مائتا مليون فأكثر

مائتا مليون فأكثر

تحسين أبو عاصي

– غزة فلسطين –

[email protected]

مررت على الأمة العربية فردا فردا ، وعددتهم عدّا عدّا ، فوجد تهم مائتي مليون أو أكثر ، عفوا أعتذر للعدد بعلم الرياضيات ، وأعتذر للغة بعدد الكلمات ، فقد طفت بجموع العرب ، البائدة منها والمستعربة ، وجدتهم عشرين رجلا .  

الأول يلعب في النار ، والثاني نائم ، والثالث يمتلك النخوة العربية الأصيلة بأصالة كنعان الأول في القِدَمِ ، فهو يحاول أن يخمد ألسنة النيران ، من بين أيدي لاعبها ، ولا يبالي بلسعات ألسنة النيران تأخذ من جسده مأخذها ، وسبعة عشر رأيتهم متفرجين يصفقون ويهللون ويتمايلون طربا ، كرقص الثمل السكران .

حملقت جيدا فقد حباني ربي بعينتين من فوقهما عينتين ، يعني الناس بعينتين وأنا بأربع والخير كثير والحمد لله بس هات اللي ايشوف .

حملقت بأعيني الأربع فربما لا أرى جيدا ، وتأكدت من أمامي حتى ورَدَ إليَّ عين اليقين ،  فإذا السبعة عشر متفرجا يعلو كل منهم شارب يملأ وجهه ومن فوق وجوههم طبقات من ميكياجات تجميل النساء .

قلت في نفسي أنا لا أجيد غير اللغة العربية ، وأحيانا أحب العنصرية إلى درجة العشق اللاعذري ، فأجيد اللغة الفلسطينية وحدها ، وأكفر بكل لهجات العرب ولغات الأرض ، هكذا علمني الرفع في علم الإعراب وليس العرب ، أن الفاعل مرفوع دوما لا يمكن كسره.

صرخت بهم ، هل أنتم عرب ؟ هل تفهمون العربية ، من أي جنس أنتم ؟

كررت سؤالي مرات ، فلم يجبني أحد ، وحاولت أن أيقظ النائم من نومه ، فإذا به يستيقظ غضبانا فزعا ، فقد شرب قبل نومه جرعات الأفيون ولم يأبه ، وأشار إليّ بسيف الغدر ولم يرحم مني شيبا .

توجهت للذي يلعب بالنار ، خاطبته بالعربية الفصحى لعله يجيدها ، فوجدته لا يجيد من العربية غير النصب والجر والكسر والسكون ، ولا يجيد الرفع .

وعن بُعد سحيق ، نعم سحيق فأنا لا أخطئ بالنظر، كما لا أخطئ بالقلم ، همزني أحد المتفرجين ، فأيقنت أنه يجيد لغة الهمز واللمز والغمز بجدارة ، يا الله ما أشطره ، فقد تعرض لدورة حلاقة في الصالون الأمريكي . ودورة تجميل للسيدات في الصالون البريطاني ، ودورات في وضع الأختام على القفى .

اقتربت منه فقال لي : ويحك ، إننا لا نعيش عصر المباديء بل نعيش عصر المآدب والمباعر ، فمن فوق العرب سماء أمريكا تسقط عليهم كسفا ، ومن تحتهم أرض أوروبا تنخسف يهم ، وإسرائيل تحركهم جميعا كما يحرك لاعب البهلوانات الدمى بخيوطه من وراء أستار المتفرجين ، وكل متعدي على العولمة خسران ، دعنا ننتظر الأختام ، اذهب فأنت نائم تعيش في عالم الأمنيات والأحلام .

فقلت يا رب : ما بال الستة عشر الآخرين ، وتذكرت ما قاله سيدنا لوط عليه السلام : يا قوم أليس فيكم رجل رشيد !!؟

فكتبت لافتة على الطريق لعل الأحفاد يقرؤونها من بعدي في يوم من الأيام :

يا أمة العُرب نحن اليوم في خطر*****هذي فلسطين فيها اليهود قد سادوا

إن اليهود بقُدُس القدس قد عبثوا*****فلا تغفلوا بعدها الفيحا وبغدادا

فلا تغفلوا بعدها الفيحا وبغدادا

فلا تغفلوا بعدها الفيحا وبغدادا