خواطر من الكون المجاور الخاطرة 54 ..دور الحقيقي للمرأة

حتى نستطيع فهم الدور الحقيقي للمرأة في تطور المجتمعات اﻹنسانية ،لا بد من ذكر عدة فقرات توضح تكوينها الروحي ونوعية إحساساتها كفرد : اليوم معظم الناس العامة يعتقدون أن الثمرة التي كانت سببا في طرد اﻹنسان من الجنة هي التفاح (تفاحة آدم) .

ولكن معظم علماء الدين وخاصة المسلمين واليهود يرفضون هذه المعلومة، والسبب هو أنه لا يوجد أي مرجع ديني في أي كتاب مقدس من الديانات السماوية تذكر بأن الثمرة كانت تفاحة. والسؤال هنا لماذا الكتب المقدسة تركت هذا الموضوع بهذا الغموض؟ الجواب على هذا السؤال بسيط جدا ، هو أن مستوى التحليل العقلي عند اﻹنسان وكذلك مستوى علومهم في فترة نزول سفر التكوين لم يكن مناسب لفهم هذا الموضوع لذلك تم ذكرها بأسلوب بسيط رمزي ولم يدخل في تفاصيل اﻷحداث لكي لا يتوه فكر المؤمن بأشياء لا تلائم تطوره الروحي في تلك الفترة، وكان المطلوب من المؤمن في ذلك الوقت فقط أن لا يخالف أوامر الرب. ولكن مع ظهور الدين المسيحي وإنتقاله إلى أوروبا تم توحيد الفكر الديني مع الفكر الغربي،وبدلا من تقديس إلهة العشق (أفروديت) التي كانت بالنسبة للمسيحيين تعتبر رمز الزنى، حلت محلها مريم العذراء لتكون رمز العفة ، وبما أن ثمرة التفاح كانت ثمرة إلهة العشق حيث كانت تستخدم أيضا عند الغربيين كمنشط جنسي ، وعدا عن هذا فقد شاءت شاءت الحكمة اﻹلهية أيضا أن يكون لفظ كلمة تفاح باليوناني ( ميلو ) مشابه تماما للفظ كلمة (سوء ) في اللغة اللاتينية. فذهب رجال الدين المسيحي وإعتبروا ثمرة إلهة العشق التفاح هي ثمرة الشجرة المحرمة التي كانت سببا في طرد اﻹنسان من الجنة . ما حصل بخصوص معنى ثمرة التفاح لم يكن صدفة ولكن نوع من الطرق التي يوحي فيها الله إلى عباده لتجديد تفسير قصة الشجرة المحرمة. فمع ظهور هذه المعلومة عند المسحيين أصبحت اﻷمور أكثر وضوحا في قصة آدم وحواء ،و أن السبب الحقيقي في طرد اﻹنسان من الجنة كان الزنى والذي كانت نتيجته ولادة قابيل القاتل .لذلك نجد أن سفر التكوين الذي يبدأ بقصة خلق آدم وحواء وأكل ثمرة الشجرة المحرمة وكذلك مقتل هابيل على يد أخيه قابيل ، نجد هذا الكتاب ينتهي بقصة يوسف عليه الصلاة والسلام ، وهذا ليس صدفة ولكن حكمة إلهية وله علاقة مباشرة بقصة بداية الكتاب حيث قصة يوسف لها معنى محدد وهو أن حواء إستطاعت تصحيح خطئها ، فإسم يوسف هو من ثمرة اليوسفي ، وكما هو معروف أن زهرة اليوسفي هي رمز للعفة ، وثمرة اليوسفي تختلف في طبيعة تكوينها ونموها عن ثمرة التفاح ، لذلك فثمرة التفاح علميا تعتبر ثمرة كاذبة بينما ثمرة اليوسفي تعتبر ثمرة حقيقية ،والسبب هو أن الجزء الصالح للأكل في ثمرة التفاح هو القسم النامي من جدار المبيض واﻷجزاء اﻷخرى الخارجية المحيطة به في الزهرة الملقحة (الصورة ) ،أي الجزء الخارجي منها ( المادي ) . أما ثمرة اليوسفي فاﻷمر معاكس تماما ، حيث أن هذا الجزء لا يؤكل ﻷنه يمثل قشرة الثمرة ، أما الجزء المأكول من ثمرة اليوسفي فهو ذلك الجزء النامي من اﻷخبية داخل المبيض في الزهرة الملقحة ( الروحي ) (الصورة). لذلك نجد أن عناصر أحداث قصة حياة يوسف أيضا معاكسة تماما لقصة آدم وحواء وما جرى بسببهما ﻷبنائهما قابيل وهابيل ، فنجد في قصة يوسف أنه يرفض مجامعة إمرأة سيده رغم إغرائها الشديد له ( رمز العفة بعكس خطيئة آدم وحواء ) ، وكذلك أيضا نجده يرفض اﻹنتقام من إخوته الذين باعوه ليصبح عبدا في مصر ، ولكن بدلا من ذلك نجد أنه سامحهم وساعدهم (رمز حب السلام بعكس جريمة قابيل ). فالتكوين والذي يحمل معنى جميع أشكال التطور المادية والروحية ، هدفه اﻷخير هو ما عبرت عنه رموز قصة يوسف عليه الصلاة والسلام وهي (العفة - والسلام ). القرآن الكريم أشار إلى هذا الجانب في اﻵية 3 من سورة يوسف ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين ) والمقصود بها أن قصة يوسف هي جوهر القصص المذكورة في الكتب المقدسة ﻷنها تعبر عن أهم أعمدة التطور الكوني واﻹنساني وهي العفة والسلام. وليس من الصدفة أيضا أن آخر ديانة سماوية تدعى ( اﻹسلام ) حيث هذه الكلمة لها معنى ( فرض حب السلام على المؤمنين) وليس من الصدفة أن قبل هذه الديانة في الترتيب كانت الديانة المسيحية والتي إعتمدت على قصة مريم العذراء (العفة) حيث هذه الديانة تفرض على نساء الدين ( الراهبات) بالعفة اﻷبدية ، وكذلك على كبار رجال الدين ( المطارنة ) أيضا العفة اﻷبدية.فلا يحق لهما لا الزواج ولا معاشرة الجنس اﻵخر، وهذا ليس صدفة ولكن علامة إلهية تؤكد على صحة قصة آدم وحواء بالرمزين ( الزنى - القتل ) كأسباب طرد اﻹنسان من الجنة. المرأة بدأت الخطأ والرجل تابع ذلك الخطأ وكانت النتيجة خروج اﻹنسان من الجنة ،وحسب أبحاثي هذه القصة حدثت قبل مليارات السنين ،ومن روح الله في آدم وحواء تكوَّن هذا الكون الفسيح بأكمله والذي نعيش فيه ولا نعلم عنه حتى اﻵن سوى 4،5 % ، ومن هذه ال 4،5 % نجد أن علماء اليوم لا يعرفون عنها سوى أشياء سطحية لا تفيد في حل أي مشكلة إجتماعية لها علاقة بسلوك اﻹنسان. فمعلوماتنا عن ولادة الكون وتطوره كما يذكرها العلماء في الكتب والمجلات ووسائل اﻹعلام العلمية تعتبر معلومات فقيرة روحيا وتبدو لنا وكأنها ليس لها علاقة نهائيا بولادة وتطور اﻹنسان ، وكأن كل شيء وكل حركة في هذا الكون تحدث صدفة دون وجود أي خطة أو سبب له علاقة مع الهدف الحقيقي لهذا التطور وهو ولادة اﻹنسان وتصحيح سلوكه ليستطيع العودة إلى وطن اﻷم الجنة. قد يتساءل البعض كل هذه المليارات من السنين من التطورات التي حدثت كانت فقط من أجل خطأ إرتكبته حواء وتابعه آدم ؟!، اﻷمور ليست بهذه البساطة كما يتصورها الكثير ، فقصة الخروج من الجنة ورموزها كما هي مذكورة في الكتب المقدسة كتبت بطريقة مناسبة لمستوى عقل اﻹنسان ،ليفهمها بشكل أوضح كلما إكتسب معلومات جديدة وخبرات جديدة يستطيع بها فك رموز القصة. ولكن حقيقة ماحصل في الجنة بكامل تفاصيلها ، فربما لن نعرفها أبدا ،ﻷن اﻷمور خارج الكون تحكمها قوانين تختلف عن قوانين كوننا ، فمثلا مهما حاولنا شرح معنى اللون اﻷحمر لشخص أعمى سيبقى عاجزا عن اﻹحساس به لعدم وجود خبرات في فكره عن معنى طبيعة اﻷلوان ليفهم ويشعر بنوعية إختلاف اللون الأحمر عن اﻷلوان اﻷخرى ، أو مثلا مهما شرحنا للخروف معنى العدالة فلن يفهم معنى هذه الكلمة ﻷن مستواه العقلي هو أقل من أن يصل إلى فهم أبعاد معنى هذه الكلمة ، لذلك فالخروف لن يتساءل مع نفسه أبدا ، لماذا الذئب يريد إفتراسي ، أين العدالة في هذا الموضوع ؟ وهكذا تماما الظروف في الجنة ، فمهما حاولنا أن نبحث عن طبيعتها ونوعية الحياة فيها في فكرنا سنبقى عاجزين عن فهمها لعدم وجود المعلومات والخبرات الكافية. لذلك فإن محاولة البحث عن نوعية الحياة خارج الكون أو طبيعة الجنة ، هو ليس فقط ضياع للوقت ولكن أيضا نوع من اﻹشراك بالله ﻷن اﻹنسان في هذه الحالة يحاول الخروج عن قدراته بهدف الوصول إلى قدرات إلهية ، أو كما نسميها علوم الغيبية. اﻹنسان والشيطان خرجا من الجنة كروح وليس كجسد ، روح آدم وحواء هي تلك الروح التي نفخها الله في آدم ،عندما خلقه في البداية والتي رمزها ( Λ ا )، والتي فيما بعد مع خلق حواء إنقسمت إلى قسمين روح آدم ( ا ) وروح حواء ( Λ )،هذه الروح اﻹلهية داخل هذا الكون هي التي قامت بتكوين المادة وتطويرها من بداية ولادة الكون وحتى ظهور اﻹنسان ، حيث في البداية تم تكوين المادة الكمية ( كوارك ، فوتون، ألكترون، بروتون، نيترون...إلخ ) ومن إتحاد هذه العناصر تم تكوين الذرات ( هيدروجين، أوكسجين، كربون، نيتروجين، حديد.....إلخ ) ومن إتحاد الذرات تم تكوين المواد العضوية المختلفة ( الأحماض اﻷمينية ، والسكريات، الكحول، ....إلخ) ومن إتحاد هذه المواد العضوية وضمن ظروف معينة تم تكوين الـ DNA والذي يعتبر الحجر اﻷساسي للحياة لأن له المقدرة على التكاثر ، ومن تطور الـDNA من وحيدات الخلية إلى متعددات الخلايا حتى وصلت الحياة إلى مرحلة إستطاعت بها تكوين اﻹنسان ،ومن التطور الفكري للإنسان ظهرت الحضارات والديانات والعلوم ، لتصل اﻹنسانية إلى ما عليه اﻵن. للأسف المنهج العلمي الحديث نظر إلى جميع تلك التطورات برؤية مادية سطحية لذلك كانت جميع أبحاث العلماء تتعلق بالتطور المادي للأشياء ،ولكن المادة هي من صنع الروح التي تكمن في داخلها ،فالمادة نفسها ليست إلا وسيلة تستطيع بها الروح أن تعبر عن وجودها ونوعية دورها في هذا الوجود ،وبدون روح لا يمكن للمادة أن توجد أصلا، لذلك قبل ظاهرة اﻹنفجار الكبير Big bang العلماء لا يعلمون شيئا على اﻹطلاق حيث علومهم عندها تتوقف عن العمل ، ﻷن المادة لم تكون موجودة قبل اﻹنفجار الكبير حتى يستطيعوا دراستها ليعلم شيئا عم حدث في تلك المرحلة والسبب أن الروح كانت في تلك الفترة في مرحلة إعادة تنسيق أجزائها على الشكل الصحيح. للأسف إستخدام المنطق المادي الفقير روحيا في البحث العلمي جعل بشكل عام أبحاث العلماء والمفكرين في الفترة اﻷخيرة أبحاث سطحية تتعلق فقط بالمادة ، وليس بمضمون اﻷشياء واﻷحداث ، فكل شيء في هذا الكون هو إما مؤنث أو مذكر أو حيادي (مذكر ومؤنث معا ) ، لذلك جميع التفاعلات الفيزيائية التي أدت إلى تكوين الذرات المختلفة ،وكذلك التفاعلات الكيميائية التي أدت إلى تكوين المركبات العضوية ولا عضوية ، حدثت نتيجة إختلاف طبيعة العلاقة ( ذكر - أنثى ) هذه العلاقة هي التي كانت أساس جميع التغيرات والتطورات التي حدثت في الكون، فظهرت منها الكواكب والنجوم والمجرات وكل شيء وكذلك من هذه العلاقة عبر تاريخ اﻹنسانية ظهرت الديانات والحضارات لتؤثر على سلوك اﻹنسان اﻹجتماعي ( الروحي والمادي ) ، لتصل اﻹنسانية إلى ما هي عليه اليوم. إن فقر المنهج العلمي الحديث روحيا جعلنا ننظر إلى اﻹتحادات والتطورات نظرة فقيرة روحيا لذلك كانت معلومات الانسان معارف فقيرة لا تفيده شيئا في تحسين سلوكه وطبيعة وجوده كفرد في المجتمع ،لذلك سنحاول شرح العلاقة ( ذكر - أنثى) على مستوى المجتمع اﻹنساني لنفهم بالضبط دور المرأة في بناء وتطور المجتمعات اﻹنسانية : في الكتب المقدسة نجد أن معظم أسماء اﻷنبياء قد وضعتهم أمهاتهم وليس آباءهم ،وهذا ليس صدفة ولكن له معنى أن المرأة قد بدأت ترى جوهر اﻷشياء ،فاﻹسم هو رمز يعبر عن جوهر الشيء ، وطالما أن المرأة وصلت إلى مرحلة تستطيع إستخدام الرموز هذا يعني أنها إكتسبت القدرة في تصحيح خطيئتها ، لذلك نجد أن يوسف الذي استطاع تصحيح قصة آدم وحواء كان اسم أمه هو راحيل ، وهذا اﻹسم كلفظ يسمع وكأنه يتألف من كلمتين ( راح - إل ) حيث ( راح ) تعني كف اليد ، و ( إل ) تعني الله في العبرية، فمعنى إسم راحيل هو كف الله أي يد الله ،أي أن راحيل أصبحت خليفة حواء حيث أنها إستطاعت إنجاب إبنها يوسف الذي إسمه يعتبر رمزا للعفة والسلام ،وهذا يعني أن ظهور راحيل نفسها في تاريخ اﻹنسانية هو رمز له معنى أن المرأة بشكل عام هي يد الله وهي التي أخذت الدور اﻷول في تحديد جهة التطور الروحي للإنسانية. الحديث الشريف الذي يذكر ( الجنة تحت أقدام اﻷمهات ) يعبر تماما عن جوهر دور المرأة ، فالمرأة هي التي ستحمل في أحشائها الروح الجديدة التي ستأتي إلى الحياة ، لذلك فهي التي ستحدد فيما إذا كانت ستنجب أولادا من رجل له صفات قابيل (رمز للشيطان ) أم أنها ستنجب أولادا من رجل له صفات هابيل ( رمز لآدم ) ، فاﻹنسانية بدأت بنوعين من الرجال رجال لهم صفات قابيل ( روح السوء) ، ورجال لهم صفات هابيل ( روح الخير )، ويمكن رؤية الفرق بينهما من خلال تلك اﻵثار التي تركوها لنا منذ آلاف السنين ،ومنها تمثال فينوس براسمبوي وفينوس ولندروف (الصورة ). الفنان الذي صمم تمثال فينوس براسمبوي هو رمز الرجال من النوع هابيل (روح الخير ) حيث التمثال يعبر عن نوعية العلاقة بين هذا النوع من الرجال مع المرأة ، فنجد أن هذا الفنان رأى في المرأة الكائن العلوي فيها ، فأحس بجمال هذا الكائن المختلف تماما عن الكائنات الحية اﻷخرى جميعها ،فنحت هذا التمثال ليعبر عن جمال رأس المرأة كرمز للعواطف السامية التي تحملها المرأة من عطف وحنان وتسامح ومحبة لزوجها وأولادها ، لذلك نحت رأسها فقط بدون جسد كتعبير روحي يؤكد على أن المرأة هي روح العائلة وهي القسم الروحي للمجتمع. الفنان المزيف الذي صمم تمثال فينوس ولندروف هو رمز الرجال من النوع قابيل ( روح السوء) والتمثال هنا يعبر عن نوعية العلاقة بين هذا النوع من الرجال مع المرأة ، فنجد أن الفنان المزيف الذي صمم هذا التمثال قد رأى في المرأة جسدها فقط ، فلم يشعر نهائيا بكائنها العلوي ولا بعواطفها ولا بجمال تعابير وجهها وكأن هذه اﻷشياء الموجودة في رأس المرأة بالنسبة له أشياء عديمة الفائدة لذلك صنع رأسها ككرة صماء لا معنى له ، فالمرأة بالنسبة له كانت قطعة من اللحم دورها تحقيق إشباع شهواته الحيوانية ، وعدا عن ذلك هي أيضا مصنع لصناعة اﻷبناء ليزداد عدد أفراد عشيرته فتكتسب قوة يستخدمها لقتل الحيوانات لتأمين الغذاء وللإنتصار على الجماعات اﻹنسانية اﻷخرى ليسلب نسائهم ﻹشباع شهواته ولإنجاب المزيد من الرجال. لذلك كان هدف المرأة اﻷول منذ ظهور اﻹنسانية على سطح اﻷرض هو نزع الشوائب الشيطانية من أبنائها الذكور لينموا ويصبحوا رجالا من النوع هابيل ، ومع مرور آلاف السنين من حياة اﻹنسانية ، إستطاعت المرأة تحقيق جزء من حلمها ،فأصبحت نسبة الرجال من نوع هابيل تزداد في المجتمعات اﻹنسانية ، فتعلم اﻹنسان الزراعة وإستقر في مكان إقامته ، وبدأت تتكون مجتمعات كبيرة مترابطة مع بعضها البعض، فتحول النظام اﻹجتماعي من نظام العائلة الكبيرة إلى نظام القرية، أو القبيلة ، ومع مرور السنين ظهر نظام المدينة أو الدويلة ، ومع مرور الزمن ظهر نظام الدولة. ثم اﻷمة. حيث أصبح دور المرأة في المجتمع هو تأمين الحاجات الروحية للإنسان (الحنان ، الصبر، المحبة ، السلام ، التسامح ، حب التعاون ، العدالة ،الحرية ، ......الخ ) أما الرجل فدوره تأمين الحاجات الجسدية للإنسانية (أكل ، شرب ، الدفاع عن النفس ، ...) لذلك عبر مرور آلاف السنين نجد ظهور نشاطات فكرية تحولت إلى نوعين من العلوم ، علوم روحية إنسانية ( فن،أدب ، دين، إجتماع، علم نفس..... ) تساهم في تحقيق السعادة الروحية وتنميتها والتي تدخل في قسم تأمين الحاجات الروحية، وأخرى علوم مادية ( طب ، هندسة ، فيزياء ، كيمياء. ....) تهتم بحماية جسده من الامراض والعوامل البيئية التي حوله والتي تدخل في قسم تأمين الحاجات الجسدية ، وهناك أيضا علوم الفلسفة الذي يوحد بين النوعين من العلوم ليتم التوافق بينهما من أجل تنسيق الحاجات اﻹنسانية فيما بينها بشكل أفضل لتستطيع اﻹنسانية إيجاد نوع من التوازن بين الحاجات الروحية والحاجات الجسدية يضمن لها التطور المستمر نحو اﻷفضل. ولكن كون اﻹنسانية تعيش في الكرة اﻷرضية (منطقة الشيطان ) لذلك ساهمت الظروف أن تجعل الرجل أقوى جسديا من المرأة ، فكانت المرأة تبدو وكأنها كائن ضعيف أقل من الرجل ، لذلك في بداية ظهور اﻹنسانية كان المجتمع بشكل عام تحت سيطرة الغرائز الحيوانية ( رجال من نوع قابيل) ، لذلك لم تسمح الظروف في ذلك الوقت للمرأة أن تأخذ دورها بشكله الظاهري ولكن عن طريق بعض أبنائها الذين إستطاعوا أن يصبحوا فنانين ورجال دين ومفكرين ليقوموا هم بأنفسهم بهذا الدور بدلا من المرأة بهدف تحقيق الحاجات الروحية للإنسانية على مستوى الدولة وليس فقط على مستوى العائلة كما هو بالنسبة للمرأة، وليقفوا هؤلاء في مواجهة أولئك الرجال الذين يريدون أن تبقى المرأة مجرد جسد يشبع شهواتهم وينجب لهم أبناء لذلك كانوا يحاولون دوما تنمية الغرائز الحيوانية على حساب العواطف لتحقيق هدفهم . في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر وصلت اﻹنسانية إلى مرحلة جديدة تستطيع بها المرأة أن تأخذ دورها هي بيدها في تحقيق مالم يستطيع الرجال تحقيقه وأهمها السلام العالمي لتعيش اﻹنسانية كعائلة واحدة دون حروب. وحتى يحصل ذلك وجب على المرأة أن تستخدم منطقها هي في البحث العلمي في كافة المواد العلمية ، فكل علم مهما كان حتى علوم الفيزياء لها شق مادي وشق روحي ودور المرأة كان أن تتعمق في الشق الروحي لكافة العلوم لتتحول معلومات هذه العلوم إلى معلومات لها علاقة بالتكوين المادي والروحي للإنسانية وليس فقط في التكوين المادي كما يحدث اليوم . ولكن للأسف ، هذه الحالة الجديدة لم تعجب أولئك الرجال الذين ينظرون إلى المرأة كجسد فقط. فذهبوا وشوهوا الفن والفلسفة واﻷدب، فتحولت هذه النشاطات الفكرية الروحية إلى علوم مزيفة إستخدموها بطريقة خبيثة وذكية في الخداع، حيث ساهموا هم بأنفسهم في مساعدة المرأة في الخروج إلى المجتمع ودخول المدارس والجامعات ولكن ليس لتأخذ دورها كمرأة تبحث في الشق الروحي لكل شيء ولكن كرجل يبحث في مادة اﻷشياء فقط ، فدخلت اﻹنسانية في حالة جديدة مختلفة نهائيا عن تلك الحالة التي كانت تحلم بها وتخطط لها ، حروب عالمية ، عنف ، وحشية، فساد خلقي ، إباحة جنسية تعم معظم شعوب العالم. اليوم الكتب المدرسية بشكل عام خالية من نور الله ، ﻷن الرجال من نوع قابيل إستطاعوا السيطرة على المنهج التعليمي ،فإمتلأت الكتب المدرسية واللا مدرسية بآرائهم ونظرياتهم ، وبدلا من ان تذهب المرأة إلى المدارس والجامعات لتتعلم و لتأخذ دورها الحقيقي بيدها في إصلاح المجتمع ، تحولت هي اﻷخرى إلى كائن جديد له جسد إمرأة ولكنه ينظر إلى ما حوله بعين رجل ويفكر بمنطق رجل ، وكانت النتيجة أن اﻹنسانية اليوم بأكملها تعيش كطفل يتيم اﻷم ينمو بدون عطف وحنان وحضن دافئ.

وسوم: 637