المهمة رقم واحد
المهمة رقم واحد
عبد الرزاق العبيد
مدارسنا مازالت تقليدية الوجه واليد واللسان. ومازال المعلم – قلب العملية التعليمية المحرك – يشكو من علل كثيرة, أهمها التخلف التقني واعتماده على الأساليب التقليدية في إعداد النشئ, (400 ألف معلم ومعلمة بحاجة لإعادة تأهيل تقني حسب إعلان وزارة التربية عن عزمها تأهيلهم قبل عام مضى).
ومناهجنا مازالت تتعامل مع الطالب على أنه مجرد أداة تسجيل, تُخزَّن عليها كمية هائلة من المعلومات, ماتلبث أن تتبخر بعد حين...
وتتكدس مخرجات التعليم الهزيلة في شوارع البطالة القاسية, نسخاً تشبه بعضها, وتشبه الأصل كثيراً, أو تحمل على الأقل تشوهاته الذميمة!!.
نحن بأمس الحاجة لإعادة النظر في الواقع التعليمي. فهو القطاع الأهم من كل القطاعات الأخرى, أهم من أكبر المنشآت الاقتصادية, لأنه القطاع المسؤول عن بناء الأفراد وإعدادهم للحياة, كي يكونوا عناصر متفاعلة اجتماعياً ومنتجة اقتصادياً, ولديها القدرة على الإبداع والتطوير.
ولكننا مع الأسف مازالنا نعاني من نفس المعوقات. ملايين الشباب والفتيات غير المؤهلين لأسواق العمل, تُغلَق في وجوههم الأبواب! فيتحولون إلى أعباء ثقيلة على مشاريع التنمية, بدل أن يكونوا بناتها الفعليين.
مجتمعنا الآن أمام تحدٍ كبير.. ولا فكاك لنا من مواجهته, هو تطوير التعليم, لابد لنا من تطوير العملية التربوية التعليمية على أسس تقنية, وتركيز الاهتمام على اللغة الإنكليزية, فالتقنية والغة الإنكليزية هما جناحا عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وبدونهما لن نتمكن من الطيران نحو المستقبل. ولن نستطيع تحقيق شيء, بل إن التباطؤ والتردد سيبقينا مستهلكين للتقنية, نستجديها من الآخرين, ونتحول شيئاً فشيئاً إلى تابعين, غير قادرين على الاعتماد على أنفسنا, و( ويل لأمة تأكل مما يزرع غيرها )!.
بشارة الخير نتوسمها في مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم, الذي رصدت له تسعة مليارات ريال. وهو مبلغ ضخم, نرجو أن تتم الاستفادة منه على أكمل وجه, ويتم تسريع الإنجاز فيه, لأن إيقاع العصر سريع جداً. ومن لايستطيع مواكبته سيكون في الخلف بعد حين.
علينا البدء بالتطوير.. تأهيل المعلم أولاً وتغيير دوره من مقدم للمعلومات إلى منسق لمصادر التعلم. ثم تطوير الفصل وتحويله إلى مختبر حقيقي ومساحة غير محدودة للتطوير والإبداع, وتطوير المناهج, والتركيز على أسلوب البحث والتقصي الذي يحفز روح المبادرة لدى الطالب, لاأن تظل المناهج تخاطبه على أنه عنصر خامل وسلبي, لاحول له ولاقوة. بل تعامله على أنه عنصر نشط ومنظم ذاتياً, وقادر على حل المشكلات من خلال تحليل الخبرة والسياق الذي تمت فيه.
كما أننا بحاجة لتغيير دور المكتبة المدرسية من مساحة محدودة تحتوي على بعض الكتب التي يقصدها الطالب الراغب بالاستزادة, إلى آفاق واسعة من المنظومات المعرفية الممتدة عبر العالم. يستطيع الطالب التواصل من خلالها وتوسيع اطلاعه بلا حدود.
فالحاسب والإنترنت و الاتصالات العناصر الثلاثة لتطبيق التعليم التقني متوفرة في بلادنا والحمد لله, والإرادة أيضاً متوفرة لدى القيادتين السياسية والتنفيذية لتطوير التعليم, مع وجود بعض المعوقات الاجتماعية, المرتبطة بالذهنية التقليدية. ولكن مصلحة الوطن ورغبة الأكثرية في اللحاق بالعصر ستتغلب في نهاية الأمر, ولنتذكر دائماً أن الإنجاز ليس بتوفير الأدوات فقط,, بل بحسن استخدامنا لها, فمافائدة استقدام السبورة التفاعلية مثلاً مادمنا نقدم عليها نفس المعلومات الجامدة ونفس الأفكار المحنطة؟! علينا إجادة استخدام التقنية, وبناء اقتصاد معرفي, ونشره وتوزيعه على الآخرين.
كي نكون بالفعل لابالقول أمة متجددة, قادرة على المشاركة في صنع الحضارة والحياة.
تطوير التعليم