الكرك قبل الوداع

صالح مفلح الطراونه

[email protected]

كم يحزنني أن نودع الكرك المدينه الثقافيه لهذا العام ولا زال بالقلب حديث ولا زال الطريق طويل في كل ما تريد الكرك من ترجمته الى شيء ملموس,فقد عرفتها شقيه منذ

كان صلاح الدين يعتلي أرضها الطهور يقاسم بسيفه وجياده حياضها فتنهض الكرك شامخه بهذ البطل الذي قاد مراحل إنتصارها فكونها مدينه وناس يعشقون الفداء للواجب وينتخون للسائل والمحروم .

وهذا العام قد كرمها سيدها الوطن ومنحها حق الضيافه للثقافه والفنون فكانت مدينة الثقافه لعام 2009 فمضت بكل ما فيها من تاريخ حافل وسنوات من العمل في كل أبوابها تدخل في إتون الحركه الثقافيه لتعبر عن ذاتها وذات كل مثقفيها بدءاً من خالد الكركي الى نايف النوايسه الى معاجم اللغه وتعابيرها المميزه والى كل الحركه المميزه التي لفت قراها وبودايها بين الشعر والقصه والقراءه والغنوه والبحث عن كل جديد المدينه من حيث شوارعها القديمه وأسواقها المبعثره وتنظيم حركة الحياه بوسطها الجاثم على كثير من الذكريات فأحيان يستفزنا حصان صلاح الدين وما حصل له من تآكل وغياب لمعنى وجوده وسط المدينه أن يكون مزار لكل القادمين لهذه المدينه المميزه بكل تفاصيل التميز وأحيان يستفزنا مدخلها المتآكل من الحفر والمطبات وكأننا لم ندرك إن بداخلها حركه يعجز القلم عن وصفها حركة الثقافه وكل تفاصيلها الجميله وهي تستقبل وفود من خارجها وداخلها بإسم الوطن وهي التي كانت ذات مساء وصباح عاصمة الوطن يوم كنا نحتاج أن نقرأ حركة التاريخ جيداً بعيداً عن ذوي الرؤوس المؤدلجه التي عادتاً تقرأ التاريخ بغير محله , ولا زلت القلعه ذاتها القلعه التي فيها حركة صلاح وجيوشه يمرون من بابها القديم ويحصنون أنفسهم وموجوداتهم بقلعتنا التي ترمي كل مكنونها بمتحفها الجميل .. تمضي اليه وبنفسك لو يطول الحديث هناك فهناك حركة التاريخ الناصع لهذه المدينه ثم تحاول أن تخرج من المدينه وبودك لو أصبحت ووجدتها غير مما هي عليه الآن رغم كل هذه الكتب والدوريات ورجال الثقافه على مختلف افكارهم ورؤاهم وميولهم ومذاهبهم ..

تذهب الى حيث المزار الجديد ومؤته صهيل الخيول وجمر الصدام الأول  لتاريخ الرساله يوم احتاجت القياده الى طرح رسالة الأسلام من أوسع ابوابها فتجد المزار القديم قد رحل وما عدنا نجد رائحة شيخ المجبرين (كريم النوايسه ) وما عدنا نجد رائحة مسجدنا القديم المزار وما فيه من أضرحه حولتها السياسه الى مزارات ودماء وكأننا في كربلاء ونجف فتجد قوائم من الأعمده تتوه في البحث عن مكان تجلس بقرب كّبار السن وهم يسبحون ويجالسون الخضار الممتد في باحة المسجد , والى مؤته فقد حولتها الوجوه الجديده بالقيافه والهندام الى مزار للقراءة والكتابه ولباس التخرج وحسب فنسينا (يوم القتال والشهاده والفداء ) .

قبل الوداع أستميح الدمع أن يمضي الى حيث مرقد كل الأوفياء لرسالة الكرك الثقافيه الذين نذروا أنفسهم منذ اليوم الأول لأختيارها إنهم تواقون لطرح رسالة الثقافه بكل أبعادها عبر كل الأعوام وليس بعام 2009 وحسب أعتقد إنهم يدركون جيداً اننا نرفض أن نكون بمفهوم الدوريات بمفهوم الثقافه لمدننا الأردنيه كل عام ونطوي صفحة الثقافه من تاريخنا بل كل يوم نجدد البيعه مع الثقافه والفكره والشمول بالبحث عن جديد المدينه وناسها وشوارعها وحاراتها القديمه ونجدد البيعه لتاريخ المدينه وصلاح الدين ونجدد البيعه لكل ما تحتاجه المدينه من ترتيب بيتها الثقافي بما هو جديد وبما هو متوافق ورسالة الكرك النهضويه عبر تاريخها الحافل بالنصر والمؤازره

قبل الوداع أشعر بغيم خريفي يحجب الذاكره ..

وأبيات من شعر الشاعر الأردني حبيب الزيودي تقول ..

ترى هل طوانا إنتظار المواسم ..

أم إن درب الجنوب قد طوانا ..

كلانا يفتش عن قلبه ..

وضاع على الدرب هوانا ...