ثورة كالحليب
لقد مرت عشرات الأعوام وأبناء سورية يتجرعون الظلم والأسى ويكتمون في قلوبهم الطيبة ويخفون في أعماقهم أوجاع مايمر عليهم, ثار الطيبون على الظلم, خرجوا لأجل حرية التفكير والتعبير والتدبر والقول, ثاروا لأجل كرامة ديست لسنوات وسنوات.
الطيبون هم ذاتهم من صنعوا الثورة وهم ذاتهم من ضحوا بالدم والمال والأهل والأصدقاء ومع كل هذا ظلوا طيبين كما كانوا, فأبناء الأصول لا يتغيرون ولاتتبدل أحوالهم, وفي طريق ثورتهم قاتلوا وقتلوا, واجهوا أشرس الأعداء وتوجهت كل أسلحة الدنيا إلى صدورهم الطيبة, رؤوا من عدوهم الخبث في أعلى درجاته والمكر والكذب والبهتان والفجور فكان عدوهم يزداد قذارة فيزدادون بياضاً وطهراً.
سادت خلال سير الثورة السورية حالة جميلة من النقاء الذي ما إن يظهر على وجهه درن أو سواد حتى يبدو واضحاً جلياً مختلفاً حتى صار البعض يشبهها بالحليب, الحليب لايقبل الغش وإن قبل عرفه الناس وسَهُل اكتشافه, إنها ثورة نقية كثوب أبيض ناصع ما إن يظهر عليه سواد إلا استثقلته العين وبدا بيناً للناظرين.
ثورة كالحليب لاتقبل الغش, ومن غش خرج من بين الناس عاجلاً أم أجلاً يحمله غشه بعيداً عن الطيبين.
ثورة طال عمرها لتطهر نفسها وليخرج منها الغشاشون واحداً تلو الأخر, فهاهي تكشف لنا في كل يوم قصة وحكاية وتخرج منها وفيها شخصيات وشخصيات, سيذهب الغشاشون مهما حاولوا أن يخفوا غشهم وسيبقى الطيبون.