طلاسم المثقفين

 منصور جبر / جدة

[email protected]

الحالة الأدبية والثقافية في دولنا العربية يُرثى لها ، وتكاد تصل إلى مرحلة الحشرجة لولا لطف الله بها .. أحياناً أطالع بعض الصحف والمجلات ، وأقرأ مقالات عديدة ، أو مقابلات شخصية ، أو روايات قصيرة ، أو قصص أدبية ، أو مقطوعات نثرية لبعض أدعياء الثقافة والأدب فأعجب .. وينتابني شعور بالغثيان . لا أدري أوَصَل بي الجهل إلى درجة أنني لا أفهم ماذا يقولون !! أم أن بعض مثقفينا وناشئينا من الكتاب والكاتبات الشباب أصبحوا مشعوذين وسحرة فهم يتكلمون بكلام وألفاظ غير مفهومة !! أم هي حالة هستيرية اجتاحت الساحة الثقافية والصحفية باسم الثقافة والأدب والإبداع !! أم ماذا يا ترى ؟!! الله أعلم !!

قرأت الكثير من المقالات لكُتّاب ومثقفين يدّعون الإبداع والتميّز ولكنني لا أفهم في أحايين كثيرة ماذا يريدون !! ولا إلى أي شئ يهدفون !! اقرؤوا القرآن وانظروا كيف هو سهلٌ وممتعٌ وجميلٌ : { ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر } ، واقرؤوا أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام كلامه سهلٌ وجميلٌ ورائعٌ يفهمه العالم والمتعلم ، الكبير والصغير ، الذكر والأنثى ، الأعرابي والبدوي .. " أيها الناس أطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وأفشوا السلام ، وصلّوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام " . هذا كلام أبلغ البلغاء ، وأعلم العلماء ، وأذكى الأذكياء صلى الله عليه وسلم . ثم خذ جريدة أو مجلة واقرأ في الملحق الثقافي . أو اذهب إلى مكتبة وتصفح القصص الأدبية أوالروايات العربية أوالخواطر ( العصرية ) وتأمل فيها .. وإذا فهمت شيئاً أريد منك التكرم بإعطائي دورة في تفكيك عباراتها وألفاظها ( بالمقابل ولا عليك ) . وأنا أقترح بأن تقام دورات سريعة وطارئة للأجيال الجاهلة ( مثلي ) تخصص هذه الدورات لتفكيك عبارات الجيل المثقف الجديد حتى نعي ماذا يقصدون .

وأذكر أنني قرأت في مجلة الناقد نقلاً عن الأسبوع العربي كلمة لألبير قصير يقول فيها : " في أوروبا اعتقاد سائد بأن الكتابات المعقدة قد تعني الموهبة . عندما لا نفهم ما تقول معناه بأنك كاتب موهوب ، وعندما يفهمون كتاباتك يقال بأنك لست كاتباً مهماً " . فوجدت كلامه أيضاً ينطبق على الساحة الثقافية والعربية ، وهو هو ما أقصده وأعنيه ..

اختر ألفاظاً من القاموس المحيط أو لسان العرب أو من أي كتاب أو حتى من خيالك وإن كنت أنت لا تفهمها أصلاً ، ثم امزجها ببعضها وركّب جملاً واجعلها ملخبطة كيفما تشاء وارسلها لمجلة أو صحيفة وسترى ماذا يُقال لك .. ربما تحوز على جائزة نوبل ( لكن النصف بالنصف لأنني أنا أخبرتك بهذه الخلطة السرية ) . ولو كنت مجهولاً لا يعرفك أحد حتى لو جئت بإلياذة بديعة ، أو قصيدة فريدة ، أو مقطوعة رائدة .. فإنك مجهول وربما ترمى كتاباتك في سلة المهملات أو المحذوفات حسب لغة ( النت ) . ومن لطيف ما قرأت في هذه المناسبة يقول خالد المعالي : " أرسلت مرة قصيدة لأدونيس باسم مستعار إلى إحدى المجلات وكان آنذاك شاعري المفضل ، وعندها رفضوا نشرها ، ونصحوني بالإكثار من قراءة شعر الرصافي ونازك الملائكة " . صدقوني أن كثيراً من الرقباء على الصحافة أو المسؤولين على الصفحات الأدبية والثقافية جهلة وبعضهم عوام يأتون بالطوام إلا من رحم الله وقليل ما هم .

ختاماً إليكم مقطوعة أدبية ثقافية من عجائز أفكاري :

أنت في دائرة الفسيولوجية الديناميكية ، لا تروي عصب المجتمع بأحاديث الأطر الممغنطة ، على أوتار الحب ، لأنك في قمقم الضوء البرتقالي ( خلّيلي حالي ) وربما لا ننفك من حدس الهوس اللاهث وراء النفس الممتزجة بالحب والخيال . إننا لا نريد من الشوق سوى أن نطير في عيون الشعر الأسود ونركض في جدار الكيف حالك .

وعليكم السلام والختام . ( يا رب جائزة نوبل في الأدب     . (