رسائل إلى القمر 5

ياسين سليماني

[email protected]

ها هي الأيّام تتوالى سراعا... كأنّها تركض هروبا من شبح يريد افتراسها، أيّام أصبحت متشابهة... لا جديد فيها... روتين قاتل... منذ أسبوع تقريبا، كنت أشاهد التلفزيون قرابة منتصف النهار، سألت صباحا عن هذا اليوم، فقيل أنّه الخميس، انتهى الأسبوع أسرع مما كنت أعتقد، غي أنّ والدي نادى أخي قائلا: هل تذهب إلى المسجد ؟

استغربت ظننت أنّي لم أسمع، فسألت عمّا قال والدي، فقيل أنّه يريد من أخي أن يذهب لصلاة الجمعة؟! أليس اليوم الخميس ؟ لا، إنّه الجمعة... أسرعت في أخذ حمام وتوجّهت إلى المسجد القريب.

أرأيت ؟ حتى الأيّام أصبحت أخلط بينها.

اليوم مضى على رحيلك تسعة أشهر وعشرين يوما، مئتان وتسعون يوما... بأيّامها الحامضة، بلياليها القارسة... بجحيم يتكرر في اليوم مرّات ومرّات. 

الحمد للّه أنّ الصيف ينتهي هذه الأيّام، ليبردنا قليلا فصل الخريف، كذلك فإنّ تسجيلاتي الجامعية ستبدأ هذا الشهر، بعد حوالي أسبوعين، لذلك سأعود إلى قسنطينة قريبا، وفي هذا الوقت سيحلّ شهر رمضان، انتظرته كثيرا يا صديقي... اشتقت إليه.

لا أكاد أبرح منزلي هاته الأيّام، ولا أخرج إلاّ حوالي ساعة مساء، أما كامل اليوم فأقضيه بين المطالعة والكتاب والتلفزيون والنوم، رغم أنّه عسير عليّ كثيرا.

على ذلك الكتابة، أنا هاته الأيّام أكمل روايتي " رانــــيا " سمّيتها على اسم الرقيقة التي احترمها كلانا، عشقتها أنا كثيرا، هذا سرّ بيني وبينك، لم أخبر به أحدا، سألتني رانيا منذ أيّام عمّا إذا كنت أكتب شيئا، فأنكرت ذلك مدّعيا أنّي أعيد قراءة " وقت للحبّ " أردت أن أجعلها مفاجأة لها.

أحيانا، أحسّ أنّي سأجنّ... صدقني أنّ الحال إذا استمرّ هكذا أياما أخرى، بمثل هذا الروتين والملل فإنّي سأجنّ.

كم أحسدك الآن على نعمة الموت ودخول الفراديس. آن يا صديقي... منذ أن رحلت صار كلّ شيء مفبركا... مزورا... ضحكاتي مزوّرة... حكايايا كاذبة... وأحلامي... ؟ هي كلّ ما بقي لي.