لا عاش قلبي ..!

أراكة عبد العزيز مشوح

يا أمُّ .. عامٌ جديد وفي عينيكِ نبعُ هوىً .. وبين عينيَّ قلبٌ جدُّ ظَمآنِ ..!

وكلَّما زاد بي شوقي شدَدتُ يدي .. على ضلوعي لأخفي نزفَ شرياني ..

بي منكِ طوفانُ حبٍّ كيف أسترُهُ .. وكيفَ تَسترُ كَفٌّ موجَ طوفانِ .. ؟!

عبد الرزاق عبد الواحد “بتصرف

أراكة عبد العزيز مشوح

[email protected]

وحدهم المتضلعون بماء الفرات .. والشاربون من ثغره ماءه .. والغافون على صدره غيرةً من الشمس أن عانقها وما عانقهم .. المنسابة وجوههم كما ماء الفرات .. الذين يصبحون ويمسون وهم يقولون : حمداً لله أنْ هذا نهر فراتٌ سائغٌ شرابه .. أولئك الذين تحنت أكفهم بطين الفرات .. الذين يعرفون عدد الخطوات التي تركها العابرون على شط الفرات ومضوا دون رجعة .. الذين تتشرب ملابسهم ماء الفرات .. وحدهم فقط يعرفون معنى الدعاء على أنفسهم من أجل غيرهم .. ووحدهم يعرفون معنى أن لا بأس في أن يتوقف القلب عن الخفقان إن كان في توقفه حياة ٌ للحبيب .. ووحدهم فقط من لا يأبهون إن توقف العمر عن المسير أملاً في أن يُكملَ مسيره في قلب من يحبون ..! أولئك .. فقط أولئك يعون معنى : لا عاش قلبي / عمري .. جيداً ..!

أولئك الذين إن عشقوا عشقوا الفرات .. وإن أحبوا أحبوا الفرات .. وإن بكوا بكوا الفرات .. وإن عانقوا عانقوا الفرات .. وإن شكوا شكوا للقرات وحدهم أولئك من يعرفون معنى : لا عاش قلبي / عمري .. !

وحدهم أولئك الذين يعرفون أن الحديث لا يطيب إلا مع الفرات .. وأن الشاي لا يستساغ إلا بماء الفرات .. وأن البكاء لا يحلو إلا بماء الفرات .. وأن أجمل عناق هو عناق الشمس مع الفرات .. وأن الجراح لا تطيب إلا إن غُسلت بماء الفرات .. وحدهم يعرفون معنى : لا عاش قلبي / عمري .. !

وحدهم من يعرفون حق المعرفة أن الفرات ينبع من أي بقعة من بقاع الأرض ويصب في قلوبهم .. هم وحدهم من أعطاهم الفرات من نفسه حتى أعطوه من أنفسهم .. هم يعرفون أن لا غير الفرات من علمهم أن يدعون على أنفسهم .. ولا شيء غير الفرات من علمهم أن استمرار حياتهم في الآخرين حياة لهم .. هم وحدهم من يعرفون معنى : لا عاش قلبي / عمري .. !

هذه الكلمة ” لا عاش قلبي / عمري ” في مناطق الفرات .. والمنطقة الشرقية المتكئة على حدود العراق .. وهي كلمة تأتي بمعنى ” تؤبرني ” أو ” فديتك ” أو ” جعل عيني ما تبكيك ” .. أوهي تعني الدعاء على النفس / القلب / العمر من أجل من تحب .. أي لا ما نع لدي من توقف قلبي من أجلك أو توقف حياتي من أجلك .. أو توقفف عمري كله وجله من أجلك .. لكم أتمنى أن أعرف أول من قال هذه الكلمة .. ترى أي حب وفي قلبه وأي عاطفة في نفسه تلك التي جعلته يبدع بهذه الدعوة على نفسه .. يارب ارحم قلبه .. فإن قلبه كان كبيرا ..

أعتقد أن الكلمة مستخدمة في مناطق غير مناطق الفرات والعراق .. فهناك رواية لكاتبة سعودية : أمل شطا .. أيضا معنونة ب لا عاش قلبي .. تحكي فيها عن المسنات السعوديات في الرباطات الخيرية في مكة ..

أحد الذين أحبهم ويقولون هذه الكلمة .. هي أمي .. تلك التي لو آذاتني شوكة صغيرة لا تُرى .. قالت لا عاش قلبي .. لو وقعت أرضاً قالت لا عاش قلبي .. ولو . ولو . ولو .. قالت لا عاش قلبي ..

أنا لم أذق طعم الفرات حقيقة لكني تذوقته في عناقي لأمي وأبي.. تذوقته في دموع أمي .. تذوقته في حليب أمي .. أنا حينما تبكي أمي أعانقها وألثم دموعها .. فيصب في قلبي نهران .. دموعها .. والفرات .. ثم أقول .. لا عاش قلبي يا أمي .. ولا عاش قلبي يا فرات إن لم أرك ! ..