همسات القمر 31
خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)
*عندما نتنشّق رائحة تاريخ حفر اسمه في الكون بقوة لا تضاهى ..
وعندما نوقن أننا لا زلنا نتنفس أمجاده التي تجذرت بقوة في أعماق لا زالت قادرة على الإنبات من جديد .. ندرك أن موعدنا ليس ببعيد .. وأننا سنكون الشاهدين على ولادة الفجر الجديد
*في ذلك اليوم الذي أخفى بين طياته خنجر الغدرالمجوسي المستتر بظلام حقده
في تلك اللحظة التي سالت الدماء الطاهرة معلنة فاتحة المحن
لم يكن عمر وحيدا في هيجاء الطعن ، كلنا كنا معه مع فارق بسيط ، هو : لقي ربه راضيا مرضيا .. ونحن بدأنا ندفع الثمن غاليا ..
بدأت حبات المسبحة تتقافز بعيدا هنا وهناك إلى أن تناثرت وتفرقت إلا من خيط حزين بات يشكو الوحدة ويحاول بث ترانيم الأمل في جسد الأمة المنهك الجريح ...
لا زلنا ننزف يا عمر .. لا زلنا نحاول تغطية جراحنا دون أن نعالجها لتندمل ، لا زلنا نبحث في الأماكن البعيدة عن راق أو آس يطيب له أن يدس السم في جراحنا ليمعن في قتلنا ..
ولا زال خيط المسبحة الحزين ينتظر حبّاته على أمل أن تعود إليه على أكف ريح الكرامة والعزة والفخار ...
على أمل أن تتدثر بعد قرّ أهلكها براية حانية تمسح ما نابها من ذل وعار !!
أترى ، سيطول ليل الانتظار ؟
*أنهكه عمره الذي سافر به في دروب الضياع ، ورحلات التشرد والالتياع
يطارد حلمه من ركن إلى ركن ، من زاوية إلى زاوية
ثم لا يجد في آخر نهاره غير الحسرة يلوكها ويودعها زبدة أحزانه !!
مسكين إنسان اليوم .. أصبح فريسة لدروب السراب !!
*أعجب لمن ينتهك والقيم والمبادئ والمثل
ثم في غمضة عين ، يصبح المنظّر لها ، وحامي حماها الذي لا يضاهى !!
عجبي!!
*في مقبرة الصمت
وقفت ساهمة واجمة أبحث عن كلمات انتزعت منها الحياة
رتلت بعضا من ترانيم الرثاء ..
أكثرت الدعاء
ذرفت دمعتين ...
ومضيت متعثرة ما بين يأس ورجاء ..
*تنبعث من روحي همسات
تسافر على أجنحة طير مهاجر
تحتضن بعضها كي لا تفقد جزءا منها
تغيب في مجاهل الحياة ودروبها
في لحظة بؤس ، تغدو متشردة على بوابات الانتظار الذي لا ينتهي...
*حين يكتبنا الوجع بحبر من ألم
نرد حروفنا إلى أعماقنا
نقيّدها
نلجم أفواهها
نصب عليها جام النقم
نشبك يدنا بيد صمتنا ..
ونمضي نردد هزيل النغم
*وأعانق فيك نسيم صبا
يا فجر وألقي همْساتي
كحروف يتلوها صبّ
يتبتل يهفو للآتي
كرجاء ترسله أم
بنقاء دعاء الإخبات
يا فجر جوادك فلتركب
فالليل تمطّى في ذاتي
ما غير ضياك يؤدّبه
ويعيد لثغري بسْماتي