النفاق النافع، إثمه أكبر من نفعه

عبد الله القحطاني

فكيف الحال، مع ما هو ضرر محض !؟

عبد الله القحطاني

كلمة النفاق ، قد توحي لسامعها إيحاءات كثيرة ، وتثير في الذهن ظلالاً شتّى ، لِمعان شتّى ! منها ، على سبيل المثال :

الطبع السيء ـ الخلق الفاسد ـ النفس الوضيعة ـ السلوك الدنيء ..!

بَيد أنها لا تحمل ، ألبتّة ، دلالات ، أو إيحاءات ، أوظلالاً .. لِمعانٍ ، مثل : ذكاء ، حنكة ، نبوغ ، حكمة ، عبقرية ، فطنة ، حصافة ، وعي ، فهم ، كياسة ..! فقد يمارس النفاقَ ، أشخاص أغبياء جداً ، كما قد يمارسه أناس أذكياء جداً .. وبينهما درجات كثيرة ! 

 مَن أراد أن يعرف بعض صور النفاق ، ودلالاتها النفسية ، والخلقية ، والاجتماعية .. فلينظر في بعض سور القرآن الكريم ، التي تحدثت عن المنافقين ، وطباعهم ، وأخلاقهم ، وتصوّراتهم ، وأوهامهم ، ونفسيّاتهم !

·  بعض الناس يسمّي النفاق سياسة .. فيظهِر خلاف ما يبطن ، سواء أكان ذلك لمنفعة شخصية ، أم كان لمنفعة عامّة ! غافلاً ، أو متغافلاً ، عن الفروق ، بين كثير من  المصطلحات ، مثل الفروق :

 ـ بين الدهاء والخبث : فعمر بن الخطاب يقول ، على سبيل المثال : لستُ خَبّـاً ، ولا الخبّ يخدعني . ويقصد بالخبّ ، هنا : الماكر الخبيث !

 ـ بين المكر الحسن ، والمكر السيّء .. ففي القرآن الكريم :( ولا يحيق المكر السيّء إلاّ بأهله) .

 ـ بين الكلمة الطيّبة التي تفتح القلوب .. والثناءِ المجّاني الرخيص ، الذي يثير السخرية ، وينزل قدرَ صاحبه ، ويكشف طبيعته المزيّفة ! فقد أراد النبيّ محمد ( ص ) أن يفتح قلب أحد المشركين، بالكلمة الطيّبة ، فقال له: إن فيك خصلتين يحبّهما الله ورسوله: الحِلم والأناة!  

ـ بين الخدعة في الحرب .. والخدعة في التعامل الاجتماعي !

ـ بين القول الليّن لطاغية مستبدّ .. وتزيينِ أفعاله الإجرامية ! فقد أمر الله موسى وهرون ، أن يقولا لفرعون قولاً ليّناً ، لعلّه يتذكّر أو يخشى !

ـ بين تذكير العدوّ ، أو الخصم ، بالقواسم المشتركة ، التي تقتضي التعاون .. والانسياقِ معه ، فيما هو فيه ، من عداوة ، أو خصومة ، بكلام يزكّيه ، ويعطيه شهادة حسن سلوك ، أمام الناس..لاسيّما إذا كان للعداوة ، أو الخصومة ، طابع ثقافي ، يحرص كل من الفريقين ، من خلاله ، على كسب عقول الناس وقلوبهم !