بكاء الحنين

فاطمة الزهراء

صباح هذا اليوم استيقظت وبداخلي شوق كبير للصعود لرؤيتها ، فقررت أن أقضي بعض الوقت معها قبل أن أذهب إلى عملي، إنها نبتتي ( زرعتي) العجيبة 

بدأت قصتها منذ زمن بعيد وفي مكان لا أعرفه ، لكنّ نشأتها كانت معي في غرفتي حيث لا توجد شمس كافية لكي تنمو ، ولا هواء نقي تستنشقه ولطالما سقطت أوراقها بسبب شغب الأطفال إلى أن تبقـّى لها ورقتان فقط إحداهما صغيرة والأخرى سقيمة .

عندها قررت أن أدعها تواجه قدرها بنفسها ، فإما أن تعيش أو أن تموت . فوضعتها على سطح المنزل تحت خزان الماء ، ظننت أنه سيكون مظلة لها من حر الشمس التي لم تعتد عليها ومن وابل الأمطار ومن عواصف الرياح .

لم يمض من الوقت الكثير حتى ماتت ورقتاها ...

وبعد عدة شهور قمنا بتغيير بعض قطع أثاث المنزل فأخرجنا القطع القديمة إلى السطح ووضعناها تحت الخزان وفوق أصيص زرعتي الميتة ، ومرت الشهور  ...

في يوم الجمعة الماضي قررت أن أزرع بعض حبات البطاطا التي لا تصلح للأكل فصعدت إلى السطح بعد أن جمع لي أخي كمية من التراب ، وبدأت أنقي التراب لكني وجدته قليلا وليس به سماد ، فقررت أن آخذ تراب زرعتي المتوفاة لأنه مليء بالسماد وكثيراً ما روته مياه الخزان التي تفيض قبل أن نوقف مضخة المياه .

أخرجت الاصيص بجهد كبير بعد أن تكسرت أطرافه وخدشت يدي ...

لقد كانت هناك تطل عليّ ...  ما زالت على قيد الحياة بلا أوراق ، لكنها رغم كل ما مر بها لم تزل على قيد الحياة ! .

شعرت بسعادة غامرة فقررت أن أترك لها بعض التراب بعد أن أغير لها الأصيص ،

قررت أن لا أظللها من الشمس والرياح سأتركها تواجه الحياة بما منحها الله  من صفات ..

بدأت أفصل عنها بعض التراب بهدوء شديد حتى لا أقطع جذورها الصغيرة الرقيقة  أو هكذا خيل إلي  نعم كانت جذورها ضاربة في أعماق التراب ، إنّ ما يظهر منها مجرد سنتيمتر واحد لكن جذرها كان يزيد عن خمسة عشر سنتيمترا

الان عرفت لماذا اشتقت كثيرا إليها هذا الصباح

جلست أتخيلها وقد نمت بفضل الله ورحمته وأخذت تملأ المكان بالهواء النقي والظل الذي لا تمنع منه أحدا ، ليس لها ثمار، فهي لا تؤكل، لكن خيرها يعم الجميع ، إنها كانت تعكس صورتي .

فاليوم خرجت إلى إصيص جديد لأواجه الرياح والشمس، اليوم تركت وظيفتي

ويمر أمامي قول الله عز وجل

ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون .

صدق الله العظيم .