رسالة إلى امرأة لا أعرف عنوانها
ياسين سليماني
سنوات من العلاقة، كنت أخالني أعرفك فيها أكثر ممّا أعرف نفسي، كنت أحسب أنّ علاقتي بك كعلاقة القلب والروح بالجسد الواحد، وكنت أظنّ أنّك تحبينني ولكنّي... بعد كلّ هذه السنين اكتشفت أنّي ظللت طيلة الوقت الماضي ألاحق سرابا دون أن أحصد في الختام إلاّ الفراغ ...
يا أنت، يا من اجتمعت فيها صفات الجمال والذكاء والروعة ... في يوم ما كنت أصفك بهذا، أتراني أغيّر رأيي بعد الذي حدث؟
أتذكرين رحلة استغرقت شرخا من عمر كلينا؟
لمَ غادرت دون مقدّمات، دون كلمات، دون إعطائي فضاء من التروّي لأعرف ما أفعل ...
أأردتني أن أفتح عيني ولا أجدك فيختلّ توزني أم تخور قواي أم يذهب عقلي ؟
يا سيدتي،يا من عرفت أني أحبها،وكنت أظن الحب عامل قوة، وسلاحا لي ضد كل شيء، فجعلته عامل ضعف، وسلاحا ضدّي... هل أنت سعيدة عندما ابتعدت،وتركتني لا اعرف لك عنوانا؟
ما ظنك بي؟ أترينني وأنا أكتب لك الآن حزينا، أفرغت سيولا من الدموع من العينين، أم أنّي خرجت من غرفة حبّك الضيّقة الخانقة إلى بستان الحياة الرحب راميا ما حدث ورائي لا ألتفت إليه.
أقول لك أنني سعيد، ليس لأنّك ابتعدت، ولكن كنت أقسم لك أنّي لا أكون فرحا إلاّ إذا علمت بفرحتك أنتِ ، فإذا ما سبّب فراقنا سعادة لك فإنّي ممتنّ جدّا لهذه القطيعة لأنّها فعلت شيئا ما يسرّك.
كانت علاقتنا رحلة جميلة، الحمد لله أنّي لم أفعل فيها إلاّ ما اطمأننت أنّه حسن ومن شأنه إرضاءك ولم أكن خلال هذه المدّة كلّها إلاّ ساعيا لهذا ... فإذا جاء يوم وجدتني فيه على غير ما عهدتك عليه أو بدى لك أنّ هذا الذي وافقته عهدا من الزمن قد تفه أمره وصغر شأنه فقررت الابتعاد فإنّ لك ذلك ... غير آسف أو عاتب.
كنت أحيانا - بل كثيرا- ما أنظر إلى نفسي في المرآة فأرى غطاءا من الفرح كسى وجهي، وشعاعا من الأمل بدى في عينيّا فأتنهّد وأشكر الله في سرّي على أنّه منحني المرأة التي أجد فيها أحلاما محقّقة وأماني مجسّدة ...
حتى الذين كانوا حولي شعروا بتغيّر حدث لي ... أصبحت أكثر مرحا من ذي قبل، وأوفر نشاطا وأقلّ شرودا ... ولو انّي كنت أشرد قليلا فذلك لأفكّر فيك ...
هكذا كان الحال حين عرفتك ... حين أذكر هذا ابتسم ابتسامة أسى على فقدانه... فلم يعد لي من شيء إلا الذكرى.