ابتسم .. أنت في الجنة
ابتسم .. أنت في الجنة
د.انتصار شعير
الإسكندرية ـ مصر
كنت فى سفر لإحدى محافظات مصر وفى طريق العودة وبعد رحلة طويلة وشاقة تنفست الصعداء حين وجدت لافتة ابتسم أنت فى الاسكندرية فما هى إلا بضعة كيلو مترات وسوف أجد نفسى فى بيتى إن شاء الله حيث الراحة والستر والاطمئنان وفى هذه الأثناء قلت فى نفسى متى أقول ابتسم أنت فى الجنة فما أشبه طريق الحياة بطريق الأسفار حيث المشقة و القلق من غيب الأقدار وطول الانتظار كسفينة تسير على بحر الأسرار وهاهو وصل القطار فى محطته الأخيرة وأخذتنى الحيرة ترى بعد أن يكون العمر مضى .. أهى ابتسامة الرضا ؟ .. اللهم اجعلها الجنة ؟
إذا زادت عليك الضغوط و الهموم وهربت من ضيق الدنيا لسعة السماء فلم تر إلا الغيوم , لا تقنط لا تسخط استرخ ولو لدقائق و اغمض عينيك وانظر بقلبك إلى جنة ربك .. انظر إلى عظمة القصور.. انظر إلى رقة وجمال الحور ..إلى روعة الزهور والطيور .. ألا ترى الأنهار كيف تجرى تحت غرف الجنة .. أين الهموم ذهبت ولن تعود , هنا النعيم المقيم , هنا الخلود ,ابتسم و ادع الله أن ينقث كربك ويفرج همك .
إذا أصبحت لم تعد قادراً على تحمل تكاليف الحق والصواب و هجرك من أجله الأهل والأصحاب وآلمك عظم المصاب , وأوذيت بسببه فى رزقك , وها هو زرع الباطل ينمو ويشتد عوده وصعب على الحق الظهور ولم ير النور .. طمئن نفسك فما نما زرع الباطل إلا إيذاناً بموعد حصاده , و الباطل زهوق و الحق باق مادام الله باقيا والله حى لا يموت .. و الرزق والأجل بيده وحده .. اثبت غداً ينادى عليك المنادى فى الجنة ويدعوك ربك لترى وجهه الكريم كما ترى البدر فى ليلة التمام أبعد هذا النعيم نعيم .. ابتسم وارض بالجنة .
خاض الناس فى عرضك ظلماً وزورا , وزادهم حلمك تكبراً وغروراً , ولم تستطع رد الظلم وأنت الشريف العفيف , فانتابك شعور بالألم مرير , ووددت لو كنت خلقاً آخر ورأيت هذا الخلق حقير , اصبر واحتسب أجرك على العلى القدير , هل لك أن تصاحب الحبيب محمداً صلى الله عليه وسلم فى الجنة وتجالسه و تحاكيه وحولكما صحابته الكرام تفرحون وتمرحون , أهذا يرضيك .. أهذا يرضيك .. ابتسم واطلب من ربك الجنة .
ابتلاك ربك بالمرض وبعد عيش الصحة والرخاء داهمتك الأدواء و آلمتك مرارة الدواء واستعصى على المرض الشفاء , و سئمت زيارة الأطباء , فما أن تذهب إليهم إلا و يمنعوا عنك أصنافاً من الغذاء وقلت فى نفسك أين الأمل , وتسرب إليك الملل , لاتيأس فما ابتلاك إلا لأنه يحبك وما حرمك إلا ليعطيك خيراً منه وأدوم فها هى فاكهة الجنة دانية عليك ظلالها وذللت قطوفها تذليلا , اطلب ما تشاء وتمنى فلك فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .. ابتسم .. ارض لقد مضى الكثير ولم يبق إلا القليل قل الحمد لله ولك الجنة .
كل هؤلاء فى الجنة إن شاء الله وأنت هل سألت نفسك هل يا ترى أنا من أهل الجنة ؟ .. هل أستحق الجنة ؟ .. ماذا أعددت لها ؟ سترسو سفينة الحياة يوماً ما على شاطئ الآخرة فلا هى أغرقتها العواصف والأمواج ولا ابتلعتها فى البحر الأسرار.. ستأتى الآخرة لا محالة فارقب الله فى قولك وفى عملك وتزود فإن خير الزاد التقوى , ألا إن سلعة الله غالية .. ألا إن سلعة الله غالية .. ألا إن سلعة الله الجنة .