صباحُ يومٍ خريفيّ

عبد الجبار الحروب

عبد الجبار الحروب

استيقظتُ صباحَ ذلك اليوم، مفعمًا بالحيويّة. سمِعتُ أصواتَ أوراقَ الشجر المتساقطة اليابسة، تحرِّكُها نَسَماتُ الهواء، صوتها أشبه بخرير الماء. وزقزقة عصافير تصنع سيفونية طربت لها أذني، خلت أنها فيروز.

نظرت من نافذة الغرفة المطلّة على الحديقة، رأيت تلك العصافير مستوطنةً شجرة اللوز المجردة من عباءتها الورقية الخضراء. وانعكست في عيني أشعة شمس خفيفة بذلت جهدًا في اختراق السحب المتراكمات المنذرة بزخات من المطر. وأبصرت تلك النافورة، ومياها تتأرجح مثل البندول، يُمنة ويُسرة، تتساقط بعضها على ذلك الشبل الصغير الجاثم على يمينها، ذلك الشبل عمره من عمري، إلا أنه بقي شبلًا، لم يصبح أسدًا!؛ تربطني به حكايات وشكايات وذكريات ميمونات، ما انفك يذكِّرني بأيام الطفولة ببراءتها ومغامراتها الطائشة، أرى في عينيه الألفة والأنُسة.

وأخذ النظر من النافذة أفقًا أبعد، رأيت خضرة أشجار أكثر نضارة وجمالًا، إنها شجرة الزيتون بثمارها الناضرة، الناظرة المنتظرة أوان قطافها. التفت إلى ساعة الحائط المعلّقة فوق مكتبي الخشبي، وجدت العقربين متلاحمين مثل التوأمين، إنها تشير إلى السادسة والنصف.