الشباب بين الأزمة النفسية وتحقيق الذات

الشباب بين الأزمة النفسية وتحقيق الذات

محمد أبو الكرام

m.abouelkaram@gmail.com

منح الشباب فرصة الإقتراح..الحوار و الإقناع

أصبح شبابنا يتخبط في أزمات مأساوية ،غالبا ما تسيطر على حالته و تصبح معالجتها مستعصية أو شبه مستحيلة.هناك عدة مظاهر وأسباب هذه الأزمة ، ونتائجها على الشباب.

من خلال ملاحظاتنا و بحثنا لاحظنا أن بعض شبابنا حائر، و تائه،شاك في قدراته و كفاءاته ، تنعكس على حياته ، و تزعزع تقته في قراراته و مواقفه. من واجب الآباء و المربين الإصغاء إليه و منحه فرصة الاقتراح و المبادرة دون أن إقماعه و التقليل من شأنه ، مع اعتماد أسلوب الحوار و الإقناع. و من واجبه (الشاب) الإصغاء لتوجيهاتهم . و قد تسببت هذه الأزمة في إشكاليات  عقائدية ، اجتماعية...و اقتصادية.

جعل الشباب يقتنع بوضعه و يبررها بحجة الانفتاح و الخروج من عالم التخلف إلى الرفاهية و التقدم. ثقافة الغرب الغازية جعلته شاكا في توجيهات غيره رافضا للمناقشة و الجدال.

و من أسبابها الرئيسية : أولها مادية الألفية الثالثة ، التنكر للقيم الدينية و الأخلاقية ،وتقدم التكنولوجية مع غياب الضمير و أساليب  الإصلاح و التكوين لا التدمير و الانحراف. و ثانيها المربون و الآباء الذين لم يخططوا لتربية شمولية ناجعة ، و الماديون الذين يتنافسون عن الاغتناء على حساب جيل طائش وسط عالم  أفسدته المادة. و قد تمخض عنه دمار جيل كامل . فقد موازنة نفسه ، و فقد  وضوح الواقع .و فقد التوازن  بين العقل و الفن و فلسفة الحياة .و بالتالي فقد كل أسس الاستقرار العقلي و النفسي و الاجتماعي و الإنساني.

قتل الوقت كقتل الحياة

وفي تاريخ البشر قديما ،كان يشتغل اكبر وقت ممكن في اليوم و لا يتوقف إلا لضرورة ملحة كالأكل و النوم، و مع تقدم الزمن و تطور البشرية علميا و ثقافيا و اقتصاديا و اجتماعيا، قلت أوقات العمل و عوضت بالفراغ ، مع الأسف فهم البعض أنها قتل للوقت تمضي فيما لا يفيد الفرد و المجتمع.

ليس معنى استغلال الزمن أن يملا كله عمل، و تكون الحياة كلها جد لا هزل و لا ضحك .فقد كان في القرون الوسطى احسن الناس و أخيرهم ذلك الجاد المنغمس في عمله، العابس  المهموم دائما.على العكس من ذلك رأى دعاة العصر الحديث أن السرور و الضحك و اللعب في حدود المعقول، ينفع اكثر من الجد الدائم. و كشفت الدراسات النفسية على أن هؤلاء المتزمتين ، كانوا اكثر قسوة على الناس في معاملاتهم ، عكس ذلك كان يتعامل الذين يلعبون و يمرحون..بالإحسان و العفو و الرحمة. و هذا الكلام لا يعني طغيان أوقات الفراغ على أوقات العمل، فالفرد يعمل لغاية ، فمن الواجب إخضاع أوقات الفراغ لمنطق العقل  و اصرافها لغاية كذلك ، إما استغلالها صحيا (الرياضة) أو فكريا (المطالعة...).

أما أن يكون الهدف هو قتل الوقت،يعتبر خطا كبيرا، فقتل الوقت كقتل الحياة، فالذين يضيعون وقتهم على طاولة الشطرنج ، و أصحاب الأوراق،و كذا المبتلون الجلوس في المقاهي أكثر من بيوتهم ،ابتغاؤهم قتل الوقت كأنه اكبر عدو لهم.

و الحل لهذه المشكلة حسب رأيي أن للإنسان قدرة على تغيير سلوكاته، يستطيع حب و كره ما يشاء، يقدر على تحسين و تمرين ذوقه على أشياء لم يتذوقها من قبل.فتقوية الإرادة لها دور هام في تقسيم أوقات الفراغ في ما ينفع.فبالمطالعة الهادفة والإرادة القوية في البحث و التكوين يستطيع المثقف أن  يخلق في نفسه حب مجال من مجالات المعرفة يدرسه ويتعمق فيه ينفع به نفسه و مجتمعه.