رسائل إلى القمر3
رسائل إلى القمر3
ياسين سليماني
أسبوع مضى على هجرة حمامتي من عشّها الذي كنت أستطيع رؤيته بين يوم وآخر إلى عشّ ثان لا أذهب إليه بجسدي ولكن أطير إليه بروحي وعقلي.
في ذلك اليوم عدت فيه من عندك بعد توديعك كنت حزينا مكسور الخاطر، فكنت أسير دون أن أفكّر في الطريق الذي أسلكه أو الناس الذين يحدثونني، رحت أحدّق في الأفق الرحب كأني أستطلع الطائرة التي تذهب بقلبي لتقبره في مكان غريب.
انطفأ ذلك النور الذي كنت تراه في عينيّ، لأنّ عود الكبريت الذي كان يشعل قلبي فرحا قد اختفى، وعدت أنا لبرد أيّامي وثلوجها بعد أن أطلّت شمسك شهرا...
لقد أُفْعِم كأس حياتي... بالرحيق الذي مَلأَتـْهُ به... وكمثل الزهر الذي يغزو الليل بعطره... أفْعَمْتَ قلبي بأغانيك...
هذا ما قاله أحد الشعراء الهنود، وهذا ما يقوله الآن قلبي الموؤود، من بستان ودّك الزاهر أقطف الذكريات العطرة، ومن نهر حبّك الخالد أسقي روحي شراب السعادة المثلى، فإذا انعدم هذا البستان وهذا النبع فلا سعادة تُسْقَى أو تُْشْرَبْ، وستظلّ الذكريات وحدها ماثلة.
في ذلك الجوّ من الأسى، وبيَدٍ ترتجف كأنّ الساعة قد اقتربت، آخذ قلمي الحزين فأجده يحاول أن يخطّ عبارات الفرحة والابتهاج، غير أنّه لا يقدر على الخداع، فتراه يخطّ دموعا وشجونا...
دفئني بنارك، ولتجعل من حبّك مصباحا في معبدي فإنّ في قلب الليل تزهر النجوم بكلماتك...
إنّي لأرى الآن عينيك تنظران إلى عينيّ بعطف وحبّ كبيرين، فليهنأ خاطري ما دام هناك قلب يكتب لي من بعيد فيقول لي: أحبّك حبيبي.