الحكمة من أفواه البسطاء
الحكمة من أفواه البسطاء
د.انتصار شعير
الإسكندرية ـ مصر
كانت أمى رحمها الله تقف تدعو لأبى وهو خارج لعمله طالباً لرزقه راجيةً له سعة الرزق وسلامة الطريق وفى آخر دعواها تقول ويكفيك شر حاكم ظالم , وعند ذلك نتهكم عليها قائلين أين أبونا الموظف البسيط من الحاكم الظالم , الحاكم يعيش فى برجه العالى بعيداً , شتان ما بين الراعى والرعية , فترد أمى قائلة إن ظلم الحاكم يترجمه كل من بيده نفوذ وسلطان , فترى الطغاة حوله يلتفون و لظلمه يزينون ويمدحون ويصفقون وعلى خلق الله يتكبرون , والمفسدون لا راد لهم يعيثون فى الأرض فسادا, وتضيع الأخلاق وتنهب الأرزاق , وكل من هب ودب يدوس على الغلبان بالأقدام .. اللهم اكفنا شر حاكم ظالم .
فإذا ضاع حق الضعيف فقط لأنه ضعيف , وألصقت التهم بالشريف , وذاق الأمرين صاحب المبادئ والخلق العفيف , وأصبحت غريباً وأنت على أرضك وبين أهلك , وحيل بينك وبين رزقك , فخيرات بلدك بيد غيرك , وحرامٌ عليك أن تصلح , إذا بنيت هدموا بناءك , وإذا تكلمت خرسوا لسانك , ومن الممكن أن يحطموا عظامك , ويشردوا أولادك , فهم دوماً وأبداً وراءك ... عند ذلك فقل اللهم اكفنا شر حاكم ظالم .
إذا منعت من إغاثة الملهوف , وصمت الآذان عن صرخة طفل يصرخ ألماً وجوعا , وعميت الأبصار عن نصرة العجائز والنساء , ومنع عن المرضى الدواء , وأغلقت كل الأبواب والدروب , تصرخ .. فما من مجيب , تسترحم ..من تسترحم ؟ وقد قست القلوب , فحسبهم إقامة الولائم والحفلات لأصحاب الفخامة والجلالة والزعامات , وإن تكلف ذلك ملايين الدولارات , .. الجأ لربك وقل اللهم اكفنا شر حاكم ظالم .
انتهكت حرمة المقدسات , وهودت الأراضى والقرى .. حتى الطرقات , وبارك من هم على دينك هذه الخطوات , واعتصر الألم قلبك , وكبل الظلم حركتك , ومنع عن الأقصى نصرتك , وقلت فى نفسك واحسرتاه على أمة تتجاوز المليار , كبلها بضعة أنفار , ألا يارب اشتدت ظلمة الظلام .. متى يطلع النهار ؟ يارب أيقظ هذه الأمة من غفلتها .. يارب طال الانتظار ... اللهم اكفنا شر حاكم ظالم .