أسئلة تؤرقني

دعاء الشامي

في غياهب الدنيا بحثت في الافاق وفي الصحف ..بحثت في الانهار في البحار في السموات والجبال والوديان في الايات في المنطلقات في السطور في الكلمات ..بحثت في وجوه الرجال في ابصار النساء ..بجثت في سجودي وفي ركوعي وفي تراتيلي وفي ترانيمي ...يا ترى هل انا اعمى ..تعمقت في بحثي وتعمق الجنون في نفسي ...تعمقت في علمي فاحسست بازدياد جهلي ...كلما غصت فيه اكثر شعرت اني  تائه فيه ...في ومضات البرق يكون وفي صرخات رعد يأتي ...

كشعاع يضمره الخجل .. و كحزن يخترق الأمكنة جميعها .. كتيه بني اسرائيل اربعون عاما .. أعيدها أنا اربعون قرنا ممتدة ببحث لا جدوى له .. هكذا أتيقن أحيانا .. و أحيانا اخرى أجده بحثا عن ذات منزوية خلف مضمار جري نحو النهاية ..

لماذا نواصل الجري في أنفسنا .. ولا نعتقها ساعة واحدة من التفكير في ماهيتها .. كل منا يبذل جهده ليعرف أين هو ؟؟ أو لنقل بأنه يحاول أن يعرف ما هو !!! أهي طبيعتنا البشرية المجبولة على حب السؤال .. منذ البداية كان الاستفسار حول المجهول غريزتنا ..

ما هذه الشجرة .. ولماذا !!!!

لكل منا وسواسه .. و شيطان يراوده في كل حركة .. وكل ومضة حنين .. و كل شعلة أمل ..

و صراع للبقاء يسكب جداول رقراقة فوق صفحات العمر .. على دفاتر السنين المتهادية برقة ألم ..

ليواصل لهثا في مدارات الأزمنة .. و ينتظر أريجا مفاجئا .. أو دفعا كهربائيا يفوق شحنات الألم كلها .. يقتل جرعات اليأس التي تضمرها صحراء عيناه ..

من هو ؟؟ من أنا .. لماذا أخطأت الضمائر هكذا !!! لماذا دخلت في متاهات فكرية هكذا .. دع الأمور تجري كما هي .. لماذا علي دوما أن أدخلها قوالب اخرى .. لماذا علي دوما أن اواصل البحث مرورا باليقين أحيانا .. باليأس أحيانا .. باصدقاء أتحدث عنهم .. بلسان حالي يقول كلاما ...

كلها مجريات تنوء نحو المجهول ..

مجهول يخترق الهدف .. يقلب لب الأشياء جميعها ....

أين هي ؟؟؟!!!

يتعبني البحث عن الأزمنة .. عن الأفكار .. عن الشخوص ....

أنتظر برقا ينقذ أشعتي من الذوبان في ظلمة الليل ..

ما عساه يكون ..

أثق دوما بوجوده .. حاملا ذاتي معه ..

فيعبق في أرجاء عقلي انتظار .. و تدور دوامة تحاول أن تسحب شطري الدماغ الاثنان كل الى ناحية تضيع فيها أصول الأمور .. و تتجاذبني كدمية طفل يحبو الى الاكتشاف بشوق ..

أعلم انني على موعد مع الأمل .. على موعد مع اتفاق مصالحة داخلية .. نهضة .. بركان يزلزل الأفكار جميعها .. حنين يجرف معه الوساوس كلها ..

الى حين ألقاك

أقف هنا .. في ذات اللقاء الأول .. في ذات المكان المقابل للحنين دوما ...

انتظر و انتظر برقا يذيب الاسئلة ...