إلى المتباكين على دمشق
محمد هيثم عياش
قرأت خلال شهر ثلاثة مقالات عن دمشق احداها للدكتور عائض القرني في صحيفة الشرق الاوسط السعودية اللندنية تحت عنوان / نحييكم من دمشق / والاخرى لسيدة تبكي على نهر بردى اوردتها شبكة / الجزيرة نت / تصف شبه جفاف هذا النهروقيام سلطات محافظة مدينة دمشق بتبليط مجرى النهر في منطقة المرجة واخيرا في رابطة ادباء الشام الغراء للاستاذ الجليل احمد معاذ الخطيب يندب ما وصلت اليه دمشق بعد كانت فيما مضى جنة الارض واحدى عجائبها فزادتني مقولته شوقا وآلاما وازداد الشوق والألم الى مدينتي عندما جلس الى جانبي في احدى المحاضرات عن السياسة الدولية بالجمعية الالمانية للسياسة الخارجية ببرلين رجل ذو شأن رفيع في الاتحاد الاوروبي وذكر لي انه عاش في دمشق ثلاث سنوات اشرف فيها على خطط للاوروبيين وعاد توا منها وذكر لي محاسنها وقدسيتها لدى جميع الاديان السماوية فقلت له ان دمشق كانت قبل استلام القرامطة اجل مما عليه الآن ويحاول ازلام () السلطة محو ما تبقى من هيبتها واسلاميتها اضافة الى مسيحيتها .
نعم كانت دمشق أيام شيخنا الجليل علي طنطاوي رحمه الله وأيام اصحاب النخوة اجمل واكثر هيبة ، واهل دمشق الآن الذين تغيروا وأحنوا رؤسهم للطغاة وخاصة مشايخها يتحملون مسئولية ما وصلت اليه حال دمشق وحال المدن السورية الاخرى فالمشايخ الذين في زماننا هذا يختلفون عن مشايخ قبل انقضاض البعث على حكم سوريا وبعض الاخيار الذين بقوا فيها حتى بعيد ما يُطلق عليه بالحركة التصحيحية التي جاءت بالقرامطة ليحكموا هذا البلد ، كان شيخنا الجليل حسن حبنكه الميداني رحمه الله لا يلومه في الله لومة لائم كذلك الحال لاستاذنا محمد عوض الذي غيبه الموت قبل عام في السعودية فقد كان جامع زيد بن ثابت مركزا للدعاة المخلصين فلما أصبحت دمشق في قبضة الطغاة خلت من علماءها المخلصين وبقي منهم القليل الذين يريدون السلامة وبنتهجون ذلك المثل الشامي الذي يقول / من حائط الى حائط واطلب الستر من الله / .
دمشق مدينة محمية منصورة حاول الصليبيون الاستيلاء عليها ففشلوا ودخلوها ذات مرة في وجه نهار احد الايام بفضل الخونة الا انهم خرجوا منها آخر ذلك النهار أذلة اذ اجمع اهلها على مقاتلتهم وقتلوا من فتح لهم ابوابها وهي محمية من الدجال جراء نزول المسيح بن مريم عليهما الصلاة والسلام من السماء على منارتها البيضاء وهو تأكيد من رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم اذ سيقتل مسيح الهدى مسيح الضلالة . هل تعلمون لو أن علماء دمشق قالوا لا للطغاة لما بقوا الى ايامنا هذه ولما استطاع الطاغية الصغير ان يسند منصب الافتاء للشيخ احمد حسون ولاسنده الى عالم جليل بالرغم من سيطرة السلطة على الفتوى .
ان علماء دمشق في ايامنا هذه شياطين خرسا وهم وراء محنة سوريا وبلاد الشام بأسرها ، قال لي احدهم أثناء المواجهة الكبرى بين الشباب المسلم ونظام حافظ اسد انتم سرقتم اسلحتنا وتحاربون الحكومة بها وحافظ اسد يحب الاسلام وحريص على سمعته ، قام بعض هؤلاء الاشياخ بمساعدة اجهزة المخابرات بالقاء القبض على بعض خيرة شباب دمشق المسلمين الذين كانوا ينظرون الى تطورات وضع المسلمين في العالم الاسلامي بهموم واشفاق .
هل تعلمون اسباب الجفاف في سوريا وقلة الامطار ليس جراء تقلبات البيئة بل لأن سوريا تكاد تخلو من علماء مخلصين ، اولئك العلماء العاملين .
ولكن دمشق ستعود الى ما كانت عليه قلعة الاسلام وجفاف بردى سيزول اذ ان الله تعالى ان يكون لابنة جبل قاسيون بردى زوجا لها وأراد ان يكون لهذه المدينة شأنا عظيما عند الملاحم التي لا بد ان تقع .