وجدتها
وجدتها !!
إبراهيم جوهر - القدس
إنها ليلة العيد إذا !!
اليوم الأخير من شهر الصيام يحمل معاني مميّزة ؛ فيها المراجعة ، والتخطيط ، والحزن ، والذكريات .
ليلة العيد تفتح بوابة الذاكرة ؛ تلك البعيدة ، والقريبة ، والأقرب .
تتوالى اتصالات التهنئة ، ورسائل التهنئة القصيرة . أنا لا أردّ على الرسائل وإن كنت أقول في سرّي : ما زالت الدنيا بناسها في خير ، ووفاء . أصدقاء أرسلوا ، واتصلوا . وصديقات أيضا . برز من بين الاتصالات ذلك الاتصال من الكاتبة المتمردة في حرفها ، وكلمتها ، وجنونها . هي تعيد ما خطّته ستّها (جدّتها) في صفحة التاريخ والتربية الأصيلة . قالت : سأكون معكم في ندوتكم يوم الخميس القادم قبل سفري إلى الأردن . سألت عن الناس عندي ؛
سألت عن القدس ، والناس ، والعيد . قلت : أسمع الآن أصوات الاستعراضات الكشفية ، والمفرقعات ؛ إنها تحاول أن تفرح ! وتحاول أن تغطي حزنها بفرح .
(مرمر القاسم) الليلة كانت بروحها في القدس .
العيدية !! منذ أسبوع نقل (رئاس) روح الطفولة في ما نقله منسوبا ل(شكسبير) : " مهما كبرت فأنا محتاج للعيدية ...العيدية ليست للصغار فقط " !
( أول "عيدية" تلقيتها ، وربما الأخيرة ، حين كنت في الصف الأول الابتدائي ؛ قرش أردني نحاسي اللون ، كبير الحجم . أكاد أراه الآن وألمسه ! وقتها قلت : هذا القرش ليس للصرف ! ( ممنوع من الصرف !) .
(سألتني ذات اتصال مديرة المعارف العربية عن معنى اسم (عمر) لأن إحداهن قد خطبها رجل يحمل هذا الاسم الذي لم يعجبها ! بحثت في المعجم فوجدت معاني جميلة للاسم ، وهو كما هو معروف " ممنوع من الصرف " . نقلت المعلومة إلى السائلة فاحتجت على الصرف ! والمنع ! )
تختلط المشاعر وتتفاوت . العيد مناسبة للفرح . لكن الفرح يأبى الحضور .الفرح يصر على الغياب .
رفضت الذهاب مع ( أم إياس وآية ورئاس) إلى مدينة يافا لتناول طعام الإفطار في مطعم (العجوز والبحر) . أميل إلى البقاء في دفء البيت ، والذاكرة ، وطقوسي الخاصة في الإفطار ، والجلوس على الشرفة المطلّة على جبال الأردن ، والبحر الميت ، والقريبة من حزن القدس ، وحزن النفس .
حزن يافا لا يمحوه (العجوز والبحر) قلت لنفسي . وكذا حزن القدس لا تمحوه الأعياد . سأصنع فرحا خاصا بي هذا العيد ؛ سآخذ من (العجوز والبحر) جملته الأشهر : ( أبحر أيها العجوز وواجه المصائب عند حلولها ...) ؛
وجدتها !!!