كُلُّكِ - يا سورية - ناريمان
كُلُّكِ - يا سورية - ناريمان
د.محمد بسام يوسف
خطفوها بعملية احتيالٍ بَطَلَتُها امرأة فاسدة تنتمي لعهد سورية الأسد، التي أوقعت بالضحية البريئة (ناريمان)، بكل خِسّةٍ ونذالة، إذ استغلّت محنتها الخاصة التي دفعت بها إلى حديقة تشرين بدمشق، لتخلوَ مع نفسها، وتبث في داخلها شجونها الصغيرة التي لم تكن تتعدى واقعة فسخ خطبتها !..
كانت تبكي هَمَّها، وتشكو إلى الله حزنها، ولم تكن (ناريمان) الطاهرة المحجَّبة تعلم، أنّ ما يَدهمها من هَمٍّ وحزن، هو من أسهل الأمور لمن قدّر الله له، أن يكون أحد رعايا جمهورية الكذب والعار والفجور الوراثية، التي ملأ حكامُها وطغاتُها أركانَها جَوْراً وفساداً وانتهاكاً لأبسط مبادئ العِفّة والنقاء والطهارة !..
ناريمان هي سورية، بكل شجونها وأحزانها ومصائبها ونكباتها..!..
ناريمان هي دمشق عاصمة الأمويين، التي ابتُلِيَت منذ عشرات السنين بالحشاشين الطائفيين، الذين ينتمون إلى شريحة أفسد خَلْق الله، لأنهم بكل بساطة، مجرَّدون من الضمائر الحية والقِيَم الإنسانية العادية..!..
ناريمان هي سورية الطاهرة، التي دنّس شرفَها أوغادُ العصر الفئويّون، الذين قَدِموا إلى مجتمعنا النقي على ظَهرَيْن اثنين : الدبابة.. وحزب البعث، الذي أتى بفساده على كل خِصلة خيرٍ في سورية الخير والشهامة..!..
* * *
أوّاهُ يا شام.. التي اغتُصِبْتِ منذ أن بدأ ليلُ الثامن من آذار عام 1963م، ولم تَجِدي قاضياً عادلاً يُعيد إليكِ شَرفَكِ المغتَصَب، لأنّ القاضي صار منتمياً بامتيازٍ إلى نادي السفلة المغتَصِبين، فغدا خصماً يرتكب الجريمة بدمٍ بارد، ثم حَكَماً يسخر من الضحية، ويأمر بحبسها وجَلدها، ويهدّد باغتيالها..!..
أوّاهُ يا شام.. التي حوّلها طغاة الطائفية إلى كائنٍ مكشوف الظهر، فتحوّل المحامي الذي يجب أن يسعى لإحقاق الحق وإبطال الباطل.. تحوّل إلى أحد ذئاب الطغمة الحاكمة..!..
أوّاهُ يا سورية.. التي أفقد الأنذالُ مروءةَ الطبيب فيكِ، فبدلاً من أن يكون شاهداً عدلاً على جريمة السفّاحين الفاجرين.. غدا شاهد زورٍ مشترِكٍ في جريمة ترويعكِ واغتصابكِ وبَيعكِ في أسواق النخّاسة، التي يفتتحها يومياً أبناءُ الطغمة الحاكمة الفاسدون..!..
أوّاهُ يا سورية.. التي صار رجل الأمن وجهازه، الذي من المفترض أن يحميَ حِمَاكِ، ويبذل الدم ليدفع عنكِ العدوان والأذى وانتهاك حُرُماتِكِ.. صار عدواً شرساً رئيسياً لكِ، ووحشاً هائجاً مُستبيحاً حِماكِ، دائساً على كل فضيلةٍ خلقها الله عز وجل في الشام المباركة..!..
لا تبكِ يا (ناريمان) الشريفة، ولا تقنطي من رحمة الله، فسورية كلها قد دمّرَها طغاتُها، وحاولوا -عَبثاً- أن يجرّدوها من الفضيلة والخُلُق الرفيع، لكنهم لم يتمكنوا منها، ولن يتمكّنوا بإذن الله، وسيُحِقُّ الله الحقَّ ويُبطِلُ الباطل، فهؤلاء الأوغاد الذين يحكمون سورية بالحديد والنار والجريمة والعدوان والاغتيال، وتدنيس الحِمى بفسادهم وشبكاتهم المافيوية.. هؤلاء الأوباش.. إلى زوالٍ قريبٍ بإذن الحي القيّوم جبّار السماوات والأرضين..!..
* * *
تحيةً مجبولةً بالدم الذي يغلي في العروق.. إلى المحامية الفاضلة (ميساء حليوة).. التي ردّت إلينا ثقتنا بأنفسنا وبشعبنا.. تحيةً إلى التي وقفت قلعةً شامخةً بوجه شبكات الفساد التي يرعاها حكّام دمشق، لتعلّمهم كيف يكون القصاص، ولتلقّنهم ألف باء مروءة الرجال.. وهي تعلم أنّ الوقوف بوجه هؤلاء الطغاة من تجار المبادئ والقِيَم.. ربما يكلّفها حياتها، وحياة أقرب المقرَّبين إليها، في عصر سورية الأسد.. عصر الطغاة والطغيان.. عصر السكارى والحشاشين والوحوش المسعورة..!..
تحيةً تسبقها دمعة.. إلى كل سوريٍ شريف، وكل سوريّةٍ شريفة، يشمخ كل منهما لبنةً في جدار الحق، ليذود عنه، ولينتصر لكرامة (ناريمان) ومثيلاتها من مئات الطفلات والفتيات البريئات، اللواتي اختطفهنّ مختطفو سورية كلها، من رجال الصمود والتصدي والمواقف القومية والوطنية، وأبطال الوحدة والحرية والاشتراكية.. واللواتي ما يَزَلْنَ مجهولات المصير.. وما تزال تمارَس عليهنّ أبشع أنواع الانتهاكات، تعذيباً وحَرقاً وضرباً واستعباداً واغتصاباً، وامتهاناً للكرامة، وبَيْعاً وشراءً.. من قِبَلِ أولئك السفلة، الذين تتشكّل منهم في سورية الأسد الفئوية.. أجهزةُ الأمن وسلكُ القضاء وتشكيلاتُ فاقدي الضمير من المستشارين والمحامين والأطباء، الذين استُولِدوا في ظل البعث الطائفيّ الحاكم، وترعرعوا في دهاليز سورية الحديثة !.. سورية الأسد.. سورية الصمود والتصدي !.. سورية المواقف القومية والوطنية..!..
الخزي والعار، لأجهزة الأمن الأسدية، التي تكتشف خلايا (التكفيريين) المزعومين، وتكشف (جندَ الشام) المزعومة السرّية.. خلال ساعاتٍ معدودةٍ حتى قبل أن يكتشفوا هم أنفسهم.. لكنها تعجز عن كشف جيوش شبكات المافيا العاملة منذ سنين طويلةٍ تحت ضوء الشمس، والمشَكَّلة من مئات الخاطفين والخونة من سرسرية النظام وضباط الأمن والمخابرات، ومن عصابات القضاة والمحامين والمستشارين والأطباء الفاسدين.. الأسديين..!..
الخزي والعار والشنار، لأعداء الحياة والشرف والفضيلة والطفولة والوطن والأمن والطمأنينة، وأعداء المرأة التي زعموا أنهم قدموا ليحرّروها، فأثقلوها بقيود الفئوية والطغيان السلطويّ الجامح، وبرذيلة فقدان الشرف الإنسانيّ، ووطأة فساد الأخلاق والضمير والمروءة والكرامة الإنسانية..!..
(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النور:19).