النرجس
النرجس
محمد عميرة – القدس
داعبت قطراتُ المطرِ بالأمسِ هواجسَ نفسي ... غير أنّ روحي كانت تمرحُ في ليلأنسي تلك الليلة ، فارتشفتُ ما تبقى في كأسي من الشاي البارد بسببالنسيان ، وقد بدوتُ في غرفتي بلا رأسي حيث ألقيتُ نظرة ً من النافذة علىالمطرِ والليل .
كانت المزاريبُ التي تصرّفُ المياهَ التي على سُطوح ِ المنازل ِ تحدِثُ تناغما ً سحريا ً بين الزمن والحَدَث .
تنهدتُ تنهيدة المشتاق إلى سكون الليل بل سكون الدنيا كلها ...
وتاقت نفسيإلى النرجسِ ورائحته الزكية الذي اشتريته في الشتاء الماضي ...
اشتقت إليهبحزن وذلك أن رائحة البارود هذا الشتاء هيمنت على رائحة النرجس ، فكأنّ لامعنى لأيّ شيء لمن يعيشون بين وحوشٍ بشرية .
عدتُ لزاويتي وألقيتُ نظرة على ما لا أسمعهُ ولكنّي أفهمه ففيه أعبرُ آلة الزمنالورقية والتي حملتني هذه المرة إلى زمن نبوءة دانيال الجميلة والطويلة والممتدةإلى زماننا هذا وأبعد ؛ فمنذ كانت مساحة ُ مملكتنا الخامسة َ كمساحة القمر كانت الممالكُ الأربعُ قد ولتْ ، ونحن نرنو إلى أنْ تصبحَ مملكتنا بمساحة الأرض ِ كلها .
وعسى لما تكتملُ النبوءة يصبحُ للورد رائحة كرائحة الجنة ،
وللحياة معنى باختفاء الحدود السّوداء التي على خريطتنا الأرضية والتي قسّمتنا كظهر سلحفاء بطيئةحدباء ، فصرنا كما أراد حكامُنا نستدفىء في ليلنا الطويل البارد بضياء نجومه ، ونقرأُبضيائها ؛ والتي هي للمسافرين التائهين في الصحاري ، وللمسافرين التائهين في البحار الواسعة في الأزمنة البائدة ، وربما للمسافرين عبر المركبات الفضائية مسْتقبلا ً .
لكننا نريد الشمس ، فهي مصدر الطاقة ...
وما زلنا ننتظر علامة في السّماء ، أو في الأرض ، وننظر بلا اتكال إلى مشرقالشمس ... لأننا أبناءُ المملكة ِ الخامسة ِ الأبدية ِ العادلة .