأمة، التي حفظها الله ، بصيغة التكبير والتهليل، الذي رددته على أسماع السماوات والأرض، منذ 14 قرنا.