مهارات التفكير والبرمجة العصبية
مهارات التفكير والبرمجة العصبية
هيام فؤاد ضمرة
إن خطوة العبور عبر بوابة الألفيّة الثالثة كانت خطوة مهمة تختلف عنها في أي من خطوات التقدم الأخرى، ليصبح المجتمع المعاصر أكثر حاجة وأوسع استيعاباً للمهارات الخاصة المتلائمة والتقدم الحضاري المتسارع في هذا الزمن.. وأصبحت مهارة التفكير ضرورية لتكيف الأشخاص مع مجتمعهم من ناحية، وفاتحة ناجحة لتحقيق الأهداف وفق الطموحات العالية من ناحية أخرى، إن تنمية مهارة التفكير والتحول إلى قوة التركيز وتفعيل الذاكرة يمنح الشخص فكراً علمياً حاضراً، ويطور الشخصية بعمومها، ويبث فيها القوة والثقة.
ومن المعروف أن الطموح إلى مستوى أعلى وتحقيق النجاح يحتاج إلى همة عالية، وخوض التحديات من خلال فلسفة ناضجة في نظرية بث الدافعية الذاتية وحسن التفكير والإرادة، والسعي الجاد نحو الإنجاز الناجح، يصنع فرحاً عظيماً بتحقيق هذا الإنجاز، والفرح يتحول إلى قوة داخلية ذاتية تضاعف في الشخص دافعيتة إلى حصد النجاح الأكبر.
يقول الخالق العظيم في محكم آياته )إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم( الرعد الآية 11. والتغيير المطلوب هو تطوير الشخصية وتفعيل عملية التفكير لتكوين أشخاص متميزين، ويبدأ التفكير العملي ببث القوة الذاتية متعرّف الشخص على مكان وجوده في حياته النفسية والمادية والفكرية وتعلم أسلوب التركيز، فأي شيء يتم التركيز عليه يستحوذ على الأحاسيس، وعلى هذا فمن الضروري بمكان أن ينظر المرء في الإيجابيات، لأن الإحساس بالإيجابيات يجعل الحكم إيجابياً، ولأن الاعتقاد يصبح إيجابياً.. فمن الضروري أن تمنح نفسك السلام الداخلي من خلال تعزيز إيمانك بالله الواحد الأحد، وأداء الواجبات الدينية نحو الخالق لتتيح لنفسك امتلاك حالة الصفاء النفسي، والراحة الاطمئنان.. وعندما تصل إلى حالة الاطمئنان يصبح تفكيرك أكثر تركيزاً وأعمق شعوراً، لأنك في هذه الحالة تضع نفسك في حالة توقع إيجابي.. فالذي يفكر بإيجاب يحصد نتائج إيجابية، والذي يفكر بالسلب تنعكس سلبيته على أدائه وتفكيره ولا يحصد سوى سلبٍ، وهذا ما يجعل بعض الأشخاص يتواصل نجاحهم وارتقاؤهم، بينما بعض الأشخاص يتواصل فشلهم وتأخرهم عن الركب، فكيفما برمجت داخلك تنعكس صورة ما تكون داخلك وفي ذهنك على عالمك الخارجي. وهذا ما أورده سقراط في القصة التالية للدلالة على تأثير المعتقد الداخلي على الرؤية الخارجية.
فقد جاء سقراط رجل يستشيره في رغبته الانتقال من بلده الذي كان به إلى هذا البلد، فسأله عن حالة الناس الذين تركهم خلفه، حتى إذا كانت فكرته (سلبية) نصحه أن يبقى مكانه ولا يرتحل، وإذا كانت فكرته (إيجابية) نصحه أن ينتقل إلى هذا البلد، لأنه سوف يحمل أفكاره المسبقة ويسقطها على العالم الجديد الذي سينتقل إليه، فإدا ما كانت فكرته إيجابية فسيرى أهل البلد الذي سينتقل إليه بالصفات الإيجابية، وإذا ما كانت عكس ذلك فسيراهم بصفات سلبية، فينصحه سقراط حسب فكره المسبق.
والدورة الذهنية تبدأ في نقطة التركيز في الدماغ (نقطة التقاء المخ الأيمن والمخ الأيسر من الأمام) وتبداً بدورة أولى هي الأعلى واسمها (بيتا) بشكل موجات من 14 – 28 دورة في الثانية، وهي مرحلة التفكير العميق، وتأتي في أول النهار.. تتبعها موجة (ألفا) من 7 -14 دورة في الثانية.. وهي مرحلة الاسترخاء التام، وتنتهي بموجة (دلتا) من 0 – 3 دورات في الثانية وهي مرحلة الموتة اليومية(النوم).
ويحتاج الشخص إلى 186 دورة بين استقبال المعلومة وتحليلها والتركيز فيها، ومقارنة التحليل بالمعلومة السابقة، ثم اتخاذ القرار، وذهابها إلى مخزن الذاكرة لاستخراج مفرداتها واتخاذ رد فعل القرار، وهذه الدورة أسرع من الضوء في حدوثها.
ويتوضح مما سبق عرضه مدى تأثير الاعتقاد على السلوك، ومدى أهمية غسل السلبيات داخلك قبل أن تذهب إلى نومك، وإن ممارسة رياضة الاسترخاء تساعدك في التخلص من كل شوائب التفكير السلبي، فتضمن نوماً هادئاً واستفاقة نشطة ونفسك تطفح تفاؤلاً، ويمكنك حينها أن تقيم نفسك تقييماً إيجابياً، وتبث في نفسك الدافعية للنجاح، وتجعل تفكيرك أكثر تركيزاً وأكثر فاعلية.
في حالة ما إذا تعرضت إلى مشكلة، لا تركز على المشكلة نفسها، ولا تجعلها جزءاً منك، ولا تكن أنت جزءاً منها، افصل نفسك عنها، فلن تستطيع أن تحلها وأنت داخلها.. مارس رياضة الاسترخاء والنفس العميق، واعتقد وآمن بقدرة الله، وأدرك واقعك وتحسس قدراتك، واستخرج أحاسيسك الإيجابية وضع نفسك في حالة التفاؤل، ثم فكر في الهدف وهو (حل المشكلة ) وركز عليه، واذهب إلى ما وراء المشكلة يستنر لك طرق الحل.
فمن الضروري إدراك قوتك الذاتية في مواقع الحياة النفسية والمادية، فوجودك في الحياة مرتبط بالتفكير، والإنسان يمتلك قدرات هائلة خفية، فقط عليك أن تبحث داخلك بقلب مؤمن حتى تعرف قيمة الحياة التي تعيشها.. حينها ستحبها كثيراً.
والطريقة المبتكرة في مهارة التفكير.. تصنف إلى مجموعة من المهارات الجزئية ليسهل التدريب عليها:
1 – جمع معلومات دقيقة ومؤكدة.
2 – تصنيفها وتبويبها وتقويمها.
3 – إجراء مقارنات بين الأفكار والخصائص والمميزات.
4 – وضع قائمة الأسئلة المتعلقة بالموضوع.
5 – البحث عن الأجوبة الصحيحة.
6 – وضع عدة تصورات للأجوبة والبدء بأكثرها أهمية.
7 – تحديد تصوراتك لإمكانية النجاح، ووضع حلول في حال الفشل (واجه كل التنبؤات).
8 – استخلاص أهم النتائج، والتوصل إلى أفكار عامة، ثم البدء بتحقيقها.
9 – استخدام أسلوب دعم الذات نفسياً.
10 – التحدث بثقة، والتحرك بقناعة، ولتكن جاهزاً للإجابة على أي سؤال.
11 – الاختلاط على الدوام بالمبدعين والمتفائلين، فإن هناك عدوى سارية للنجاح.
12 – الإيمان بما اتخذته من قرار بعد هذه السلسلة من الاحتياطات، وعدم خشية رد فعل الناس لأن بعض الناس في طبعهم مقاومة كل جديد مبدع، والبعض يمتلك نفسية حب تعطيل خطوات الآخرين.