رسالة إلى آدم وحواء
سوزان نبيل الشرايري *
ادم هو ذاك المخلوق الذي يسيطر على حياته مشاعر الحب والعنفوان فتراه يقبل على الحب وكأنه أسطورة يرفض إلا أن يكون هو مؤلفها وراويها وبطلها .
ادم يرى روحه وقلبه معلقة بحواء دوما , يسعى للاقتراب منها لأنه يريدها دوما بجانبه ليكمل حياته وإياها وليسطر معالم رجولته بوجودها معه.
ادم هو دائم الرأفة بها , يخشى عليها ولكنه يعجز في كثير من المرات عن التعبير لها , وكأن الكلمات تأبى إلا أن تظل مختبئة خلف أسوار الشفاه , لعله يفضل أن تظل العاطفة حسناء مخبأة في خدر يتربع على عرش قلبه . أو ربما يرفض أن يشعر بأنه لوحة بيد حواء تلونها وتزينها كيفما تشاء ؛ فهو لا يرى الجمال إلا بها لذلك تراه يوقن انه لا يمكن لأحد أن يكون لوحة جميلة سوى حواء .أما ادم فهو الرسام المبدع , وإن كنت تحبين أن تريه هادئا فلا تنازعيه على هذه المهمة فالرسام مهمته , ومهمته وحده .
وحواء لوحته والحب ألوانه والشوق لمساته وبين خلجات تلك اللوحة الحية تخرج العديد من الإشعاعات التي إما تزيدها اتساقا واتقانا فلا تشبع عين الناظر منها ولا يكف الرسام عن إضفاء المزيد من الجمال عليها , وإما أن يجعلها تبدو وكأنها أمواج ثائرة تعلن رغبتها في الاستقلال عن البحر .
وما ذلك إلا عندما تضطرب معايير تلك العلاقة وضوابطها :
مثلا ادم إذا زاد في لون الغيرة دكونة فإنه يصل إلى مرحلة الشك التي تجعل من حواء فرس هائجة ترفض عمدا أن يروضها رجل , في المقابل إذا زادت حواء في هذا المعيار نفسه فإن ادم يتحول إلى شهاب أرعن ما أن تراه في منطقة حتى يسارع هربا إلى أخرى وكأنه يصرخ قائلا : لا تزال عيناك يا حواء وعلى الرغم من جمالهما لا تأسران عنفوان ادم ,فأنا اعشق الحرية ولا أحب أن أكون إلا حيث أريد أنا لا حيث تجبرينني أن أكون .
ولا ننكر ان هناك إمكانية كبرى للوصول إلى علاقة متوازنة :فرس هادئة أصيلة وشهاب مشتعل بالشوق والحميّة والرجولة .
وذلك بان لا يصادم احد منهما الأخر .فلا تتحدي رجولة ادم بجمالك وأنوثتك يا حواء وأنت كذلك يا ادم لا تراهن على كبرياء حواء وذكاءها .
لأنه سيتجاهل كل منكما الأخر عنوة وربما سيحطمه إن شعر انه يتحداه .
وربما هذه حكاية كل البشر تراهم ملائكة أبرار إن أحسنت إليهم , وإن أعلنت جوارحك عليهم الحرب ,صارت قذائف الكره والعناد تنتقل من معسكر هذا إلى ذاك مخلفة وراءها ضحايا من الطرفين.
*م*ماجستير تربية إسلامية
جامعة اليرموك