(كأن يكون... في انتظار الزحف الصحراوي)
(كأن يكون... في انتظار الزحف الصحراوي)
قصاصات...
صالح أحمد
ويقال كان لي صاحب!!
او ..كأنما كان ليكون...!
فإنما خلته كان...فعشت ليكون....
فما قيمة الشيء ..اي شيء اذا لم نعشه شوقا وانتظارا حتى يكون؟
ومحبة وتطلعا لما هو صائر حين يكون!
نحن شعب زيّنا التاريخ ..نعم!!
برحناه وتفرجنا عليه ردحا من ايامنا ..وفصولنا وقروننا ..وقروحنا ..نعم!!
جعلناه وشما على جلودنا وجباهنا ..ووقفنا نرسم ملامحه فينا بريشة العبث والاقدار ..نعم!!
وكم تقنا لنقوده الينا ..وقد عجز ان يقودنا اليه..او يقودنا معه ، فما وجدنا اطارا في زماننا يلائم عجلته وما وجد هو مقودا يلائم اعناقنا المعوجة المنكسرة.
لذا .. لا امل بأن يعود ابراهيم الخليل عليه السلام.
بل... قل مستحيل ان يعود ...لانه لا يلائمه العيش وسط شعب فراشي ( من الفراشة) الجناح ، شرنقي( من الشرنقة) الانفاس..وهو القلبي ( من القلب) الكيان ، ذو الصبر الطويل والنفس الاطول.
قال طاووس لذبابة كانت تحوم على باب حديقته:
لن تدخلي حديقتي الا على ....جثتي..
فقهقهت الذبابة في سرها قائلة: « ونعم الوليمة..وليمة تستحق المغامرة».
وبينما كان الطاووس يغيب عن الوجود والواقع خلف كبريائه المتمثل بذيله المنقوش الريش ، كانت الذبابة تمارس انتصارها متمثلا بالجرثومة التي تمكنت من نتف ريشه بكل هدوء.
قل لي بربك:
كيف حصل ان بتنا نسكن التاريخ ..ولم نحفظ تضاريسه؟!
واما تضاريسه فلا ينبيك عنها مثل متنبي الكلام وهو يقول:
ولا تحسبن المجد زقا وقينة
فما المجد الا السيف والفتكة البكر
فيا حسرة علينا .. ما عدنا عرفنا من البكارة الا الميتة البكر ..تطالعنا في كل مكان وزمان في بلادنا..
وحتى الصحراء امنا التي لطالما تغنيّنا بطهر بكارتها ، باتت نهب كل جبان وخوان ومضغة كل لسان بعد ان مارس الخطيئة ابنها عليها وادعى انه « لم يعرف بها ساكن رسما».
« فاجعل قلبك موردا للحب والرحمة..فلا يوجد احد لا يقدر عليه احد».
كذا لا يوجد صعيد لم يدس عليه احد..
كذا لا يوجد تراب لم يدفن فيه احد..
خرج ثعلب يتنزه مع زوجته ام الحصين ..فمر بأسد ميت فقال ابو الحصين لأم حصينه:انظري الى هذا المتكبر ..كيف قتله كبرياؤه.
وبعد خطوات مرا بحمار نافق فقال: انظري الى هذا العنيد ..كيف قتله عناده.
فتطلعت اليه دودة من الارض وقالت: ولكني لم اجد فرقا بين جثتيهما عندي!!
ففكر الثعلب مليا.. وهمس في نفسه: أيعقل أن تستمرئ الدودة دهائي كما استمرأت كبرياء الاسد وعناد الحمار!..
سحقا للشيطان ..سحقا سحقا..
لن تكف الرياح عن الهبوب...
وكذا لن تكف الصحراء عن الزحف ..
فلم تراني ابتعد كل هذا البعد عن صدر أمي !!
- اصيبت دجاجة بعمى الألوان فباتت لا تميز بين احمر واصفر فجاءها في ليلة ليلاء .. سوادها شر ... وبردها قرّ ... وريحها صر ... ذكر بوم غَرَّه فيها الغرور ... فأصر على الغدر بها اصرارا ... فنفش ريشه أي انتفاش ... وانعش شره أي انعاش ... وتقدم من المسكينة ...وصاح: افتحي لزوجك يا مصون ... ولجهلها فتحت خدرها ... وبخبثه لوث طهر الحب في صدرها ...
وماذا يفيدها انتظار الخليل ... الذي لن يعود ...
وحتى ... وإن عاد بعد حين ...ففيم تفيد فتواه يا ترى ... هذا اذا سمح لنفسه بأن يفتيها ...
رحمك الله من قائل : نحن شعب الضاد نعرف البدايات فقط .. واما النهايات فتركها لغيرنا .
كأن يكون في تركها ... اقصد النهايات... راحتنا ...
او ... كأن يكون في ابتداع البدايات او افتعالها بتعبير ادق ... فخرنا ..
فما اشطرنا في اختلاق القصص .. وما اسرع ما نهب لنستفتي غيرنا في مصير ما ابتدعنا .. او مصيرنا معه .. فنحن شعب نستفتي كل شيء عن كل شيء ... لنخرج في النهاية بلا شيء !!
سأل مجنون عاقلا : من تكون ؟
قال : انا انت قبل ان تكون.
فرد المجنون قائلا : تقصد ان تقول كأن يكون كل كائن انا ... وكل انت كائن .. وكل انت انا ؟ فقال العاقل : كأن يكون قد فهم ، كأن يكون .. كأن يكون ... كأن يكون .