فتح الأندلس
رضوان سلمان حمدان
في رمضان سنة 92هـ كان بدء فتح المسلمين الأندلس، يقودهم القائد المسلم البربري الأصل طارق بن زياد الذي دخل الإسلام منذ سنواتٍ معدوداتٍ فجعل منه الإسلام- الذي لا يُفرِّق بين أبنائه بجنسٍ ولا عصبية- واحدًا من أبرز القادة في التاريخ.
وحين وضع طارق ورجاله أقدامهم على العدوة الأوروبية كانوا يخطون تاريخًا جديدًا للعالم، تعرَّفت فيه أوروبا على الإسلام وحضارته التي نقلتها من وهدةِ التخلف والهمجية إلى عالمٍ فسيحٍ من التقدم والنور.. يقول المؤرخ الأوروبي المنصف جوستاف لوبون: "وإذا رجعنا إلى القرن التاسع والعاشر الميلاديين وجدنا أن الحضارة الإسلامية في إسبانيا كانت ساطعةً جدًّا، وأن مراكز الثقافة في الغرب كانت أبراجًا يسكنها السادة المتوحشون الذين يفخرون بأنهم لا يقرؤون.. ودامت همجية أوروبا البالغة زمنًا طويلاً من غير أن تشعر بها، ولم يبدُ في أوروبا بعض الميل إلى العلم إلا في القرن الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين؛ وذلك حين ظهر فيهم أناسٌ أرادوا أن يرفعوا أكفان الجهل الثقيل عنهم، فولوا وجوههم شطر العرب ( المسلمين ) الذين كانوا أئمة وحدهم".
ويصف رحالة أندلسي في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي هو إبراهيم بن يعقوب الطرطوشي أهل جليقية في شمالي إسبانيا الذين ظلوا بعيدين عن حكم المسلمين ومدنيتهم القريبة منهم فيقول إنهم: "أهل غدرٍ ودناءة أخلاق، لا يتنظفون، ولا يغتسلون في العام إلا مرةً أو مرتين بالماء البارد، ولا يغسلون ثيابهم منذ يلبسونها إلى أن تنقطع عنهم، ويزعمون أن الوسخ الذي يعلوها من عرقهم تنعم به أجسادهم، وتصح أبدانهم"!!
تلك كانت حالهم حين كان المسلمون يشيدون أرقى الحضارات في الأندلس، ويأتيهم طلاب العلم من أنحاء أوروبا لينهلوا منهم، ثم يعودوا إلى شعوبهم رسل حضارة وبناة مجد.. وإن ذلك كله ليصب في صحائف هؤلاء الصائمين الأولين الذين فتحوا الأندلس ففتحوا معها للعالم آفاق فجر جديد.