الشعوبيون إذ ينتقمون من الحجر

الشعوبيون إذ ينتقمون من الحجر

عقبة مشوح

بغداد عاصمة الخلافة الغائبة

عاصمة الحضارة

بل عاصمة العالم آنذاك

منبع العلم والثقافة

بغداد كانت وكانت

وكانت كل ذلك

حتى أصبحت ماأصبحت عليه اليوم

حزن ودمار

غربة وضياع

مأساة ودموع

فهاهي عاصمة الرشيد

تعاود تجرع النكبات

جيلاً بعد جيل

وقرناً بعد قرن

وأمة بعد أمة

فحق للشعراء أن يتغنوا بمأساتها

أبياتاً مكتوبة بالدم والدموع

وممزوجة بالحزن والألم

وحق للشاعر

أن يُعيد اليوم

ماقاله منذ زمن طويل:

"منذا أصابك يا بغداد بالعين؟

ألم تكوني زماناً قرة العين؟!"

وهاهي مدينة أي جعفر المنصور

وفوق كل ماأصابها

يُدنس ثراها

أحفاد أولئك الشعوبيون

هاهم أحفاد العلقمي والخراساني

يعودون لينتقمون

يعودون لثأر قديم

منذ مئات السنين

يعودون وكلهم حقد على أهلها

ولكنهم بكل خسة وجبن

لا يقدرون إلا على الحجر

يعودون فيقتلعون تمثال أبي جعفر

ويفجرونه

يعود أبو مسلم فيقتص من قاتله

أو هكذا يظن

لكنه حجر وصنم

إذا زال فلن تزول الروح

ولن يزول المعنى

ولن تزول الهوية

ولن تزول الحضارة العربية

التي مابرحت ولن تبرح من بغداد أبدا

مهما تآمر الشعوبيون

ومهما حطموا من تماثيل وأحجار

(فأما الزبد فيذهب جفاءا،وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)