نساء تصدين لنداء الواجب بكل شجاعة
سليمان عبد الله حمد
" نساء تصدين لنداء الواجب بكل شجاعة..."
مطلقات وأرامل، ومنهن المتزوجات برجال مقعدين أو قاعدين برغبتهم، سجلن حضورهن في الأسواق الشعبية بائعات للخبز كما لمواد غذائية بسيطة، إنهن نساء فقيرات اخترن أن يكن مكافحات من أجل لقمة حلال، ولم ترم بهن أوضاعهن الاجتماعية في أوحال الرذيلة لأنهن أيقن أن الفقر وإن كاد أن يكون كفرا فلن يستطيع أن يدفعهن لبيع أعراضهن، فقد تشبعن بفكرة أن "الحرة تجوع ولا تأكل من ثدييها"، إنهن نساء يستحققن بجدارة أن تلقى بين أيديهن تحية إجلال وتقدير لأن منهن من استطاعت أن تعيل أطفالا يتامى من عرق جبينها حتى تفوقوا في الدراسة وأصبحوا يحتفى بهم وبأمهم.
أمثلة لنساء تحدين الفاقة بعزة وكرامة على معاناتهن وسبب خروجهن لانتزاع لقمة حلال في واقع متطلبات الحياة الزائدة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتكاليف السكن.
بائعة الخبز :
"بائعة الخبز" التي رحلت من أقصي الغرب السوداني لتحط الرحال بمدينة بالعاصمة الخرطوم ، لتجد نفسها بعد وفاه زوجها فهي مسؤولة عن تربية ثلاث بنات، فقد كان زوجها يعمل بفرن شعبي، إلا أنها بعد وفاته أصبحت ملزمة بتوفير لقمة العيش لبناتها الثلاث وتوفير لقمه العيش في بيت قديم ضيق المساحة.
التجارة لا التسول :
بهذا الواقع يتحدن ضد الظلام إذ ينهضن في الصباح الباكر والناس نيام ويؤنس بعضهن البعض إلى في طريق الذهاب والإياب إلى سوق الجملة المحفوفة بالمخاطر.
ورغم كل المخاطر والمتاعب المذكورة فإن هذه السيدة تفضل هذا العمل على التسول الذي يحترفه المحتاج وغير المحتاج.
تكريم مستحق :
من المعتاد أن يتم تكريم الشخصيات المتألقة علميا وعمليا، لكن بعض المؤسسات المدنية انتبهت إلى أن التكريم يجب أن يشمل الفئات الفقيرة التي تكافح من أجل كسب حلال، فقد أقدم المجتمع السوداني على تكريم نساء فاعلات منهن الدكتورة والمهندسة والشاعرة ومنهن أيضا سيدة كانت تبيع "الشاي " في سوق شعبي بالخرطوم وهي حامل في شهرها الثامن، و زوجها عاطل عن العمل، تضطر للخروج نهارا للسوق وعند عودتها للبيت تباشر أشغاله.
فهناك أرمله شخص الأطباء مرضها بالقلب ورغم ذلك تكافح لإعالة أيتامها، وتلقت خلال تكريمها من جمعية خيرية بمساعدة مالية من بعض المحسنين لتبيع الخضر بدل جر العربة نظرا لحالتها الصحية.
التكريم أوجب لهؤلاء :
أن هذه الفئة من النساء تدخل ضمن الأسر المستفيدة من الخدمات الاجتماعية من إفطار الصائم وقفة رمضان وكسوة العيد للأبناء ومساعدات في عيد الأضحى المبارك ، كما أن منهن من يبيع الخبز أو البيض أو غيرها من أوجه الكسب الحلال.
وتحاول بعض الجمعيات الخيرية على التخفيف من وطأة قساوة ظروف عيش هؤلاء النساء من حيث مساعدتهن على تسديد إيجار المسكن وتوفير بعض الأدوية لهن ولأبنائهن في حالة المرض .
أن مساعدة هذه الفئة من النساء نابع من كونها اختارت العيش بالحلال ولو كان قليلا ومتعبا.
وهؤلاء النساء هن بحق مكافحات يجب تقديم المساعدة المادية والمعنوية لهن حتى لا يجدن أنفسهن منبوذات داخل المجتمع.
مما لا شك فيه أن هنالك كثير من أمهاتنا كبار السن قد يقمن بسد فراغ الأب حينما يعجزه التقاعد عن ممارسة دورة الحقيقي تجاه أسرته ، أو يتزوج بأخرى ويترك هؤلاء بلا عائل لهم ، أو قد يهاجر في غربة لا نهاية لها ، أو قد يقعد المرض وتحول بينه وبين أداء دوره تجاه أسرته ، أو أن بعض الأمهات قد يتعرضن لكبر السن عن الكسب ، أو أن غلاء المعيشية في الوطن قد تقرر ان ترحل بعيداً عن ديارها ... أو ... أو ... ربما تتعدد الأسباب ويكون الرد الواقعي لهذا المواقف أن انفصل عنهن الازواج... او توفاهم الله..فشمرن السواعد و عملن فى مهن صعبة تتطلب كثير من الصبر و الجلد ...
تراهن و الشمس توشك على البزوغ يركبن سياراتهن و اغلبها عتيق .. يوصلن الابناء للمدارس و بعضهن يوصل مع الابناء تلاميذ آخرين بغية زيادة الدخل لمجابهة تكاليف الحياة المرهقة والتى تكبر و تتكابر كل يوم ...
ومن ثم يذهبن لأعمالهن و فى آخر النهار يعدن بالأولاد من المدرسة و يحضرن لهم الاكل و يتناولن لقمة سريعة معهم و يذهبن للدوام الثانى ...
يرجعن للبيوت حينما يكون الناس فى بعض انحاء بلادى لزموا الفراش. يفتحن كتب و كراسات الابناء و يراجعن معهم الدروس حتى التاسعة او التاسعة والنصف مساء. عندما يذهب الاولاد للنوم بعد وجبة العشاء تطمئن الام على شنط وملابس و فطور الغد ...
يدلفن للفراش وهن مستنزفات تماما...يدركهن النوم فى لحظات رحمة من رب العباد..
ويقمن من النجمة يعاودن الكرة بدون كلل او ملل ودون شكوى....
شاهدت و اعرف الكثيرات منهن انهم يربين اجيال بصمت تحت ضغط مادى و نفسى كبيرين التحية لهن و لصمودهن وبارك الله لهن فى رزقهن و ابنائهن ...
إلى أن يحين اللقاء مع نماذج مشرقة من نساء بلادي ... لكم صادق مودتي ...