رمضانيات-12

رمضانيات

12

الموعظة وضرب المثل

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعين على توضيح مواعظه بضرب المثل مما يشهده الناس بأم أعينهم ، ويقع تحت حواسهم ، وفي متناول أيديهم ، ليكون وقع الموعظة في النفس أشد ، وفي الذهن أرسخ . ومن الأمثلة على ذلك ما رواه أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ  قال :

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :

{ مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة : ريحها طيب ، وطعمها طيب ،

ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة : طعمها طيب ، ولا ريح لها ،               

ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة : ريحها طيب ، وطعمها مر ،

ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة : طعمها مرٌّ ولا ريح لها .}

فالناس كما قسمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أنواع ، والسامعون يرهفون السمع ، يريدون أن يتعرفوا هذه الأقسام الأربعة ليوازنوا بينها ، ويحددوا في أي صنف يكونون .

وهذه الموازنة تجعلهم يرغبون بالتعرف على سمات كل طائفة ، ومن ثمَّ ينضمون إلى الطائفة المرجوة

فما أبلغ الترغيب في المثل الذي ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أزجر التحذير من الشر !

جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وقال : يا  رسول الله ، كيف تقول في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم ؟ قال – صلى الله عليه وسلم :  { المرء مع من أحب }

فذهب رد رسول الله مثلاً يقال في كل موقف مشابه ، وازداد المسلمون حباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيما يكونوا معه في الجنة .

وبما أن الإنسان يريد أن يكون مع الصالحين ،  وقد يكون قصر عنهم في أعماله - وليس في الإسلام يأس من بلوغ الدرجات العلا – فعليه أن يحبهم ويواليهم ليكون في زمرتهم يوم يتخلى كل خليل عن خليله إلا خليلَ الإيمانِ والحبِ في الله .

روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يدخل الجنة قتات }

فذهبت هذه الجملة مثلاً يذكر كلما ذكر النمام وفعله ، أو تحدث الناس في أخبار النمامين والواشين والكاذبين ، وتعوّذ الناس من مصيرهم ، واجتنبوا أن يكونوا مثلهم .

وما أجمل قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم للأقرع بن حابس - الذي رأى رسول الله يقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما ، فقال : إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحداً منهم - : { من لا يرحم لايرحم } .

جملة طبقت الآفاق وتداولها الناس في مجالسهم { من  لا يرحم لا يُرحَم } إنها دليل الرحمة في الإسلام وطريق الوصول إلى رحمة الله بنا ، وكما تَدينُ تُدان .