على لائحة الانتظار

حسن الحسين / مغترب سوري في موسكو

[email protected]

أيها السادة..

أعرفكم بنفسي..

أنا رشيقة خفيفة الظل وبكل تواضع محبوبة من كل المعجبين الطيبين.. منهم من يسمونني ديموقراطية..وبعضهم حرية..وآخرون ينادونني حق التعبير..

منذ أكثر من نصف قرن وأنا أتلقى دعوات خجولة لزيارة الشرق الأوسط.. وبعض هذه الدعوات كانت تتجرأ وتطالبني بالاقامة الدائمة لديها..لكن نفسي الأبية ترفض في كل مرة هذه الدعوات

لأن أصحابها يدعونني إلى أماكن لاسيادة لهم فيها.. والى بيوت يخافون تنصت جدرانها.. وموائد يقتاتون من  بقايا مطابخها..

كنت دائما أعتذر بأناقة..

كانوا لسذاجتهم يظهرون لي صكوك ملكيتهم.. وحقوقهم المعترف بها على الورق في أرشيف الدستور فوق الرفوف.. ويبتكرون شعارات وأغان تخدر أبدانهم المسلولة وتظهر غير ماتبطن.. ويغتصبون ابتسامات على فاترينات وجوههم وهم يرفعون صورة الواحد الصمد إلى الأبد..

 بقيت أنا مقيمة في أوروبا وأمريكا معززة مكرمة مدللة..وبقوا هم في أكواخهم البلاستيكية كحبات البندورة تخاف اللمس والدهس وعلى ضفاف أحلامهم تحوم كلاب الصيد بأنياب وهراوات تلوح بالقمع والسحل وفرم الأصابع..

منذ أيام خرجت شاشات الفضائيات عن روتين ابتسامات المذيعات.. وتدفقت الزلازل من نشرات الأخبار وانقلبت الطاولة..واستقرت الروليت على الرقم الصامت طيلة السنوات العجاف..

فجأة أمطروني بالدعوات والترحيب..وجهزوا وسائد الرياحين لإقامتي.. وفرشوا قلوبهم بالياسمين لاستقبالي..

نهضت صباح اليوم لتلبية الدعوة أعد حقائبي وأحجز تذاكر السفر إلى الشرق الأوسط..

لكن في مكتب الطيران قالوا لي:

 ـ لاتوجد حاليا أماكن شاغرة إلا في تونس ومصر ..ولكن على لائحة الانتظار هناك البحرين واليمن وليبيا.