بديع الزمان الهمذاني يخرج من مرقده !..

خواطر نازفة  (4)

بديع الزمان الهمذاني

 يخرج من مَرْقَدِه!..  

بقلم : الدكتور محمد بسام يوسف

راحلةٌ تسير في الفضاء، حَسِبتُها غَيْمةً في السماء، لها ضجيج كصوت ألف غراب، تُلقي من بطنها الأثقال والأحمال، فتزلزل الأرض وتزرع الخراب!.. واحدة من هذه الأثقال، بعد أن أزهقت أرواح الأحياء الأبرياء، وأهلكت النساء .. نَبَشَت الأرض من فوقي، وأخرجت جسدي من مرقدي، وعندما صحوتُ .. يا لهول ما رأيت وما سمعت!..

هَمَج يدمّرون البلاد، ويذبّحون العباد .. يسلبون المال، ويقتلون النساء والأطفال!.. وحوش على هيئة البشر، ليست بالضباع ولا بالكلاب، ولا بالخنازير أو الذئاب، مع أنها تفعل فعلها، وتشرّد من بلاد المسلمين أهلها!..

أخبَرَني صاحبٌ لي من تلك الديار، أنّ أولئك الوحوش الأشرار، والهراطقة الفجّار، قدموا من وراء البحار!.. في حَمْلةٍ صليبية، وبشهوةٍ جهنّمية!.. فعاثوا فيها الفساد، ونشروا الخراب والدمار!.. ولم يتركوا على حَجَرٍ حَجَراً، ولم يوفّروا مشفىً أو مسجداً أو مدرسةً أو بيتاً آمناً أو شجراً، ولا دجاجةً أو شاةً أو بَقَراً!.. فأين من جرائمهم جرائم (هولاكو) و(جنكيز خان)، أو وحشية الألمان والطُليان!..

يقولون: إنهم شكّلوا حِلفاً لمكافحة الإرهاب، يقوده بوش وطوني .. وهتلر وشيراك وبرلسكوني، وبعض المنافقين من العرب والمسلمين وأحفاد بوذا وإسكندر المقدوني!.. حِذاؤهم: تحالف الشمال، وبعض المنافقين من أمراء النفط والمال، وخليطٌ عجيب من أشباه الرجال!.. من الذين قلوبهم سوداء، وعقولهم خرقاء، وللصليبيين عملاء وأُجَرَاء!..

المجرمون الحاقدون على الإسلام وأهله يتاجرون بالديمقراطية، وهم لا شرف لهم ولا هويّة!.. ويتشدّقون بحقوق الإنسان، وهم أشدّ انتهاكاً لها من الحيوان والشيطان!..

يا صاحبي: هالَني رؤية المسلمين، في أوطانهم نائمين، أو على وجوههم هائمين، أو يضحكون ويلعبون، وبالدماء يتاجرون، وعلى دِينهم وأمّتهم يتآمرون!.. يطمعون بفتات الأميركيين، وفضلات اليهود والصليبيين!.. فقد دخلوا الحلف الأميركيّ الشيطانيّ، بعضهم بالعلن وبعضهم بالسرّ، واتّبعوا طريق الخديعة والشرّ!.. وتحالفت وسائل إعلامهم، لتشكيل طابورٍ خامسٍ ضد بني جلدتهم وأبنائهم!.. فزوّروا الحقائق، طمعاً في النَّمَارِق!.. وأصبحت كل وزارات الإعلام، ملحَقَةً بإحدى غرف البيت الأبيض الزؤام!.. سلاحهم الكذب والدجل، والحرب النفسية بلا خجل، ومن غير مللٍ أو كسل، يزيّنون وجه هُبَل، بلا خوفٍ من الله أو وَجَل!.. فانكشفوا للأميركيين أحباباً، وللصليبيين ذيولاً وأذناباً!.. فقد اختلفت في صدورهم الضلوع، من شدة الذلّ والخنوع!.. ولم يستوعبوا العِبرة من الجنرال (مشرّف)، الذي خرج من الزّفة بلا أي فَوْز، بعد أن وعده الدجّالون بالعنب والجوز واللوز!.. فأصبح رهن ندامته، يبحث عن سلامته!.. ولأنه خذل حُلَفاءه، وخان دِينَه وخُلَصاءه .. وقع بين مطرقة روسية والهند وطاجكستان، وسِندان تحالف الشمال وإيران!.. فخسر الدنيا والآخرة، لتآمره مع بريطانية الجاحدة وأميركة الفاجرة!..

يا صاحبي: بلّغ ذلك المعتوه (أبو الطيب)، أن (يَبْلَعَ) قولَه الإرهابيّ:

الخيلُ والليلُ والبـيداءُ تعرِفُـني       والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ

فخَيلُ المسلمين وخَيل وُلاتِهم خائرة، ورماحهم مغروزة في الخاصرة، وسيوفهم قد أُغمِدَت وصَدِئت، بعد أن ثلمت واهترأت!.. وهي لا تُستَخدَم بعد تآمرهم على فلسطين والعراق والأفغان، إلا لتقشير البطاطا وتقطيع البصل والباذنجان!.. والقراطيس النـزيهة صودِرَت، لخدمة حملة الصليب و(الحرية الدائمة) و(العدالة بلا حدود)!.. والأقلام الحرّة كُسِّرَت، بأمر (البيت الأبيض) و(العالَم الحرّ) و(اللّيكود)!.. وهكذا (قُل لأبي الطيب على لساني) .. لم يبقَ لك أيها المعتوه، إلا (الليل والبيداء)، في حُلْكَته تذوب، وفي بطنها تضيع أو تَتِيه!..

يا صاحبي: وكذلك أَخْبِر صاحبَنا المعتوه أبا الطيب -بعد أن (يَبْلَعَ) كلامَه الإرهابيّ المذكور- أن يعيد النظر في وصف الخذلان والثبور، وعظائم الأمور .. فليَقُل مثلاً:

القهرُ والظلمُ والدولاب يعرِفُـني      والسجنُ والقَمْعُ والكرباجُ والحمَمُ

ولا تنقل هذا عني، لأنّ الأميركيين واليهود لهم نواطير، زوّدوهم بأجهزة التجسّس والمناظير!.. فكل حُرٍّ لهم هدف، وكل شريفٍ عندهم بلا شرف!.. والاستخذاء -بزعمهم- فضيلة، والاستسلام للبغي عنوان الرجولة، وضبط النفس على الظلم شَجاعة، والصمت أعظم مرتبةً من البطولة!..

يا صاحبي: بلّغ عني (الكونغرس الأميركي)، أنّ تلاوة القرآن الكريم في إحدى جلساته الاستعراضية دَجَلٌ مكشوف، لا يدلّ إلا على الذعر والهلع والخوف!.. فبعد أن أثخنوا الجراح في فلسطين والعراق والمسلمين الأفغان، ومارسوا عليهم كل أشكال الجريمة والبلطجة والعدوان .. فلم يوفّروا الكبير، ولا العجوز أو الطفل الصغير .. وبعد أن اعتدوا على القِيَم الإسلامية والأخلاق والحجاب والجلباب.. وبعد أن أطلقوا يد شارون والكلاب، وخنازير اليهود وأذنابهم والذئاب .. فإنه .. إنه قد طاب لنا (الإرهاب)!.. فبشّرهم -نتيجة جرائمهم- بولادة مليون (ابن لادن)، وألف ألف أسامةٍ وأسامة!.. وبشّرهم بيومٍ قريبٍ يترحّمون فيه على (المُلاّ عمر)، ويتمنّون لو يفِرّون إلى المرّيخ أو سطح القمر!.. فكم كان (ابن لادن) بهم رحيماً!.. وكم كان (المُلاّ عمر) لهم حَميماً!.. وكم كانت (طالِبان) لهم أمّاً رؤوماً!..