وبعد الليل صباح مشرقْ
سماح سليم شمالي
بعدما تغرب الشمس ويأتي المغيب وللنوم يذهب النَّاس راجين الراحة من كدٍ وعملٍ دؤوبٍ طوال نهارٍ مديد , على سليقة الكون والنظام الدقيق " وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا " ولكن ما دام وطننا لا ينام ألماً فلا نوم ولا هناء .
بينما تشتد حلكة الليل سواد , و ربما يشتد الجو برداً أو تزمتاً , بينما الناس نيام خلدوا إلى الراحة وقد اطمئن كلُّ واحدٍ منهم على ما له من مالٍ و أولاد .. يخرج أسدٌ هصورٌ لا راق له نومٌ ووطنه سليب , آثر المكوث على حدود الوطن حارساً على النوم بقرب أبنائه .. ذاك الجندي المرابط يزدادُ استعداداً للتضحية كلما علا صوت طائرات الغدر تحوم والجو يسوده حذر ونفس الجندي يسودها الاطمئنان و التضحية في سبيل وطنٍ عظيم مقدس ولكنه مسلوب , يواسي نفسه بأنها ستعودُ يوماً وإن لم تعدْ حالاً على يده ستعودُ على يدِ أبنائه فكلُّ ما يملك يرخصُ فداءً لمثلِ هذا الوطن , وكل خيارات الدُنا تضيق ذرعاً لا بل باعاً أمام عينيْ ذاك الجندي سوى خيارُ المقاومة وليس أمام عينيه فحسب لا بل أمام أعين الناس جميعاً , فكلهم للوطن والوطن لهم جميعاً حضناً وهم طفل صغير نام في حضنه براءةً ولا ولن يغادر ذاك الحضن فلن يجد الأمان بسواه !
تمسكاً بخيار المقاومة تعاضداً أمام عدونا إيماناً منَّا جميعاً بأنَّه لا خيار أمام عدونا الظالم إلا الانهزام والرحيل من أرضنا , تيقناً بأنَّ حتماً سنهرول يوماً إلى مدينة أجدادنا ونقبل ذراتِ ترابها بأريحية ونستنشق هوائها بشغف , لأنه أمانةٌ من الله حملنا إياها ولم تقوى الجبال على حملها , غادرنا منازلنا وعين الله تحرسها , تركنا أبنائنا وتركنا لهمُ الله ربَّاً قويَّاً جبَّاراً , تركناهم وفي نفوسهم إصرار واستعداد على مواصلة الدرب إنْ ضلَّ غيرنا الطريق أو عاجلنا الأجل ولم نكمل مهمة التحرير .
وكلُّ الأمل والنقاء تسود نفس المقاوم في وسط شدة الليل وحلكته ومن بينها يبزغ سُرى الفجر وتشارف الشمس على الدنيا ويعود المرابط مع شمس الصباح وكله أمل كما بزغَتْ الشمس بالضياء عليه من بعد ليلٍ طال سواده سيبزغ على وطنه أنوارٌ وأنوارٌ بلا حدٍّ وتزين خدَّ الوطن بالحرية الحمراء , فبعدَ الليل صباح و في الصباح تشرق الشمس بالأنوار باسمةً بتحقيق أملها في الشروق ونبسم نحنُ بتحقيق آمالنا ولا أمل لنا سوى تحرير الأرض !