خواطر من الكون المجاور الخاطرة 53 .. فلسفة الخروج من الجنة
في الخاطرة الماضية (فلسفة عيد اﻷضحى ) ذكرت بعض المعاني الروحية عن مناسك الحج ،وعلاقتها بقصة آدم وحواء وأسباب خروجهما من الجنة وكذلك علاقتها بجريمة قتل قابيل ﻷخيه هابيل ، وكما ورد في المقالة أن حواء هي التي أغواها الشيطان فكانت المسبب اﻷول في الخروج من الجنة ، هذه الفكرة لاقت تعليقات من بعض القراء ، على أنها تعارض آيات القرآن الكريم، فحسب رأيهم أن آيات القرآن الكريم تؤكد على أن آدم هو الذي أخطأ أولا ، ومنها اﻵية 120 من سورة طه ( فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى * فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهم وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى *)
قد يعتقد البعض بأن الرأي الذي يقول بأن حواء هي التي أغواها الشيطان في البداية ،يعتمد على معتقدات المسيحيين واليهود، فهم يؤمنون بأن حواء هي السبب اﻷول في طرد اﻹنسان من الجنة ، حيث سفر التكوين في اﻹصحاح الثالث وفي اﻵيات 1-7 نقرأ ( وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب اﻹله ،فقالت للمرأة أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة*......*......* .....*..... فأخذت من ثمارها وأكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل *........ )
معظم علماء المسلمون يعتقدون ان ما تم ذكره في سفر التكوين عن تحريض حواء لآدم ليأكلا من الشجرة هو تحريف للحادثة وأن آدم هو من أخطأ أولا ، وبناء على هذه اﻵيات القرانية التي ذكرناها أعلاه يعتقدون تماما بأن آدم هو المسبب اﻷول في خروج اﻹنسان من الجنة وليس حواء.
سنعود ثانية إلى اﻵيات القرآنية لنبحث في مضمونها ، فظاهريا يبدو لنا من خلالها بأن آدم هو فعلا المسبب اﻷول ، ولكن هذه اﻵيات ذكرت أيضا في سور أخرى وبشكل مختلف قليلا لتؤكد على أن ما ذكر في سفر التكوين ليس خطأ ، وأن حواء هي فعلا التي كانت المسبب اﻷول في خروج اﻹنسان من الجنة وليس آدم. ولكن قبل أن نستطيع رؤية ذلك بشكل واضح تماما لا بد لنا من شرح أشياء أخرى لها علاقة قوية بموضوع بحثنا ، فهدف المقالة ليس فقط معرفة من كان السبب اﻷول في الخروج من الجنة ،حواء أم آدم ؟، ولكن هدف المقالة أعمق من ذلك بكثير ، وهو فهم حقيقة تطور اﻹنسانية ومحوره وإتجاهه، حيث فهم مبدأ التطور يساعد على فهم نقاط هامة جدا في حياتنا... كيف بدأنا؟ وما سبب وجودنا ؟ وإلى أين مصيرنا ؟ ،وكذلك ما علاقة ما يحدث اليوم بهذه القصة؟.
من يقرأ مؤلفاتي قد يجد أن الكثير من اﻷفكار الموجودة فيها قد تبدو له وكأن بعضها تعارض المعتقدات اﻹسلامية و آيات القرآن الكريم ، هذا ظاهريا صحيح ، لذلك تأخرت آرائي في ظهورها إلى الناس وقد إحتاج بعضها إلى سنوات طويلة من البحث الشاق ، للتأكد من صحة تلك المعلومة ، أما بالنسبة لفكرة موضوع اليوم ( من هو المسبب اﻷول في الخروج من الجنة حواء أم آدم ) فقد إحتاجت هذه المعلومة إلى بحث دام أكثر من35 عام ، فجميع أبحاثي تعتمد على المبدأ اﻷول في قانون تطور الروح والذي يقول ( حواء هي التي أخطأت ، وخطؤها هذا أدى إلى طرد اﻹنسان من الجنة ، ولذلك فإن حواء هي المسؤولة عن تصحيح ذلك الخطأ لتستطيع العودة مع أبنائها ثانية إلى الجنة ).فكل حركة تحدث في هذا الكون سببها علاقة ( مؤنث - مذكر) شحنة سالبة -شحنة موجبة. ...حمضي- قلوي....ساخن - بارد.....نبات - حيوان. ...إلخ.. على هذه العلاقة تم تطور كل شيء سواء على سطح الكرة اﻷرضية أو في الكون بأكمله منذ ولادته وحتى اﻵن.
علماء الديانات السماوية (اليهودية، المسيحية ، اﻹسلام ) يتكلمون عن عالم صغير يشمل اﻷرض وما يحدث عليها ،لذلك يرى علماء العلوم المادية بأن آراء علماء الدين عن الله وعن قصص اﻷنبياء ، وكأنها تشمل قوانين بسيطة جدا بمقارنتها مع تلك القوانين التي تحكم هذا الكون الفسيح ،لذلك كثير منهم هجر الدين ورفض وجود الله وإعتبر قصص اﻷنبياء ليست إلا مجرد آساطير وخرافات، لذلك في أبحاثي حاولت في مؤلفاتي أن أتكلم عن الكون بأكمله، فهي ترى أن الكون بأكمله هو مكان منفى اﻹنسان بعد طرده من الجنة ، وأن آدم وحواء والشيطان خرجوا من الجنة كروح وليس كجسد ، وما حدث من تطور في الكون منذ ولادته بالظاهرة المعروفة Big bang ( اﻹنفجار الكبير) قبل أكثر 14 مليار سنة وحتى اﻵن ليس إلا محاولة تكوين اﻹنسان من جديد ليصل إلى مستوى روحي وجسدي ملائم للعودة والعيش ثانية في الجنة. فالجنة بالنسبة لي و حسب أبحاثي هي خارج الكون، ﻷن قوانين الكون أصغر بكثير ﻷن تتسع في داخلها الخالق الذي خلق آدم وحواء وكل شيء ،فهذا الكون الشاسع قبل مليارات السنين كان حجمه أصغر من ثقب اﻹبرة ، والله عز وجل هو خارج هذا الكون ،فذلك الجزء من روح الله الذي نفخه في آدم عندما خلقه ، والذي إنقسم الى قسمين جزء منه في آدم وجزء آخر منه في حواء ، هذا الجزء من روح الله في هذا الثقب الصغير هو الذي حول هذا الثقب اﻷ سود الصغير إلى هذا الكون الفسيح كما نراه اليوم ، وهو الذي كان المسؤول عن كل خطوة من خطوات التطور التي تحدث في هذا الكون ، ومنه أيضا ولد كل شيء في هذا الكون. والصراع الذي يحدث بين قوى الخير الكونية وقوى الشر الكونية ، المقصود بها هي التي تحدث بين روح الشيطان وهذا الجزء من روح الله، وليس بين الشيطان و الله الذي خلق آدم وحواء والشيطان وكل شيء. كما يظن الكثير من علماء الدين.
ولو بحثنا في خطوات تطور الكون سنجد أنها تعتمد على الفكرة التي ذكرناها ، حواء تحاول تصحيح ذلك الخطأ الذي إرتكبته هي في البداية والذي كان سببا لطرد اﻹنسان من الجنة، وسنذكر أشياء قليلة متنوعة تؤكد لنا صحة هذه الفكرة :
- القرآن الكريم يبدأ بسورة الفاتحة ،أحد معاني عنوان هذه السورة هو ( المرأة الفاتحة ) ويعني المرأة التي فتحت أبواب الجنة ليخرج اﻹنسان منها ،ولكنها تعني أيضا المرأة التي فتحت طريق جديد للإنسانية لتسير بها لتصحح خطأها، فهي التي أخرجت اﻹنسان من الجنة ولكن بعد جهد طويل إستطاعت أن تنشئ وضع جديد يسمح لنزول الديانات وظهور الحضارات، فإسم عنوان السورة التي يبدأ بها القرآن الكريم ( المرأة الفاتحة) ليس صدفة ولكن حكمة إلهية تساعدنا على فهم حقيقة ما حصل في الجنة ،فلو كان آدم هو المذنب اﻷول لكان القرآن قد بدأ بسورة تحمل عنوان مذكر وليس إنثى ، لذلك نجد أن عدد أيات هذه السورة هو الرقم سبعة V الذي له شكل معاكس لرمز روح حواء Λ الذي يمثل رقم ثمانية كما خلقها الله قبل الخطيئة ، لذلك هناك آية إضافية تقرأ ولا تكتب في بداية هذه السورة وتجعل رقم آيات هذه السورة ثمانية بدلا من سبعة. وهي اﻵية ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) فوجوب إضافة هذه الآية قبل قراءة السورة هو دليل على أن حواء في البداية كانت بروح صالحة من النوع Λ ولكن بعد خطيئتها تحولت إلى النوع V والتي زاويتها تتجه نحو اﻷسفل كدليل على أنها هي التي كانت سبب الهبوط كما تقول اﻵية القرآنية ( قال إهبطوا بعضكم لبعض عدو. ......).
- يوجد في القرأن الكريم سورة تحمل عنوان ( النور ) وهذه الكلمة هي معاكسة تماما لما كان عليه الكون في بداية تكوينه حيث كان عبارة عن ثقب أسود لا نور فيه. فنجد أن بداية هذه السورة في اﻷية 2 تذكر ( الزانية والزاني. ... ) فوضع كلمة المؤنث ( الزانية ) قبل المذكر (الزاني ) ليس صدفة ولكن حكمة إلهية تساعدنا على فهم أن حواء كانت السبب اﻷول في خروج اﻹنسان من الجنة ، وأن سبب خروج اﻹنسان من النور ( الجنة ) إلى الظلام ( الثقب اﻷسود ) هو شجرة المعرفة الجنسية والتي أدت إلى الزنى كما شرحته في المقالة السابقة. لذلك كان رقم ترتيب هذه السورة هو 24 أي ( Λ +Λ +Λ ) حيث كل ثمانية ، تعبر عن دور روح حواء في تصحيح مراحل تطور الحياة الثلاثة (مائية ، يابسة ، جوية ) ، لذلك اﻵية 41 من سورة النور تذكر المرحلة اﻷخيرة من التطور وهو تطور الطيور ( .......والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما تفعلون )
- في تطور الحياة بشكل عام نجد أن اﻷنثى هي التي تحدد جهة التطور ، فالذكر في موسم التزاوج يعرض صفاته ولكن اﻷنثى هي التي ستختار ذلك الذي ستسمح له بالتزاوج معها ، فإذا إختارت ذكر بارعا في الطيران فتطور هذا النوع مع الزمن سيؤدي إلى نمو عضلات اﻷجنحة بشكل أفضل و سيعطي لجميع أفراده قدرة بارعة في الطيران ، أما إذا أختارت ذكرا بارعا في الجري فعندها مع الزمن ستقوى عضلات أرجله وتضعف عضلات أجنحته ويفقد جميع أفراد هذا النوع المقدرة على الطيران ، هذا هو القانون اﻷول في تطور الحياة، اﻷنثى هي المسؤولة ، ﻷنها هي التي أخطأت وأدت إلى تدهور صفات اﻹنسان وهي المسؤولة عن تصحيح هذا الخطأ ليستطيع العودة ثانية إلى الجنة ، لذلك القرآن الكريم يبدأ بسورة الفاتحة ، وكذلك نجد في قصص اﻷنبياء في التوراة أن الأمهات هن اللواتي وضعن جميع أسماء أبنائهن وليس اﻷباء ، وهذا السلوك الرمزي يفسر تماما ما يحدث في تطور الحياة في الطبيعة .
- في اﻹنسان أيضا نجد أن نضج اﻷعضاء الجنسية في اﻹناث يسبق الذكور بحوالي 3 سنوات ، وله معنى أن المعرفة الجنسية في اﻹناث تبدأ قبل الذكور وهذا ليس صدفة ولكن دليل على أن حواء هي التي أكلت أولا من شجرة المعرفة ( الثقافة الجنسية ) وبالتالي هي التي أغوت آدم وليس العكس.
- أيضا تصميم المجموعة الشمسية يعطينا صورة عن حقيقة ما حدث في الجنة. فتسلسل أسماء ترتيب الكواكب الخمسة اﻷولى يوافق تماما تسلسل أسماء شخصيات قصة الخلق كما هي مذكورة في الكتب المقدسة فهي موجودة بهذا التسلسل " آدم، حواء ، الشيطان ، قابيل ، هابيل " واﻷساطير اﻹغريقية وضعت أسماء اﻵلهة على الكواكب اﻷولى بهذا التسلسل " كوكب اﻷول عطارد (هيرميس إله الرسول)، كوكب الزهرة (أفروديت إلهة العشق )، كوكب اﻷرض ، كوكب المريخ (آريس إله الحرب )" . هنا نرى وجود توافق كامل بين وظيفة كل إله (الصورة)، مع دور شخصيات ق صة الخلق كما يلي :
1 - كوكب عطارد : هيرميس اﻹله الرسول ( يمثل آدم الذي نفخ الله فيه من روحه ، فأصبح صلة الوصل - رسول - بين الناس والله )
2 - كوكب الزهرة : أفروديتي إلهة العشق ( يمثل حواء التي غواها الشيطان لتعمل الفحشاء مع آدم والتي سببت طرد اﻹنسان من الجنة )
3 - كوكب اﻷرض : مكان طرد اﻹنسان ( يمثل الشيطان الذي أخرج اﻹنسان من الجنة )
4 - كوكب المريخ : آريس إله الحرب والقتل ( يمثل قابيل الذي قتل آخاه هابيل ،أول قاتل في تاريخ البشرية)
5- حزام الكويكبات والذي يعتقد بأنه كان كوكبا ولكنه تحطم وتحول إلى ملايين القطع المتناثرة (هابيل الذي قتله أخاه)
من توافق الرموز بين إسطورة الكواكب وقصة خلق اﻹنسان نحصل على معلومة وهي أن السبب الحقيقي لطرد اﻹنسان من الجنة كان إرتكاب الفحشاء ( الزنى ) والتي كان رمزها شجرة المعرفة. وأن المسبب اﻷول هو حواء التي أخذت هنا رمز الكوكب الثاني الذي يمثل إلهة العشق ( الزهرة - أفروديتي ). وليس من الصدفة أن أمراض اﻷعضاء التناسلية تسمى على إسمها ، اﻷمراض الزهرية ( أو اﻷفروديتية باللغات الغربية ) .وهذا دليل آخر على صحة ما نذكره.
لنعود ثانية إلى إثباتات الدين اﻹسلامي على صحة الفكرة ، فكما هو معروف لا يوجد أي حديث شريف يؤكد على أن الشيطان قد أغوى آدم أولا. ولكن يوجد أحاديث شريفة تؤكد على أن حواء هي التي أغواها الشيطان أولا ، وأحد هذه اﻷحاديث الشريفة يذكر " لولا حواء لم تخن اﻷنثى زوجها الدهر " أي لولا خيانة حواء ﻵدم في غوائه وتحريضه على على ممارسة الفحشاء لما ظهرت هذه الصفة في أي أنثى ، ورغم أن هذا الحديث الشريف مذكور في الصحيحين ( صحيح بخاري ،و صحيح مسلم ). اللذان يعتبران من أصح المراجع التي يثق بها علماءالدين اﻹسلامي عن اﻷحاديث الشريفة الصحيحة . ولكن الكثير من علماء الدين اﻹسلامي يرفضون صحة هذا الحديث الشريف ﻷنه حسب إعتقادهم يعارض اﻵية التي ذكرناه في بداية المقالة.
الحكمة اﻹلهية لا تترك أي شيء بدون أن تعطي معلومات وافية عنه لتحدد معناه بشكل دقيق جدا حتى لا تسمح ﻷي شخص أن يتكلم على هواه عن هذا الشيء، وطالما أن الكثير من علماء الدين رفضوا هذا الحديث الشريف ، لذلك يوجد حديث شريف آخر يؤمن بصحته جميع العلماء المسلمون ويؤكد على صحة الحديث السابق ولكن بطريقة غير مباشرة لم ينتبه إليها أي عالم مسلم من قبل ﻷنها تحتاج إلى تحليلات كثير وليس رؤية سطحية . الحديث الشريف الثاني طويل لذلك سنذكر ملخصه حيث يذكر بما معناه ( أن الله عز وجل عرض على آدم ذريته فرأى آدم في ذريته رجل فيه نور فسأل آدم الله عن إسم هذا الرجل فأخبره بأنه داوود ، وعندما رأى آدم أن داود سيعيش فقط أربعين سنة طلب آدم من الله أن يعطيه 60 سنة من عمره . ....) للأسف علماء الدين نظروا إلى هذا الحديث الشريف نظرة سطحية فلم يفهموا السبب الحقيقي من ذكره ، فهذا الحديث الشريف ليس صدفة ولكن يربط بين قصة آدم وقصة داوود عليهما الصلاة والسلام ليوضح لنا من خلال قصة داوود حقيقة مع حصل مع آدم في الجنة . القرآن الكريم أيضا نوه على تلك العلاقة بين آدم وداوود ، فنجد أنه هناك آيتين تذكر بأن الله سيجعل خليفة على اﻷرض ، اﻷولى اﻵية 30 من سورة البقرة المقصود بها آدم ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في اﻷرض خليفة. ....) ، والثانية اﻵية 26 من سورة ص والمقصود منها داوود ( يا داوود إنا جعلناك خليفة في اﻷرض. ......) .
فما هي علاقة داوود عليه الصلاة والسلام بقصة آدم وحواء ؟ ربط هذه اﻷمور ليس سهلا لذلك أرجو من القراء أن ينتبهوا جيدا في طريقة ربط المعلومات ليأخذوا فكرة بسيطة عن عظمة تصميم القرآن الكريم وعلاقته باﻷحاديث الشريفة وكيف يتم تعاون المعلومات الموجودة في الكتب المقدسة لنصل إلى الحقيقة المطلقة .
لنتابع ربط اﻵيات التي لها علاقة بالموضوع لنحصل على حقيقة ما حدث في الجنة.
اﻵية القرآنية 23 من سورة ص تذكر عما حصل مع داوود ( إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب ) هذه اﻵية نفسها مذكورة أيضا بشكل مختلف قليلا في اﻹصحاح الثاني عشر في سفر صموئيل الثاني الذي يتكلم عن داوود ( .......وكان للغني غنم وبقر كثيرة جدا. * وأما الفقير فلم يكن له شيء إلا نعجة واحدة. ........) هذه اﻵية ذكرها الله في القرآن الكريم لتؤكد على صحة ما يذكره سفر صموئيل الثاني عن كيفية إرتباط داوود مع تلك المرأة التي أنجبت له إبنه سليمان عليه الصلاة والسلام. فكما يذكر سفر صموئيل الثاني عن داوود في اﻹصحاح الحادي عشر ( وكان في وقت المساء أن داوود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح إمرأة تستحم. وكانت جميلة المنظر جدا.* .........* فأرسل داود رسلا وأخذها فدخلت عليه فاضطجع معها. .... ) هذه المرأة هنا هي المقصود منها ( النعجة التي أخذها داوود ليضمها إلى نعاجه ) وهي أيضا رمز لحواء فهي التي أغرت داوود عندما رأها عارية تستحم. لذلك عندما حملت من داوود ، الله لم يسمح ﻷبنهما أن يعيش فمات عند ولادته ﻷنه كان إبن الزنى ( كرمز لقابيل ) ولكن بعد ذلك عندما أصبحت هذه المرأة زوجته و تحولت العلاقة بينهما إلى علاقة حب عفيفة أنجبت له إبنه سليمان عليه الصلاة والسلام ( كرمز لهابيل ).
الحديث الشريف الذي ذكرناه والذي يتكلم عن آدم وداوود هو الذي ساعدنا على فهم أن قصة داود وزوجته بثشبع وإبنهما سليمان هم رموز تعبر عن حقيقة ماحدث في الجنة مع آدم وحواء وإبنهما هابيل. ولكن هنا القدر اﻹلهي تدخل ليمنع إبن الزنى ( رمز قابيل) من قتل أخيه سليمان ( رمز هابيل )، فمات اﻹبن اﻷول عند ولادته.
أيضا قصة حياة مريم العذراء هي دليل إلهي يؤكد على صحة فكرة موضوعنا بطريقة غير مباشرة. ويؤكد على أن حواء مع ظهور مريم في تاريخ اﻹنسانية قد إستطاعت تصحيح ذلك الخطأ الذي إرتكبته في الجنة والذي كان قد أدى إلى خروج اﻹنسان منها ، فقصة مريم تبدأ بخالتها اليزابيث عندما حملت من زوجها زكريا عليه الصلاة والسلام وهما في سن متقدمة جدا من العمر وليس كما حدث مع آدم وحواءعندما حملت حواء بقابيل وهي لا تزال في مرحلة بداية نموها الروحي . فأنجبت إليزابيث يحيى عليها الصلاة والسلام وهو رمز لقابيل الجديد الذي بدلا من أن يقتل أخيه هابيل سيفعل العكس تماما فهو سيمهد له الطريق ( لعيسى ) وأيضا سيضحي بنفسه من أجله (يحيى توفي بعد أن تم قطع رأسه ) ، وهابيل هنا هو عيسى عليه الصلاة والسلام الذي ولد من فتاة عذراء وبدون الحاجة للمضاجعة الجسدية بين المرأة والرجل كما يحدث بشكل طبيعي لإنجاب اﻷطفال. فزوجة زكريا إليزابيث هنا هي رمز حواء التي إستطاعت أن تطهر نفسها من خطيئتها لتنجب النبي يحيى ، أما أم مريم ( حنة ) فهي رمز حواء التي إستطاعت أن تلد أنثى (مريم ) خالية نهائيا من الشوائب الشيطانية كما خلق الله اﻹنسان في الجنة في ﻷول مرة ، ومن هذه الفتاة البتول ظهر منها عيسى عليه الصلاة والسلام كرمز حي تماما يعبر بنفس الوقت بطريقة رمزية عن ظهور حواء من آدم. ولكن هنا ظهر الرجل من المرأة . ( هذه هي إحدى معاني رموز مريم وعيسى عليه الصلاة والسلام ،ولكن قصة مريم وعيسى لها معاني أخرى تساعدنا على فهم أشياء أخرى هامة في تطور روح اﻹنسانية ، سنذكر بعضها في المستقبل إن شاء الله ).
آيات القرآن الكريم كتبت بوحي من الله وليس بفكر إنسان ، لذلك كل شيء فيها له معنى ولا يوجد شيء فيها وضع بالصدفة ، وفي اﻵيات التي تتكلم عما حدث في الجنة نجد أنه بعد وسوسة الشيطان وإرتكاب الخطيئة في الجنة ، تظهر آية مباشرة بعدها تذكر أن الله تاب على آدم ( 37 البقرة ، 121 طه ) ثم نجد في اﻵية التي تأتي بعدها مباشرة تذكر ( أهبطوا بعضكم لبعض عدو...) هذا يعني أن الله تاب على آدم قبل خروجه من الجنة ﻷن ذنبه كان أقل من ذنب حواء بكثير. ﻷنها هي التي بدأت هذا الخطأ.
اﻵن لنعود إلى اﻵية القرآنية التي ذكرناها في بداية المقالة والتي إستند عليها علماء الدين اﻹسلامي ليؤكدوا على ان سبب الخروج من الجنة هو آدم وليس حواء. هذه اﻵية تم ذكرها ثلاث مرات ولكن بإختلاف بسيط فيما بينهما ، فنجدها في سورة البقرة اﻵية 36 تبدأ بهذا الشكل (فأزلهما الشيطان. ...... ) وفي سورة اﻷعراف اﻵية 20 ( فوسوس لهما الشيطان.....) وفي سورة طه اﻵية 120 (فوسوس إليه الشيطان. ....) في اﻵيات الثلاثة نجد أن الحكمة اﻹلهية في تصميم القرآن الكريم تستخدم طرق مختلفة في التعبير لتؤكد على صحة ما ورد في التوراة ولكن بطريقة تحتاج إلى دقة في البحث ، فنجد أن اﻵية اﻷولى تبدأ بكلمة ( فأزلهما ) هنا اﻵية تذكر الخبر بشكل عام ﻷنها تذكر آدم وحواء معا ، في اﻵية الثانية تبدأ ب ( فوسوس لهما ) هنا أيضا الآية تذكر الخبر بشكل عام ﻷنها تذكر آدم وحواء معا ، ولكن نجد أن الحكمة الهية في هذه اﻵية تستخدم كلمة (لهما) بينما في اﻵية الثالثة التي تذكر آدم فقط نجد أنها تستخدم ( إليه ) . فعبارة ( وسوس له ) تشابه ظاهريا عبارة ( وسوس إليه ) ولكن بشكل دقيق هناك فرق بين معنى العبارتين ﻷن معنى كلمة ( له ) تختلف عن معنى ( إليه ) في التعبير . فمثلا نقول ( ذهبت إليه وقلت له ) هنا ( إليه ) نستخدمها للتعبير على وجود فاصل بين الإثنين أي على وجود علاقة غير مباشرة بين اﻹثنين ، أما ( له ) فتستخدم للتعبير عن وجود علاقة مباشرة بين اﻹثنين دون وجود فاصل ، فاﻵية التي يعتمد عليها علماء الدين ﻹثبات أن آدم هو الذي أخطأ أولا ، والتي تبدأ ب ( فوسوس إليه الشيطان. ... ) تدل على أن الشيطان لم يوسوس ﻵدم مباشرة ( لوجود فاصل بينهما ) ولكن عن طريق حواء لذلك تم إستخدام ( إليه ) وليس ( له ) أي أن حواء نقلت وسوسة الشيطان إلى آدم ، فلو كان آدم هو الذي أخطأ أولا ، لكانت اﻵية بدأت هكذا ( فوسوس له الشيطان. .....). ولكان عندها قد أصبحت رموز القرآن جميعها متناقضة فيما بينها ولكانت قوانين الطبيعة والتطور مخالفة جميعها لآيات القرآن الكريم. ﻷنها جميعها تعتمد على المبدأ الذي ذكرناه في بداية المقالة ( اﻷنثى هي التي بدأت أخطأت ) فمن العدل أن تصحح هي هذا الخطأ وليس من المعقول أن تتحمل هي نتيجة خطأ خطأ آدم.
وعدا عن هذه اﻹثباتات هناك شيء مهم آخر، فالقرآن الكريم يذكر أن الله فضل آدم عن جميع مخلوقاته وعلمه اﻷسماء ،وهذا له معنى أن آدم هو تلميذ الله ، فإذا إعتبرنا أن آدم هو الذي أخطأ أولا ، هذا يعني أن الله عز وجل معلم فاشل ( معاذ الله ) ولكن الحقيقة هي أن آدم إرتكب الخطأ ﻷن حواء التي أحبها حبا جما ( كما يظهر في سفر التكوين ) هي التي أغوته بشكل مباشر وليس الشيطان. وللأسف علماء المسلمون يصرون على أن آدم هو الذي أخطأ أولا دون أن يحاولوا فهم مدى عمق معنى اﻵية التي تقول وعلم الله آدم اﻷسماء ، رؤية هذا الترابط المحكم في معلومات الكتب المقدسة لا يحتاج إلى ذكاء بقدر ما يحتاج أولا إلى نية سليمة في البحث هدفها الوصول إلى الحقيقة ، فللأسف الكثير من علماء الدين اليوم لا يقرأون كتب الديانات اﻷخرى بهدف الوصول إلى الحقيقة ولكن ﻹثبات كم هي على خطأ وليظهروها أمام الناس العامة وكأنها ديانات شيطانية ليزيدوا العداوة والبغضاء بين الشعوب ، للأسف هذا المنطق في البحث هو الذي أدى بالأمة اﻹسلامية لتصل اﻵن إلى هذا المستوى من اﻹنحطاط اﻹجتماعي والسياسي والفكري والديني ، ﻷن مسلمو اليوم يعتمدون المنطق الموجود في هذه الدعاء ( إلهي إحصي اليهود عددا ،وأهلكهم بدا، ولا تبقي منهم أحد ) بينما نجد دعاء الرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وقف على باب قرية خيبر اليهودية والتي حاول أهلها بكل جهودهم القضاء على اﻹسلام ومنع إنتشاره فنراه يقول ( اللهم. ..... فإنا نسألك خير هذه القرية ،وخير أهلها ، وخير ما فيها ، ونعوذ بك من شر هذه القرية وشر أهلها ، وشر ما فيها ) ، الحديث الشريف ، يبدأ بدعاء الرسول لخير أهل هذه القرية ، فالله عز وجل هو فقط يعلم أين أخطأ اليهود وهو فقط يستطيع تحقيق العدالة المطلقة عليهم . هذا هو اﻹسلام الذي أنزله الله على المسلمين ، دين محبة وأخوة وسلام ، بينما دعاء المسلمين اليوم هو دعاء فرعون عندما ذهب بجيشه خلف قوم موسى ليبيدهم فأغرقه الله هو وجنوده.
في القرن التاسع عشر وبعد مسيرة من العذاب والشقاء والظلم ومجهود كبير بذلته المرأة على مدى آلاف السنين في تصحيح خطأ أمنا حواء من كل الشوائب الشيطانية وهذا الصفاء الروحي ليشمل نساء العالم بأكمله ،إستطاعت المرأة أن تاخذ حقها في دخول المدارس والجامعات ولتلعب دورها الحقيقي في تصحيح المجتمع ، لتبدأ اﻹنسانية عهدا جديد تعيش شعوبها ومجتمعاتها في عالم يملؤه السلام واﻷمن والمحبة والعدالة ، ولكن للأسف ، بدلا من أن يحصل هذا نجد أن أولئك الرجال الذين لا يريدون من المرأة أن تطهر أبنائها من شوائب الشيطان ، نجدهم يستخدمون ثمرة التطورات العلمية والفكرية والدينية في سبيل خداعها مرة ثانية ،فنجد الفنان المزيف (بول سيزان ) الملقب بأبو الفن الحديث يرسم لوحته ويصرخ ( بتفاحة سأدهش باريس) ،ولم يعلم أحدا أنه هذه التفاحة كانت رمزا لتلك التفاحة التي قدمتها حواء إلى آدم فأخرجته من الجنة ، كثير من أمثال سيزان ، كماركس وداروين وأميل زولا وغيرهم من كبار فكر القرن التاسع عشر لعبوا دور الشيطان ليخدعوا المرأة ثانية ، الكتب المدرسية اليوم والبرامج التلفزيونية ووسائل اﻹعلام تقوم يوميا بعملية غسيل دماغي، لمنع المرأة من فهم دورها الحقيقي في هذا الكون.واﻷطفال اليوم منذ صغرهم كل ما هو حولهم يدفعهم إلى حب العنف والوحشية ليتحولوا إلى نسخة مشابهة لقابيل إبن الزنى ،وﻷول مرة في تاريخ البشرية تولد ظاهرة جديدة ( أطفال ترتكب جرائم قتل ).
بسبب خداع المرأة ثانية ، اﻹنسانية تخلت عن الله، حتى الذين يؤمنون بالله إيمانهم سطحي لا فائدة منه ، لذلك خرجت اﻹنسانية ثانية من الجنة ، ولكن الله موجود ، وهو يمهل ولا يهمل ويوما ما عساه قريبا إن شاءالله، سيحدث التدخل اﻹلهي ليحل هو مشاكل هذه اﻹنسانية التي بسبب تشعبها الشديد وصلت هذه المشاكل إلى مستوى يتطلب مقدرات عقلية خارقة أكبر بكثير من مقدرات اﻹنسان العقلية ، ولتكون هذه المرحلة درساً للإنسانية لا تنساه أبدا ( اﻹنسان بدون الله لاشيء لا شيء على اﻹطلاق ).
وسوم: 636