كلنا أسرى... فهل من محرر
م. أحمد الخطيب
لقد كثر الحديث عن الأسرى في سجون الاحتلال في الأيام الماضية، فضجت آذان الأسرى من كثرة الضجيج ولم يشاهدوا طحنا، خطب البلغاء وصرح السياسيون وتنادى القوم لإنقاذ الأسرى، "نعم حملوا رسالة الأسرى وأدوا الأمانة وبقيت الغمة" فبكى من بكى وتباكى البعض واستبكى فضاع الأسير... والمنزل.
ترى ماذا يقول الأسرى في سجون الاحتلال الغاشم؟؟، وهل ينتظرون من سلطة تترجى الاحتلال ليوقف الاستيطان أياما، حتى تحفظ بعض ماء وجهها فتستمر بالتفاوض ثم التفاوض ثم ... ؟؟!! هل ينتظرون من هذه السلطة التي لا تملك من أمرها شيء أن تحررهم، لا أظن ذلك فبعضهم اكتوى بنارها وبعضهم يئس من التعلق بقشتها.
والمصيبة أن حال الأسرى في سجون الاحتلال كحال كل أهل فلسطين،
الأسرى في سجون صغيرة يديرها الاحتلال بجنوده بشكل مباشر، أما بقية أهل فلسطين فيعيشون في سجون كبيرة يديرها الاحتلال بشكل غير مباشر من خلال فئة قبلوا على أنفسهم أن يديروا السجون الكبيرة نيابة عن المحتل.
الأسرى يتحكم الاحتلال بمأكلهم ومشربهم وملبسهم بشكل مباشر، وأما بقية أهل فلسطين فالاحتلال يتحكم بذلك بشكل مباشر وواضح لكل الناس وأحيانا بشكل غير مباشر يخفى على القليل القليل،
الأسرى لا تصلهم الأموال أو لا تصل إلى ذويهم إلا بإذن الاحتلال، والبقية تصل أموالهم من الاحتلال أو من الدول الداعمة للاحتلال أو من دول "الأخوة" تلك الدول التي تسلم أموالها للدول المانحة (التي أوجدت الاحتلال) وكل ذلك مقابل أثمان سياسية.
ترى من يحزن ويدمع على من!؟
أأهل فلسطين يحزنون ويدمعون على ما يصيب أسرى السجون من تعذيب وقهر وحرمان وتعرية وتفتيش ....؟
أم أسرى السجون يحزنون ويدمعون على أهل غزة المحاصرين وهم يرونهم يقذفون بحمم الطائرات والفوسفور وقذائف المدافع، أو يحزنون ويدمعون على سكان الضفة الغربية عندما يسمعون عن عذابات الناس على الحواجز اليهودية وموت المواليد على تلك الحواجز وعذابات الناس عندما تقتحم مدنهم وقراهم الدبابات اليهودية لتفتش البيوت وتعتقل ذوي القربى.
والخلاصة إن معاناة أهل فلسطين واحدة في السجون وخارج السجون فكلهم أسرى، إلا فئة قليلة ألفت الذلة والمهانة والإحساس بالألم، وباعت نفسها للشيطان مقابل دراهم معدودة.
وإذا ما بقيت الأنظمة المتسلطة على رقاب العباد على حالها لا تحرك جيوشا لتنقذ أهل فلسطين بمن فيهم الأسرى في السجون، فلا خيار أمام الأسرى وأهليهم وكل أهل فلسطين إلا الصبر ومؤازرة العاملين لإنهاء هذه الغمة من خلال الإطاحة بأنظمة الجور والإتيان برجل يلبي استغاثة الأسرى والثكالى وكل أهل فلسطين، تماما كما فعل الخليفة المعتصم مع المرأة التي صاحت وا إسلماه وا معتصماه، فحرك جيشا عرمرما دك حصون عمورية، فشرد بهم من خلفهم، وإني لأرجو الله أن يكون ذلك قريبا وحينها يفرح كل أهل فلسطين أسرى الاحتلال اليهودي الغاشم ويفرح المسلمون جميعا بنصر الله ويشفي صدور قوم مؤمنين.