تحية عز وشرف لك ياحمص ابن الوليد

د. خالد أحمد الشنتوت

د. خالد أحمد الشنتوت

 مما اتـشرف به أنني عشت أربع سنوات ( دور المعلمين ) في حمص ، سنتان في القسم الداخلي ، وسنتان سكنت في أحياء حمص ( الخالدية ثم جورة الشياح ) بقرب المسجد الذي كان فيه درس اسبوعي لفضلية الشيخ ( الدروبي ) ... ولا أذكر أنني رأيت حمصياً يضرب آخر طوال السنوات الأربع ...وكنت أرى خلافات تنتهي بالكلام فقط ...وهذا دليل التحضر طبعاً ....

وأذكر مثلاً عند البدو في بادية الشام يقول [ إذا مالت بك الأيام عليك بأولاد النعمة والدلال ] ، يقصد البدو وهم مجتمع مسلح على الدوام وكثير المعارك ، يقصدون إذا غُلب على أمركم فاستنفروا أولاد الدلال والنعمة ( غير الأشقياء ) ...وكأنني أعرف الشعب في حمص شعباً مسالماً وديعاً مؤدباً متحضراً أكثر من غيره ، وهذا الشعب الوديع المسالم ( أبناء النعمة والدلال )، يقف اليوم بضعة أشهر أمام آلة الجيش الأسدي ، يقدمون الشهداء يومياًًً ....لايكلون ولايملون ...ولايخطر لهم الجبن والخوف أبداً ...ومع أني أفسر ذلك كما فسرت سقوط بن علي ومبارك والقذافي بإرادة ربانية قـُررت منذ الأزل نهاية الحكم الجبري في هذه الآونة ...وإذا كان القرار ربانيا تجد أبناء حمص الوادعين المسالمين ليوثاًً يزمجرون في وجه العصابات الأسدية ...معاندين أشداء يستمرون في مظاهراتهم السلمية ينادون ( الشعب يريد إعدام الرئيس ) لايخافون ولايكلون ....

وأعصر ذاكرتي لأستعيد معالم حي ( باب عمرو ) الحي البطل الذي دوخ العصابات الأسدية ، ولكن قرابة نصف قرن لم تترك سوى آثار باهتة ، وطبعاً كان حياً صغيراً يعتبر خارج مدينة حمص يومذاك ....وربما أقرب إلى القرية ...

هذه حمص التي رسخت في ذاكرتي بالتحضر والهدوء ... حمص اليوم تقهر العصابات الأسدية ، وستكون مسماراً يدق في نعش هذا النظام المغتصب للشعب السوري ، كما حال درعا وحماة وادلب وجسر الشغور وبانياس ودير الزور والبوكمال وريف دمشق وريف حلب وغيرها ....

لكن المسمار الأقوى هو مسمار حمص ابن الوليد ....

واسأل الله عزوجل أن يتقبل شهداء سوريا كلها ، ويصبر ذويهم ، ويجعلهم في جنات الخلد مع الصديقين والشهداء ....وأن يرينا سوريا الحرة لكل أبنائها  ...والله على كل شيء قدير ...