العبيد
أمير أوغلو / الدانمارك
البارحة تم القبض على أحد أعضاء نادي الإثني والعشرين وهو النادي الذي يضم أصحاب
المزارع الخاصة التي كانت تسمى عربستان , وهي المزارع الوحيدة في القرن الواحد
والعشرين التي مازال فيها نظام الرق والعبودية ساري المفعول ومازال العبيد فيها لا
يجرؤون على الثورة أسوة بسبارتاكوس, ولا على الاعتراض أسوة بمانديلا , ولا يسمح لهم
بفتح أفواههم إلا لحشو معدتهم بالطعام والشراب ليقوموا في اليوم التالي بخدمة صاحب
المزرعة دون تذمر ولا شكوى ولا مرض
في المزرعة التي تم القبض فيها على صاحبها القديم لم يقم العبيد بهذا العمل الخطير, وإنما قام به صاحب المزرعة الجديد الذي نهبها قبل مدة وسرقها من صاحبها القديم الذي ظل هاربا لمدة أشهر وقع بعدها في فخ المالك الجديد بمساعدة بعض العبيد ممن تحولوا إلى ملكية المالك الجديد وقاموا معه باغتصاب المزرعة طمعا في المزيد من العلف يقدم لهم وطمعا في أن يكونوا مقربين من المالك الجديد .
في بقية المزارع جلس العبيد الآخرون يحملقون في شاشات التلفاز وهم يحلمون : البعض يحلم بيوم كهذا يرى فيه صاحب مزرعته يقاد ذليلا إلى الأسر , والبعض الآخر يحلم بمالك جديد كالمالك الذي حظيت به المزرعة المذكورة لأنه سمع أن المالك الجديد يدفع أكثر للعبيد ولا يقتلهم ولا يعذبهم كثيرا كما كان يفعل المالك القديم , والبعض لم يعجبه لا المالك القديم ولا المالك الجديد وكان يفكر بالثورة والتحرير وتغيير واقعه بيده , ولكنه يتذكر دوما قول الحكماء من العبيد الذين ما فتئوا يرددون على مسامعه بأنه خلق عبدا ويجب أن يظل عبدا وأنه لا يجوز القيام بتغيير صاحب المزرعة ولا يجوز الإعتراض عليه لأنه هدية الله لعباده في الأرض ولأنه أفضل الموجود ولآن حال العبيد في هذه المزرعة أحسن بكثير من غيرهم في المزارع الأخرى ولآن تغيير صاحب المزرعة أو المطالبة بالمزيد من الحرية سيؤدي إلى فتن لا يعلم مداها إلا الله , ومنهم من كان يقول له يجب عليك أولا أن تتقن عملك في المزرعة وأن تحاول إرضاء المالك بكل الوسائل وعندها سيقوم المالك من نفسه بإعطائك الحرية وربما تخلى لك ولأمثالك من العبيد المطيعين المجتهدين عن المزرعة كلها, ألا ترى أنه كبر في العمر ونال كل مايريد من الدنيا ولا بد أنه سيتخلى لكم عن ملكية المزرعة إذا رأى منكم أنكم أصبحتم أهلا للتملك والتمليك فلا يستطيع عدو أن ينتزعها منكم ولا يستطيع أحد أن يستغفلكم فيعيدكم إلى ربقة العبودية ثانية , ولكن المشكلة أنكم لا يظهر عليكم مثل هذا الإجتهاد ولا مثل هذا الجد ولم تستتحقوا بعد هذه الحرية .
في زاوية منعزلة في إحدى مزارع العبيد جلس عبد يبكي وهو يتفرج على شعب من الأحرار في ولاية جورجانيان القريبة يقوم بتغيير رئيسه دون قتال ولا سفك دماء .