الرماديون ..... والرماد
م. محمد حسن فقيه
اللون الرمادي لون مميز من طرف ، محير من طرف آخر ، ينظر إليه الناس كلون ذي وجهين متغاييرين مختلفين :
وجه إيجابي مرن معتدل ، يتعامل مع المتناقضات فيجمع الخصم بالصديق ، ويقرب بين المتناقضين ، ويحل الإشكالات بين المتأزمين ، ويصلح بين المتخالفين .
ووجه آخر سلبي متخاذل يمالئ الباطل ، ولا يتجرأ على اتخاذ موقف صريح يناصر فيه الحق وأهله ، يجامل هذا ، ويتمسح بذاك ، يسترضي هذا ، وينافق لذاك .
أما نسبته الى الرماد ينظر إليه أيضا من جهتين :
أولاها : أن لونه مزيج يجمع في حطامه بين نقيضين ، ويصهرهما في بوتقة واحدة ليقدم مركبا جديدا ومزيجا معتدلا يستطيع مجارة كلا اللونين ، حتى أكثرهما تباعدا وتناقضا ينظركل منهما إليه فيرى في بعضه شبها منهم ، وقواسم مشتركة تجمعه بينهم .
ومن جهة أخرى : إن الرماد ليس إلّا مخلفات خاملة ، التهمت النار أصله ، وامتصت روحه وخطفت رونقه وبددت طاقته ، وحولته إلى حطام لا قيمة له ولا وزن ، خفيفا مهينا يتناثرقذى في أعين الناس ، ويطير في مهب الرياح ، فتتسخ به الشوارع ويلوث الهواء ، ويؤذي البشر والحيوان والنبات .... والحجر.
وللناس في هذا مدارس شتى ، ولهم في تنفيذه مسالك ، يستخدمه البعض للتلون كالحرباء .
ويستثمره آخرون للصلح بين الأصدقاء والتقريب بين الأعداء ، فلا يضيق واسعا ولا يوسع ضيقا ، ولا يحل حراما ، ولا يحرم حلالا ، ولا يقيد مباحا .