السيرورة في الشعر الإسلامي الحديث (2)

السيرورة 

في الشعر الإسلامي الحديث (2)

الشاعر وليد الأعظمي نموذجاً

بقلم: محمد الحسناوي

القضايا العربية

وعلى ذكر (قومنا) تلحظ وفرة الاهتمام بقضايا العرب(10) بالنسبة إلى قضايا المسلمين لأسباب كثيرة منها أن جمهوره الذي يخاطبه في المحافل والنوادي والشوارع وفي مخيلته هو جمهور عربي، فقـد تكـرر نداؤه بصيغة (ياقوم، يا قومنا) أكثر من (13) ثلاث عشرة مرة في ديوان (الشعاع)(11) وأكثر من (20) عشرين مرة في ديوان (الزوابع)(12): (ص 136)

فيا قوم خَلُّوا النَّومَ  عنـكمْ وسارِعوا    إلى اللهِ في ظلِّ الرَّسولِ مُحـمدِ

 وسيروا إلى العلياءِ وأحمُوا عَرينَكمْ    فقـد آنَ أنْ نَحـيا حياةَ تَجـدُّدِ

ونادى مُنادي الحقِّ يـا قوم فاسمَعوا    لقد خابَ من لم يتّبِعْ شَرْعَ أحمدِ

القضايا الاجتماعية

من الموضوعات الاجتماعية التي اهتم بها شاعرنا إنصاف (المرأة)، وتمجيد العلم والعمل والعلماء ورجال الإصلاح، ودعوته إلى العدالة الاجتماعية، وإلى التحلي بالأخلاق الحميدة ونبذ (التفرنج)، ودعا إلى تكريم (المعلم)، وانتقد علماء السوء في قصيدة كاملة (الشكاية): (الزوابع: 86)

عُلماءُ دينِـكَ يا  محمدُ قد لَهَوا    بالدينِ حتّى ضاعتِ  الأحكامُ

تَركوا التفكُّرَ في أمور  فلاحِهم    فـكأنَّهم بـجمودهِمْ أصـنامُ

لا ينطقونَ الحقَّ فـي بَلَدٍ بـهِ    من دون ربّكَ تُـعـبَدُ الحُكّامُ

طافوا ببابِ أولي الإمارةِ مثلما    طافـتْ ببابِ كناسِـها الآرامُ

تركوا المعالي قاعدينَ  ودونَهم    نحو المعالي يركضُ "الحاخامُ"

البائعـون فـلاحَهم  بدراهـمٍ    يا ويحهَمْ خدعتهمُ الأوهـامُ(13)

الهجاء

لعلك لاحظت أن الشاعر قد مزج هجاءه بألوان من السخرية والتعريض، هو لم يُسمِّ اسم المهجو، لكنه اشتد في تعنيفه وفضحه، وهكذا شأنه في بقية هجائه الذي يحتل مساحة واسعة في شعره السياسي والاجتماعي، ونراه يتدرج من الهجاء المقذع إلى درجات التبكيت والسخرية والتعريض، ومن هجائه المقذع شتائم يصف بها المهجو بصفة من صفات الحيوانات (كالخفافيش والبوم والحرباء والقطيع والكلاب والخيل والإبل والجمل والقرود(14) والناب والظلف والثعلب والبعير الأجرب والزعانف والخنزير والعقرب والضفدع(15):

إسلامُنا كالطّودِ يضربُ في السما    صُعُداً فما جدوى نقيقِ الضِفدعِ

كـالبحرِ ليس له حـدودٌ تـنتهي    أنْعـافُـهُ ونعـودُ للمُستـنقَعِ

على أن الشاعر لم يحجم عن الانتقال من التلويح إلى التصريح بألفاظ من الشتائم المكشوفة تشفي غليل مظلوم مكظوم(16).

السخرية

أما تفننه بالسخرية والتهكم والتعريض فكثير أيضاً، يقول في الإمام علي رضي الله عنه: (نفحات قلب: 69)

وعليٌّ بـذي الفَقارِ يُـداوي    ظهرَ مَنْ يَشتكي الأذى والفِقارا

وينحي باللائمة على الميممين وجوههم شطر الغرب. (الزوابع: 123)

فكأنَّ شرعَ الغربِ أحكمُ  منهجاً    ممن أقرَّتْ عدلَـــه الأيـامُ

وكـأنما فرضٌ زيـارةُ (لندنٍ)    وزيـارةُ البيتِ الحرامِ حَـرامُ

وليس يخفى أثر السخرية في سيرورة الشعر واستجابة الجمهور لها، زد على ذلك التلاعب اللفظي البديعي به، مثل قول شاعرنا: (أغاني المعركة: 76 و 77)

والظلمُ شيءٌ في الحقيقةِ واحـدٌ    إن كان ظلماً "أبيضاً" أو "أحمرا"

وأخو الضلالِ يظلُّ طولَ حياتِهِ    تبـعاً يعيـشُ مُخَرَّساً ومُسَخَّرا

فاللون الأحمر شعار للشيوعيين والأبيض لمن يقابلهم في الغرب، واستخدام الجناس المقلوب ممتع في هذا السياق (مخرساً ومسخراً) ألا ترى ذلك معي؟

الدفاع عن السنة النبوية

ثمة موضوع يلفت النظر، ولم أجد له شبيهاً في شعرنا المعاصر ولا الإسلامي منه خاصة ألا هو الدفاع عن السنة النبوية، من خلال تمجيد الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، فقد خصه الشاعر بقصيدة (سيدي أبا هريرة)، تحدث فيها عما حباه به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهداه إليه من الصالحات، فكان لديه أثيراً محبوبا،ً وكان هو نفسه وفياً دقيقاً صادقاً يعي الحديث الشريف ويحسن حمله والتدقيق فيه، فكان حافظاً لسنة المصطفى ومناراً للمؤمنين في اتباع هديه، صدقاً في اللسان، وثباتاً في الجنان، وعفة وتقوى، فكان خزانة علم تفيض على الناس بالخير كما تفيض السحب بغيثها المدرار، ومع ذلك لم يسلم من حاسد خبيث اللسان حقود غبي. وهكذا يسترسل في ستة أبيات يصف الحاسد الذي يظهر غير ما يبطن مثل اليهود، ويخاف من إعلان حقيقته كخوف الخفافيش من الضياء، وخوف الضفادع من صفو الغدير. وهكذا يشعرك بأنه يحامي على ثغرة من ثغر الإسلام يتهددها الخطر، وتهم المسلمين الصادقين سلامتها: (نفحات قلب: 121)

حفظتَ لنا سنة  المصطفى    وحدَّثتَ بالكَلِمِ  الطَــيِّبِ

يسيرُ على هديِكَ المؤمنون    من المَشرقَيْنِ إلى المَغربِ

وخازنِ علمٍ كمثلِ السحابِ    يَسُحُّ على  الخَلْقِ بالصَّيّبِ

فماذا يضيرُكَ  من حاسـدٍ    خبيثِ اللسانِ حقودٍ غَبـي

الأناشيد

من الموضوعات الجماعية تأليف الشاعر أناشيد (أنفاس الثورة) و(مراكش المجاهدة) و(نشيد عمان) و(إلى الجندي المسلم) و(سواعد الجهاد: حماس) و(نشيد الفتح: أفغانستان) و(الله أكبر) و(رمز الفخر) و(فجر الغد) على عروض الموشحات الأندلسية، ومع ذلك اتسع عروض الموشحات لديه لقصائد روحية (سجدة السحر) و(يا نفس) و(موسم التوبة: رمضان)، أو ذاتية وجدانية (رياض النبوة: مناسك)، وكانت الغلبة أيضاً للموضوعات الجماعية أيضاً بنسبة سبع قصائد إلى أربع. يقول في ختام نشيد (سواعد الجهاد): (نفحات قلب: 131)

منهجُنا ليس به التباسُ    مِنَ الرَّسول نورُه اقتباسُ

شِدَّتُنا معروفةٌ  والباسُ    يدفعُنا إلى الوغى حماسُ

          فيا جنودَ المصطفى استعدّي

وحدة الأمة

غني عن البيان أن أجمع الموضوعات الجماعية دعوة الشاعر لوحدة الأمة (الزوابع: 22) العربية أو الإسلامية في أكثر من مناسبة وبأكثر من شكل، يقول في الوحدة العربية:

مـنَ الخليجِ إلى تَطوانَ  ثُـوّارُ    شعبٌ يُزمجرُ  في أحشائهِ النّارُ

طافتْ به ذكرياتُ المجدِ فالتهبتْ    طـاقاتُه بـاندلاعٍ دونَه النـارُ

وفي وحدة المسلمين يقول: (الشعاع:48)

لابدَّ للإسلامِ من يومٍ بهِ    يَسمو ويصبحُ خافِقَ الأعلامِ

لابدَّ للإسلامِ من يومٍ بهِ    يَحظى بوحدةِ هذهِ الأقـوامِ

الموسيقى والأوزان والقوافي

لقد أساء بعض النقاد المحدثين فهم التعريف الذي وصلنا عن القدامى: (الشعر كلام موزون مقفى)، وظنوا أن الشعر هو الوزن العروضي والقافية وحسب، ولم يفهموا هذا التعريف كما فهم (الأصوليون) الحديث الشريف: (الحج عرفة) بمعنى أن الوقوف على جبل عرفات الركن الأول في الحج، من فاته لم يصح حجه، ولم يقل أحد: إن الوقوف في عرفة هو كل الحج أو الحج نفسه!

وفي الوقت الذي ظهر فيه من يتنكر للعروض كله وللقافية أيضاً.. جهرت الشاعرة الناقدة المبدعة نازك الملائكة بإعادة (الاعتبار) لعروض الخليل ولغنى بحوره أمام رتابة شعر التفعيلة، وأن مصير شعر التفعيلة رافداً من روافد الشعر العربي العام كمصير الموشحات.

وليد الأعظمي لم يكتب شعر التفعيلة الذي لا يلائم المنابر والجماهير، لاسيما السيرورة الشعرية، واكتفى بعروض الخليل والموشحات الأندلسية، كما رأينا، وانسجاماً مع مذهبه في السيرورة مال إلى الأبحر غير الطويلة البدوية، أي إلى الأبحر التي شاعت في العصر العباسي والعصر الحديث كالكامل (34 قصيدة) والبسيط (25 قصيدة) والرمل (11 قصيدة) والوافر (8 قصائد) والخفيف (7 قصائد) والسريع (6 قصائد)، أما المتقارب والمتدارك والرجز فكان نصيبها على التوالي (4 و3 و2)، وفي هذا الاتجاه استخدم البحور المجزوءة (13 قصيدة: 8 كامل، 3 رمل، 1 وافر، 1 رجز).

نعترف بأن الشاعر نظم (10 قصائد على البحر الطويل)، لكنه أخذ يتخلى عن هذا البحر سنة بعد سنة، ففي ديوان (الشعاع) نجد (4 قصائد على بحر الطويل)، وفي (الزوابع) (3 قصائد)، وفي (أغاني المعركة) (2 قصيدتان)، وفي (نفحات قلب) (قصيدة واحدة)، ولو أطال الله في عمر الشاعر فإننا نتوقع أن يتخلى عن البحر الطويل كله، مع العلم أن مجموع قصائده (117 قصيدة).

القافية

أما القافية -ومذهبنا في تعريفها مذهب الأخفش: آخر كلمة في البيت- فعالم ضخم في شعر وليد الأعظمي يستحق وحده بحثاً مستقلاً، وهو يذكرنا بأهمية التعريف القديم للشعر: (كلام موزون مقفى).

ومن الناحية الصوتية الموسيقية -وانسجاماً مع متطلبات السيرورة: الجهارة الفخامة- اختار القوافي المطلقة (المتحركة الروي بفتحة أو ضمة أو كسرة أو بحروف المد) بما يعادل (136 قصيدة مطلقة القافية و7 قصائد قوافيها مقيدة أو ساكنة).

ومثل ذلك إذا تأملنا حروف الرويّ التي بنيت عليها تلك القوافي الموحدة الروي وجدناها من الحروف التي تغلب عليها صفات الجهر والشدة والاستعلاء والإذلاق والقلقلة، توكيداً للجهارة والوضوح، ونسبة هذه الحروف هي على التوالي: (النون: 17 قصيدة) (الدال: 17) (الراء: 16) (الباء: 12) (الميم: 10) (العين: 9) (اللام: 6) (القاف: 5) (الهمزة: 5) (الهاء: 4) (التاء: 4) (الفاء: 1) حتى إذا لجأ إلى القوافي المقيدة أخرجها من صمتها بحرف ردف (حرف مدّ) مثل قوله: (أغاني المعركة: 96).

ثوروا على الباغي الذليلْ    واحمُوا تعاليمَ الرَّسولْ

أو بألف هاوية في التأسيس كقوله: (نفحات قلب: 169)

(أبا طارقٍ) يا بلبلَ الرَّوضِ غرَّدَتْ    تُناغيكَ مـن فوقِ الغصونِ عنادِلُهْ

إن كلمة القافية ليست حروفاً صوتية وحسب، بل هي أيضاً ذات معنى بذاتها وبعلاقاتها، علاقاتها القريبة ضمن جملتها وبيتها الشعري، أو حتى ضمن مقطع الشعر الذي وردت فيه أو القصيدة كلها. وتمتد علاقاتها البعيدة إلى ما وراء القصيدة الواحدة نفسها. ومن المعلوم أن العلاقات من قوانين علم الجمال، فهناك من يعدُّ العلاقات قسماً مناصفاً للقوانين الأخرى التي يجمعها قسيم آخر هو الإيقاع بفروعه: (قانون النظام، قانون التغير، التساوي، التوازي، التوازن، التكرار، التلازم).

القافية بذاتها

اهتمام الشاعر وليد الأعظمي بقوافيه مزية بارزة لديه، وهي في الوقت نفسه برهان على أهمية التقفية في الأدب العربي شعراً ونثراً: (الفاصلة في القرآن الكريم، القافية في الشعر، السجعة في النثر)، وعلى عادة الشعراء المقتدرين، جعل الشاعر قوافيه عنصراً أساسياً من جملتها: مسنداً أو مسنداً إليه، فعلاً أو فاعلاً أو مفعولاً به، أو مبتدأً أو خبراً، وندر جعلها صفة أو تابعاً من التوابع: (نفحات قلب: 36و42).

فالكيّسُ مَنْ يحتاطُ لها    ولِما يـأتيه به غًــدُهُ  

والشاعرُ يدفعهُ نفـحٌ    من (روح القُدسِ) يُؤيُّدُهُ

فيهزُّ السمعَ  بقافـيةٍ    للعهد الحـقِّ تُـجـدِّدُهُ

بل زاد على ذلك في إضافات تزيد المعنى قوة، مثل استخدام مبالغة اسم الفاعل بدلاً من اسم الفاعل: (نفحات قلب: 89).

هذا مع الشرقِ طبَّالٌ بجوقتِهِ    وذا مع الغربِ هتّافٌ وصخّابُ

ونوع آخر بل أنواع من التكثيف والتركيز في معنى القافية اختيارها من الألفاظ المشحونة برصيد تاريخي أو ديني أو أدبي أو تلوين فني، كالتعريض والسخرية أو التورية. في لغته الشعرية سوف نلحظ إقباله الجمَّ على ألفاظ القرآن الكريم والحديث الشريف والصحابة، رضوان الله عليهم، يغترف من نصوص القرآن فيقول: (نفحات قلب: 162).

فلا أخشى الشياطينَ    مـن الجِنّةِ والنّاسِ

ويميل على نصوص الحديث الشريف فيقول نفحات قلب: 163)

وطاعةُ اللهِ هي الطّاعةْ    إنّ يدَ اللهِ مع الجماعةْ

ويأنس لأقوال الصحابة، كقول سيدنا عمر بن الخطاب: (نفحات قلب: 73).

وتَرونَ الأنامَ قد ولدتْهمْ    - كلّهم - أمهاتُهمْ أحرارا

وهذا لم يمنعه من اقتباسات من شعر جرير: (نفحات: 183)

رغمَ الحياءِ يَهيُجني استعبارُ    وأزورُ قبرَكَ والحبيبُ يُزارُ

أو شعر أحمد شوقي: (نفحات قلب: 42)

أمسى ملحوداً في جَدَثٍ     (فبكاهُ ورحَّمَ عُوَّدُهُ)

أو السيرة النبوية: (نفحات: 69)

نحنُ خلفَ النبيّ نمضي ولو خا    ضَ بنا لُخضنا مع النبيّ البِحارا

من تلويناته البارعة للقافية واهتامه بها أن يتخذها من أسماء العَلَم، أسماء الرجال أو الأماكن، من أسماء عظمائنا (نفحات قلب: 130)

نحـنُ جنـودُ  خالدٍ وسَعْدِ

ونحنُ رمزُ الفخرِ والتَحدّي

ومن أعلامنا: (نفحات: 186)

وخَتَمتَهُ بالصّالحاتِ برحلةٍ    يشتاقُها (الذَهبيُّ) و (الأبّارُ)

ومثل ذلك عظماء أعدائنا والطواغيت: (نفحات: 150)

ومنْ قديمٍ نرى فيهم مُشهابهةً    بالاسمِ والفعلِ ساسونٌ وساسانُ

أو قوله: (نفحات: 199)

ومحوتَ مابثَّ ال(..) من أذى    و(نُصيرُ) و(القَدّاحُ) و(الجارودُ)

من الأماكن التي يدمن ذكرها مرابع الحجاز: (نفحات: 185)

وتلوتَ في (عرفاتَ) أدعيةَ الهُدى    فيردُ (خيفُ مِنى) الصدى و(الغارُ)

أما تحميل قوافيه معاني الهجاء والتعريض والسخرية، وحتى الشتم الصريح فجمّاء غفير، نكتفي ببعض الأمثلة: يقولُ معرّضاً: (نفحات: 184)

يا غائباً عنّا وذكرُكَ حاضِرٌ    والبعضُ غيَّابُ وهمْ حُضّارُ

أو يقول ساخراً: (نفحات: 58)

ونما وشبَّ على القبائحِ والأذى    فعسا وشاخَ له ضميرٌ أجربُ

أو يقول سابّاً شاتماً: (نفحات: 112)

وتُصفَعُ بالنّعالِ لهم جِباهٌ     نَواصٍ كلُّها خَطأٌ وكِذْبُ

كل ذلك أكسب قوافيه قوة وبراعة، من ذلك استخدامه التورية اللطيفة بين (الحماسة) و(منظمة حماس) في قوله: (نفحات: 131)

شدَّتُنا معروفةٌ والباسُ    يدفعُنا إلى الوغى حماسُ

أو ربطه بين المعنى الخاص والموقع من الكلام أو السياق، وهو أدخل بباب العلاقات، كقوله في خاتمة قصيدة: (نفحات: 24)

وابعثوا الآمالَ في قلبِ امرئٍ    بثَّ شكواه ابتداءً وخِتاما

أو استيعابه للألفاظ المتداولة كقوله: (نفحات: 21)

واقتدينا بالأُلى قد كفروا    ولقد خُضنا كما خاضوا تماما

علاقة القافية بغيرها

أطلق عليه القدماء: ائتلاف الفواصل أو القوافي مع ما يدل عليه الكلام. قال الزركشي:

"اعلم أن من المواضع التي يتأكد فيها إيقاعُ المناسبة مقاطعُ الكلام وأواخره، وإيقاعُ الشيء فيها بما يناسبه. فلابدَّ أن تكون مناسبة للمعنى المذكور أولاً، وإلا خرج بعضُ الكلام عن بعض. وفواصلُ القرآن العظيم لا تخرج عن ذلك، لكن منه ما يظهر، ومنه ما يُستخرَج بالتأمل للبيب"(17). وبسبب غلبة اهتمام القدماء بالوحدات الجزئية، كبيت الشعر وحده، والآية الكريمة وحدها، حصروا هذا الائتلاف في أربعة أشياء: هي التمكين، والتوشيح، والإيغال، والتصدير. وقد أفاد شاعرنا من هذه الأنواع أيما إفادة، عامداً أم غير عامد.

فمن التمكين، حيث يمهد قبل القافية تمهيداً تأتي به القافية ممكنة في مكانها، مستقرة في قرارها، غير نافرة ولا قلقة، متعلقاً معناها بمعنى الكلام كله تعلقاً تاماً، بحيث لو طُرحتْ اختلَّ المعنى واضطرب الفهم، قال شاعرنا: (نفحات: 21)

وتذبذبنا بمسعانا فلا    سادةً عِشنا ولا مُتنا كِراما

وقال: (نفحات: 37)

(إنّا أعطيناكَ الكوثرْ)    يحلو للشاربِ مَورِدُهُ

وقال: (نفحات: 64)

ويناديني هُتافٌ من بعيدْ    نِعمَتِ السّاعةُ هذي يا (وليدْ)

ومن التصدير – وهو أن تكون لفظة القافية بعينها في أول البيت – ويسمى ردّ العجز على الصدر، وقيل: هو ثلاثة أنواع حسب موقع كلمة الصدر: في أوله أو وسطه أو آخره.

قال الأعظمي: (نفحات: 195)

والعيدُ في كلِ البلاد مَباهِجٌ    ومأتماً في الشامِ عادَ العيدُ

وقال: (نفحات: 19)

لحظاتُ أُنسٍ هل يجودُ بِمثلها    صَرْفُ الزَّمانِ؟ ولا أظنُ يجودُ

وقال: (نفحات: 74)

يَشمخرّون إنْ دُعوا ويُصرُّون    من سَفاهٍ على الخَنا إصرارا

ومن التوشيح: حيث الكلام نفسه يدل على آخره، نزل المعنى منزِلةَ الوشاح، ونزول أول الكلام وآخره منزلة العاتق والكشح. وسماه بعض العلماء (المُطمِع) لأن صدره مطمع في عجزه، والفرق بينه وبين التصدير، أن دلالة التوشيح معنوية ودلالة التصدير لفظية، قال الأعظمي موشحاً: (نفحات: 199)

وهدمتَ بيتَ الكِذْبِ فوقَ رؤوسهمْ    حتى انمحى، لم يبقَ منه عَمودُ

وقال: (نفحات: 209)

وغَذوتَنا لبنَ المودةِ والإخا    في سعيِنا أكرمْ بذاكَ رضاعا

وقال: (نفحات: 136)

عـرفَ الأنسَ شاعرٌ أرهقتْـه    بالخطايا ذنـوبُهُ ، ودُيونُـهْ

وتَسامى بالروحِ  حين استقرّتْ    وجنتاهُ على الحَصى وجَبينُه

أما الايغال، فهو أن يتجاوز الشاعر في كلامه المعنى الذي هو آخذ فيه، ويبلغ إلى زيادة على الحدّ.. قال الأعظمي: (نفحات: 139-140)

كلما حاولَ  اصطباراً عليهِ    ْيَهتِكُ الدمعُ صبرَهُ  ويَخونُهْ

كلُ أنشودةٍ له حيثُ تُتلـى    تُنعِشُ القلبَ رِقةً وتُليــنُهْ

أيها الشاعرُ المَشوقُ تَمهّلْ    كعبةُ اللهِ هذهِ،  ويَمينُـــهْ

وترى أوجهَ العِبادِ  وِضاءً    زانها  نَضرةُ النعيم وَلِينُـهْ

لم نُجرِ إحصاء لهذه العلاقات لكثرتها وشيوعها، ولا يكاد يخلو بيت واحد منها، وربما اجتمعت أكثر من مزية في القافية الواحدة: من مزايا العلاقات من جهة ومزايا القافية بذاتها من جهة ثانية.

أما علاقة القافية بمقطعها الشعري فنلتمسه في قصائده الموزونة على عروض الموشحات، ولشهرتها نكتفي بهذه الإشارة. وللشاعر سبعة عشر موشحاً. أما علاقتها بالقصيدة كلها فنجد من صورها تكرار بيت المطلع في خاتمة القصيدة، كما جاء في مطلع قصيدة (رمز الوفاء) وخاتمتها قول الشاعر: (نفحات: 179)

سلامٌ عليكَ أبا زينبِ    سلامٌ على خُلْقِكَ الأطيبِ

وفي مطلع قصيدة (يا شيخ أمتنا) وخاتمتها قوله: (نفحات: 206)

أكبرتُ يومَكَ أن يكونَ وداعا    يا مالئَ الوادي هُدىً وشُعاعا

الملاحظ أن القصيدتين في الرثاء، ومعلوم مدى مناسبة التكرار للرثاء والنواح أو الحزن. وهناك إشعار خفي بعلاقة بداية الإنسان بنهايته من خلال بداية القصيدة ونهايتها.

ومن علاقة القافية بشعر الشاعر كله إيثارة القوافي المطلقة والقوافي ذوات الايقاع الجهوري الرنان أو الفخم الرخيم. وفوق ذلك لم يتخل عن القافية في شعره كله، وإن لجأ إلى تنويعها كما في موشحاته.

معجمه الشعري

لكل شاعر لغته أو الألفاظ والتراكيب التي يميل إليها أكثر من غيرها، وشاعرنا الأعظمي خريج مدرسة القرآن الكريم والحديث الشريف من جهة، والتراث الأدبي العربي القديم من جهة ثانية. وسبق أن أشرنا إلى بعض الشواهد من اللغة القرآنية والحديثية، وهاهو ذا يكبر التراث بعامة، فيرثي أستاذه الآلوسي أحد أعلام التراث المعاصرين بقوله: (نفحات: 179 و 180)

تُـعلِّمُنا حبَّ  تاريخِنــا    وتَبحثُ عـن كـلِ كنزٍ خَبيْ

أُحيِّـيكَ يا عالماً  بالتراثِ   يردُّ على المُدَّعي الأجــنبي

أُكـرِّمُ فيكَ جلالَ الشيوخِ    تَجـلَّوا  شموساً بلا مَـغْربِ

ويوظف التراث أوسع توظيف: (نفحات: 195)

جـاؤوا بـكلِّ كبيرةٍ وكريهـةٍ    لـم يـأتِ بـمثلـها (نـمرودُ)

عادت بها (عادٌ) وعادت (تبَّع)    و(الرَّسُ) و(الأحقافُ) و(الأُخدودُ)

ومــن الألــفاظ الـتي يـلهـج بـها كثيراً: الراية(18)، المنهج(19)، الطغاة(20)، الفوضى(21)، الحرباء(22)، الشامة(23)، الأمة(24)، مشرق ومغرب(25)، المبادئ(26)، الظلم(27) يقول مثلاً: (الشعاع: 91)

أنا مسلمٌ  بعقيدتي وبمنهجي    عهدٌ عليَّ مدى الحياةِ وموثِقُ

أنْ لا أُهادِنَ كافراً أو ظالماً    عهداً ولو من أجلِ ذلك أُشنَقُ

أما التراكيب التي يلح عليها، فمقتبسة بمعظمها من التراث الفصيح، مثل صيغ: النداء والأمر في مطالعه الشعرية، أو صيغ: ليت شعري(28)، واأسفا(29)، يا قوم يا قومنا(30)، ويحهم(31)، يالهم(32)، سيف محمد(33)، على الرغم أو رغم أنف(34)، القول غير الفعل(35)، حتام(36)، الله أكبر(37)، يا ابن أُمّ ويا ابن ودي(38) وفي بيت واحد يردد (كفى ثلاث مرات): (أغاني المعركة: 60)

كفى نِفاقاً، كفى غِشاً، كفى كَذِباً    في كلِ يومٍ لكمْ نَفيٌّ وإثبـاتُ

لاشـيَ ينـفعنا  إلا عقيـدتُنا    "الله أكبر" لا العُزَّى ولا اللاَّتُ

وفي قصيدة أخرى يقول: (أغاني المعركة: 69)

كفى نفاقاً، كفى غشاً، كفى كذبا    منـكم تَبرَّأ دينُ اللهِ والضَّادُ

يضاف إلى ذلك ألفاظ القوة والتعنيف والثأر والحق والباطل والنور والظلام، وتراكيب وأخيلة تجعلك تشعر أنك في جو معركة، يحامي فيها شاعرنا عن أمته وعن كل حرمة من حرماتها: بدءاً باللغة الفصحى وآدابها، ومروراً بالأقطار العربية وبلاد المسلمين، وانتهاء بشعائر الإسلام ومبادئه وأحكامه، وضرورة تحكيمه في الحياة دستوراً وسلوكاً. اسمعه يرثي أحد أعلام الخطاطين هاشم محمد البغدادي، قائلاً: (نفحات قلب: 176 و 177)

يا أخا الفصحى، ويا عاشِقَها    سُلَّتِ اليومَ على الفُصحى حِرابُ

إذ خلا المَيدانُ من  فارسِـهِ    وبِفـقدانكَ قـد جـلَّ المُـصابُ

كنتَ مثلَ الصقر في أجوائنا    تـتحاشاهُ مـن الذُعْرِ الضِـبابُ

فجوّ المعركة واستشعار المخاطر من جهة، ومخاطبة الناس أو الجمهور بلغة تراثية، وهي قاسم مشترك، ورصيد جمعي ثريّ مؤثر من جهة ثانية، كل ذلك منح شاعرنا طاقة جيدة للتأثير على جمهوره أو التواجد في السراء والضراء، وحقق له السيرورة التي نحن بصددها.

التكرار الفني

من الظواهر الأسلوبية التي تسترعي الانتباه في شعر الأعظمي، وتحقق له مع غيرها هذا الرصيد الضخم من السيرورة، ظاهرة التكرار الفني، وحسن تصرفه بهذا السلاح الآسر.

سبق أن أشرنا إلى ألوان من التكرار مثل: التزام حرف روي أو قافية موحدة، ومثل اختيار ألفاظ وتراكيب معينة، أو استخدام صفات الحيوانات في تشبيه الأعداء والمهجويين.. وهناك ألوان أخرى أوسع وأطرف، مثل تكرار كلمة القافية، أو عبارة من البيت، أو شطر البيت، أو البيت كله مرة أو أكثر، حتى يكون لازمة تتكرر في ختام ستة مقاطع من موشح.

من المعلوم أن للتكرار الفني دلالات متعددة، مثل الترنم الموسيقي، أو توكيد المعنى، أو السخرية، أو التعبير عن الحزن والنواح أو التحسر النفسي، أو ما شاكل مما ينسجم مع السياق الفني الذي يرد فيه أو يراد من أجله. ففي قصيدة (نتيجة)، بل في صفحة منها يكرر الشاعر لفظة (الدين)(39) تسع مرات، وفي قصيدة (منابع النور) يكرر كلمة (ذكرى) في صدر الأبيات أربع مرات(40) وهما من الألفاظ الأثيرة لدى الشاعر، والمؤثرة على الجمهور في آن واحد.

لعل تكرار الصدارة هو أظهر أنواع التكرار لدى شاعرنا الأعظمي، وهو أن يكرر حرفاً أو عبارة أو شطراً في صدر أبياته، ومن باب أولى تكرار صيغ الأمر والنهي والنداء والاستفهام والعطف.

ومن أغراض هذا التكرار إثارة العاطفة والحماسة على نمط خطباء المنابر المفوّهين، وهذا غرض أول تندرج معه أغراض أخرى، أو تنتج عنه، مثل الترنم الموسيقي، أو توكيد المعنى، أو ارتكاز الشاعر على نقطة للانطلاق منها. يقول مثلاً في ديوان (أغاني المعركة) (ص: 27)

لا خيرَ في العيشِ إنْ كـانتْ مَواطنُنا    نـهباً بأيدي الأعادي أينما كانوا

لا خيرَ في العيشِ إن كانت حضارتُنا     فـي كـلِّ يومٍ  لها تنهدٌ أركانُ

لا خيرَ في العيش إن كـانت عقيدتُنا    أضحى يُزاحمُها كـفرٌ وعصيانْ

لا خيرَ في العيشِ إن كـانت  مبادئُنا    جـادتْ علينا بها للكفر أذهـانُ

أليس مثل هذا التكرار يوضح المراد ويسهل الحفظ فضلاً عن الفهم والاستيعاب والإعجاب؟ من اللمسات الخفية في مثل هذا التكرار الذي يظن بأنه مباشر ساذج أن هناك إيحاء غير مباشر بانفراد المظلوم، وهو أمتنا، معبراً عنها بتكرار (لا خير في العيش. أو مرادفات: مواطننا - عقيدتنا - حضارتنا - مبادئنا)، وبتعدد المعتدين (النهب بأيدي الأعادي: لاحظ صيغة الجمع للأعادي - انهداد أركان - مزاحمة الكفر والعصيان - جود الأذهان بالكفر علينا)، وفي الجود هنا ما فيه من التهكم المرير المناسب!

أما في مطالع القصائد فيكثر هذا التكرار، وهناك يبرز فيه جانب الترنم الموسيقي الممهد لجو القصيدة، فضلاً عن الأغراض الأخرى، يقول في الديوان نفسه في قصيدة (يا فتية الحدباء) أي الموصل: (أغاني المعركة: 34)

أمَّ الربيعينِ ابسِمي وتهللي    زهواً بتاريخ البطولة وارفُلي

أمَّ الأسود الثائريـن تحيةً    بدم الشهيد كتابَ مجدِك سجّلي

أمَّ البطولة والرجولة والإبا    دُكيّ قـلاعَ الظالمين وزلزلي

أمَّ الأُبـاةِ الطيِّـبين مآثراً    لازلـتِ للإسلام أمـنعَ مَعقِلِ

أما الإثارة العاطفية فنلمسها في تكرار آخر من القصيدة نفسها: (ص 38)

يا فتيةَ الحدباءِ  لا تنسَوا دمـاً    (ظلماً) أُريقَ و"خِـسّةً" من أَرذَلِ

لا تـنسَوا المذبوحَ من أطفالكم    ونسائكم ومـن الـشيوخ العُزَّلِ

لا تنسوا العرضَ المَصونَ يلوثُه   عِلجٌ تنشَّأَ في الحضيضِ الأسفلِ

لا تـنسوا القرآنَ مـزَّقَه العَمى    حِقـداً وداسَ حروفَه  بالأرجُلِ

بصرف النظر عن ذكر الأطفال والنساء والشيوخ وألفاظ الشتم والسباب، فإن تركيب "لا تنسوا" له دوره الخاص في الحض والتحفيز والإثارة.

من وراء قضبان السجن يطلق قصيدة بعنوان (سكت الزمان) عدتها أربعة عشر بيتاً، حافلة بألوان من التكرار الفني الجميل، لاسيما الأبيات الستة الأخيرة أو الخاتمة، وهي مقطع كامل -دلالة على الثبات والتصميم والتحدي، يقول مؤكداً ومكرراً ست مرات: (سكت الزمان): (أغاني المعركة: 54 و55)

سكت الزمانُ وظلَّ صوتُ محمّدٍ    كالرعدِ يَقصِفُ في رؤى الظُلاّمِ

سكت الزمانُ وظلَّ صوتُ محمّدٍ    أمـلاً يُـحقّقُ أجمـلَ  الأحلامِ

سكت الزمانُ وظلَّ صوتُ محمّدٍ    وتـراً يـجيء بأعذبِ  الأنغامِ

سكت الزمانُ وظلَّ صوتُ محمّدٍ    سـدّاً يـصدُّ مساربَ  الإجرامِ

سكت الزمانُ وظلَّ صوتُ محمّدٍ    نـوراً يُضيء على مدى الأيام

سكت الزمانُ وظلَّ صوتُ محمّدٍ    "الله أكبـر" عنـدَ كـلَ صِدامِ

لا يكفي لتقويم هذا التكرار برصد تكرار شطر كامل وحسب، بل إن تكرار اسم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وفي مجال تحقيق الآمال أو مصارعة الأعداء فأمر ذو بال، لاسيما لدى الجمهور الذي يحب هذا الرسول العظيم ذلك الحب الذي لا يدانيه حب آخر بعد حب الله تعالى، وهذا في الوقت نفسه سلوى وأية سلوى للسجين المظلوم.

إن التكرار الفني ظاهرة بارزة في شعر وليد الأعظمي تستحق بحثاً مستقلاً. في قصيدته (وحي الإسراء) مثلاً يكرر حرف الهاء في بداية بيتين من المطلع (هتف الزمان.. هي سرّ نهضتنا) وهذا تكرار خفيّ. في بيتين تاليين يبدأ مكرراً بتركيب (لاشيء كالإيمان يرفع.. لاشيء كالإيمان يدفع)، لاحظ الفرق اليسير بين (يرفع - و- يدفع). في بيتين تاليين يبدأ مكرراً تركيب (لولا العقيدة ما تقدم خالد.. لولا العقيدة ما استبد بطارق)، وفي بيتين آخرين يكرر (هي دعوة رفع النبي.. هي دعوة الحق)، وفي مقطع الختام يكرر في بداية ثلاثة أبيات حرف العطف والفعل الماضي (وشعرت أني.. وعرفت من فيض.. وهتفت والدنيا) وهكذا دواليك.

خذا هذا البيت مثلاً، وانظر كيف تصرّف الشاعر حين مزج تكرار صيغة (كم) برد العجز على الصدر من جهة، وباستخدام أسماء الطغاة الأعداء بسخرية وبمعان لا أبسط ولا أقوى من جهة ثانية: (أغاني: 130)

كمْ من أبي جهلَ لاقى الموتَ مندحِراً    أمامَ دعوتِنا، كم من "أبي لهبِ"

في موشحات الأعظمي - وهي سبع عشرة موشحة - استخدم شاعرنا نظام اللازمة بتكرار مقطع شعري بذاته، كما في قصيدته "يا نفس": (نفحات: 98)

والشَّيبُ لاحَ بمفرقي    فمـتى أتوبُ وأتّقي

وهذا أمرٌ مألوف في الموشحات، لكنه يلجأ إلى اللازمة في غير الموشحات احتفالاً منه بالتكرار الفني، واتكاء عليه للإيحاء والتأثير، كما في قصيدته "حمامة السلام"، التي أهداها إلى شهداء كركوك في تموز 1959م، وهي قصيدة حافلة بألوان تكرار الصدارة واللازمة والعطف والتتابع، وهي إحدى قصائد الشاعر الممتازة، كل ذلك ممزوج بالسخرية والتهكم وبالتحليل النفسي الجميل، وسوف نعرض لذلك في حديثنا عن بنية القصيدة.

الهوامش

 (10) انظر الشعاع - دار النذير - ط1 - 1378هـ: 1959م - ص 28:

أمةَ العربِ مجدُك اليوم عادا       فاملئي الكونَ رِفعةً ورَشادا

(11) انظر الشعاع الصفحات: 37 و 38 و 45 و 48 و 55 و 62 و 66 و 79.

(12) انـظر الـزوابع الـصفحـات: 30 و 32 و 46 و 83 و 95 و 105 و109.

(13) من الموضوعات الغالبة على شعره الدفاع عن الإسلام بتعداد مزاياه، أو الرد على مطاعن الأعداء، من ذلك انظر الشعاع ص 37 و 48 و 54 و 59 والزوابع: ص: 30 و 36 و 41 و 47 و 50 و 56 و 57 و 59 و 61 و 62 و 64 و68 و74 و79 و80 و 81 و 82 و 86 و 90 و 94 و 97 و100 و102 و103 و111 و136 و138 و141 - رد على المطاعن: 142 و143 و147.

(14) الشعاع - الصفحات: 31 و34 و56 و75 و87.

(15) الزوابع - الصفحات: 39 و62 و63 و79 و68.

(16) الزوابع: 24 و25 و128.

(17) - البرهان في علوم القرآن – الزركشي – ج1 –ص 78 -ط1 -1957م.

(18) الراية أو اللواء: الشعاع ص 36 و18 و29 و28 و75 و79. أغاني المعركة: 43 و46 و52 و56 و63 و65 و94 و101 و112 و113 و114 قصيدة بعنوان (راية النبي صلى الله عليه وسلم ص 141) و 142 و146. الزوابع: 47 و54 و57 و70 و64 و68 و78 و90 و93 و128 ونفحات قلب: 24 و26 و54 و66 و119 و131 و161 و192.

(19) منهج، نهج: أغاني المعركة: 39 و48 و78 و88 و91 و102 و110 و111 و114 و130 و147. الزوابع: 56 و68 و70 و75 و76 و78 و80 و87 و86 و96 و107 و112 و120 و123 و144. نفحات قلب - مطبعة الديواني - بغداد - ط1: 1418هـ: 1998م - ص 25 و26 و53 و60 و115 و118 و121 و131. الشعاع: 89

(20) طاغية - طغيان: الشعاع: 31 و34 و57 و78. أغاني المعركة: 30 و44 و53 و65 و66 و69 و82 و97. الزوابع: 39 و57 و67 و90 و114 و148. نفحات: 23 و67 و70 و83 و105 و147 و208.

(21) الزوابع: 38 و50 و96 و123 و138. الشعاع: 87.

(22) أغاني المعركة: 42 و104.

(23) أغاني المعركة: 63 و66. الزوابع: 120. نفحات قلب: 108.

(24) الشعاع: 28 و61 و73 و91. أغاني المعركة: 24 و89. الزوابع: 76 و103. نفحات: 18 و47.

(25) أغاني المعركة: 87 و32 و69. الزوابع: 54 و64 و103. نفحات: 48 و115.

(26) أغاني المعركة: 74 و75 و79. الزوابع: 42 و51 و75 و86. نفحات: 47 و78.

(27) الشعاع: 31 و38 و61 و70 و78 و89. أغاني المعركة: 58 و65 و71 و73 و75 و76 و80 و81 و82 و88 و89 و90 و103 و115 و127 و146. الزوابع: 22 و26 و27 و36 و47 و65 و77 و84 و100 و113 و117 و133 و139 و143. نفحات: 17 و18 و23 و44 و51 و81 و105 و127 و181 و184.

(28) الشعاع: 20 و77. الزوابع: 32 و106.

(29) الشعاع: 62 و77.

(30) الشعاع: 24 و37 و38 و45 و48 و55 و62 و66 و79 و91. أغاني: 59 و118 و119 و120 و125 و127 و128 و138 و139. الزوابع: 30 و32 و46 و83 و95 و109 و105 و119 و128 و131 و 136 و140 و142 و143 و146 و148.

(31) الشعاع: 17 و18 و62 و65. أغاني المعركة: 108. الزوابع: 111 و117 و143. نفحات: 117.

(32) الزوابع: 9 و94 و141 و148. نفحات قلب: 96.

(33) أغاني المعركة: 73 و44 و148.

(34) أغاني المعركة: 19 و113 و146. الزوابع: 54 و68 و88 و39 و60 و94 و111 و123 و135.

(35) الشعاع: 54. الزوابع: 43 و91 و105.

(36) الشعاع: 37 و45. الزوابع: 116.

(37) الشعاع: 48 و49 و61. أغاني المعركة: 55 و66 و91. الزوابع: 45 و64 و129 و141.

(38) الشعاع: 21. الزوابع: 35.

(39) الزوابع: 138.

(40) أغاني المعركة: 125.

ـ يتبع ـ