الإعصار وشجرتين من السنديان
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
توأمي الروح نشآ بجانب بعض ومع بعض جذورهما ممتدة في أعماق الأرض من ضيعتي التي تطل على جوانب الأرض
هناك كانت تغني شجرة سنديان وعندها شجرة أخرى بنفس لون العظم واللحم والشحم
تآلفا وعانقا السماء
منهما ولد فراخ من بنين وبنات
وربيا الذرية على المعهود في حب الله
كبرا الفراخ بعضهم وتأصلت أعراقهم وشربوا ونموا من تلك الأرض وفي حنان الشجرتين في شجرة واحدة مندمجان بروح الحب والورد
وفي يوم نحس هبت ريح قوية سموها إعصار وحطت حملها وقوتها وثقلها على ذلك المكان
فاقتلعت إحداها من جذورها وأخذتها معها مع فراخ عمرهم كعمر الورد
طارت في الهواء ومعها الولد والبنت وذهبوا بعيد بعيدا جدا
تدور بهم رحى الإستعبا د والظلم
وبقي البطن ثابتا ينادي
ينادي لمن ومن
يازوجي الحبيب وياعمري القديم والحديث أين حطت بك الرياح
أين انت أيها الحبيب
وأنت يابنتي دماؤك طهرت البلاد رموك بنيران الظلم والغل ولم يتركوا لي منك إلا مابقي عندي من الثياب
وأنت يابني ويابني ويابني
لوعتي عليكم طالت وقلبي ممزق في الشوق للجميع
منذ ثلاثين سنة تنادي ولا سامع لها ولا مجيب
من أصلهما, تلكما الشجرتان نمت عروقي وفي ظلهما نشأت
صبرت طويلا يا أ عز النساء ومت مفقودا يا أ عز الرجال
ماض بغيض أيام حيارى
قلوب محطمة ودماء سالت وما زالت تسيل
تنادون بصلح أو تنادون برضى نفس وفي القبور والسجون
الكثير وهل من مزيد ابن عمي وابن خالي والكثير الكثير
رجونا الصلح ورجونا العفو ولكن من يسمع منا القول أو يريد لنا أن نعيش
حياتنا رخيصة يا عرب
حياتنا اندثرت من زمن بعيد
في الماضي كان الإسلام لنا دعما وعدله معنا فتفوقنا على القريب والبعيد
في الحاضر تركنا جذورنا واستبدلناها بلحاف من الشرق او الغرب معلقة في الهواء تذهب حتى مع النسيم
بينما شجرتي السنديان وأمثالهما لم يقتلعها إلا إعصار هب بقوة وكأنه من حديد
كيف نستعيد جذورنا تلك
كيف نروي لأحفادنا حتى يتعلموا المزيد
يلومني الكثيرون منهم فما لك بتلك الأحداث فانتبه للحياة ولا تتبع المزيد
قالوا أنت مخطيء , أقول انا من تلك الشجرة ذات الجذور الممتدة في أعماق التاريخ
قلبي لم يطاوعني يوما, وعقلي لم يقل لي أبدا ذلك القول المملوء بالخوف من الظالمين وسطوتهم فلما الخوف من الشرور وهي واقعة أهربنا ام صمدنا فما من محيص
هربنا في بقاع الأرض كلها وانتهينا بالدلال والحب الرشيد
أمثلة شعبية درجت لرب قائلها شيطان أو مارق أو جبان أو خوان الوطن والدين
لو أعرف قائلها لكنت أعدمته فهو السبب في كل بلاء عظيم
(على قد الحافك مد رجليك. والعين لاتجابه المخرز .والباب الي ييجي منو الريح سدو وستريح )ونسوا المثل الشعبي العجيب (تموت الحرة ولا تأكل بثدييها) ونسوا صمود شجر السنديان والبلوط في الصمود, وخير شجرة الزيتون في العمر المديد والعطاء الكبير.
نسوا كل شيء , نسوا حتى خالد ابن الوليد
نسوا القعقاع ومالوا لألوان الطرب المحلى فمنهم من هام في رقصات البوب وغيرها ومنهم من يسلي النفس في الأناشيد
ومنهم من قال ندعوا عليهم وكلما دعوا انتفض الأشرار لقوة أعظم مما كانت بكثير
الله سبحانه لم يقل لنا إلا:
(وأعدوا لهم ما ستطعتم من قوة ترهبون بها عدو الله وعدوكم.......)
لن نرى نور عدل في أوطاننا , لن نرى سكون نوم حر هانئ في بلادنا , لن نجد إلا الفقر والضياع والهروب واللجوء , كم من الأرواح زهقت من أجل اللجوء بحثا عن الأمان والعيش الرغيد
بلادنا ملأى بالخير كله واهلها لايجدون الرغيف
ياه....ياه,,,,,,,,,,,,,,,ماأتعس حالنا
جبننا صار جبنا وعيشنا صار خبزا وقوتنا صارت تهليل وتكبير للخالد الأبي الرشيد
شعار معظمنا بالروح بالدم نفدي قائدنا , وهذا الدم المفدى وقودا وقوة للقائد وزيادة ظلمه العنيد
من دمائهم المفدي يرتوي ويعيد إليهم:
إما سجن وزنزانة وإعدام وحبس لأمد بعيد وإن أراد أن يرد على كرمهم هذا ربما أعطاهم كسرة رغيف
لن نجد لنا عزا ولن نستطيع أن ننبت السنديان في ارضنا مالم ننفض عنا الخوف والجبن وعبادة العبيد
فالله خلقنا أحرارا ولن نعود لقوتنا إلا أن تكون عبادتنا موجهة فقط لرب العبيد