خواطر من الكون المجاور الخاطرة 72 ..اﻹنسان مخير أم مسير؟

 فيما كانت معلمة الصف الثاني اﻹبتدائي تلقي درسها المقرر في الحصة اﻷولى الصباحية ، أخذ تلميذ يبري قلمه الرصاص حتى غدا رأسه رفيعا كالإبرة ، وحين إبتعدت المعلمة لتكتب شيئا على اللوح ، وحين أستوثق من أن أحدا لا يراه ، أمسك القلم كمن يقبض على خنجر أو يستل سيفا ، ونادى هامسا تلميذا يجلس قبالته في المقعد اﻷمامي ، وحين إلتفت هذا ليرى ما يريده منه أغمد القلم بكل قوة في عينه كأنه يريد فقء عينه اليمنى . ولكن من حسن الحظ نبت يده فأخطأت العين وأنغرز القلم في الحملاق دون أن يصيب العين نفسها.

 أنفجر الذعر في قلوب أطفال الصف وهم يسمعون صرخة اﻷلم الحادة المفاجئة التي هزت الصف بأكمله ، وزاد هلعهم رؤية الدماء تنزف بغزارة من العين اليمنى لزميلهم ، فإندفعوا بدون وعي أو فهم لما يجري يصرخون بجنون وهلع. هذا الصراخ الهائل هال مدير المدرسة ومعلمي الصفوف اﻷخرى فجروا مسرعين ليروا ماحدث في ذلك الصف! وبعد دقائق حضرت عربة اﻹسعاف ومن ثم الشرطة وتبعهم والدا الطفل المصاب اللذان هاج غضبهما على المعلمة وهددا بشكوى المعلمة إلى القضاء ﻹهمالها في واجبها واستهتارها في الحرص على سلامة تلاميذها ، فيما لبثت هي صامتة لا تنبس ببنت شفة واجمة ذاهلة غير مصدقة بأن حادث كهذا مقدرا له أن يحدث في صفها الثاني اﻹبتدائي ، الذي تلاميذه أطفال لا يتجاوز عمر أحدهم ثمانية أعوام.

 هذه المعلمة الشابة شعرت في تلك اللحظات بخيبة عظيمة وإحباطا لا حدود له وهي التي من فرط حبها للأطفال ، قد نذرت نفسها لهذه المهنة الشاقة واختارتها من دون سواها مربية لهم ترعاهم وتحنو عليهم ليكونوا جيلا صالحا في المستقبل. ولكن في ذلك اليوم بدا لها أن حلمها هذا هو مجرد خيال ووهم لا يمكن تحقيقه في الواقع ، ومن خلال مناقشاتها مع زميلاتها المعلمات حول الحادث المروع فيما بعد علمت أنهن هن أيضا يعانين الشكوى نفسها، والخيبة كذلك. ورأيهن أن أطفال اليوم مختلفون عن أطفال اﻷمس وكأنهم صنف جديد مغاير لما كانوا عليه في الماضي القريب البعيد ، فالطفل ذو صفات ومزايا تختلف عن صفات الكبار ومزاياهم ، تجعل منه كائنا يدعى ( طفل ) وهي موجودة في أطفال العالم جميعهم.

 الطفل مخلوق وديع عاطفي يضحك ويتأثر بسهولة وعفوية ، فيه حس مسامحة اﻵخرين والعفو عنهم، لا يحمل حقدا في قلبه زمنا طويلا على هؤلاء الذين يسيئون إليه ، بل سرعان ما ينسى ما أغضبه فأبكاه منهم. وهو كائن تلمس في طباعه احترام الكبار وتوقيرهم ، فتراه ممتنعا عن التصرف أمامهم أوحيالهم كما يحلو له ، أو بما يزعجهم وهذا ما يجعله كائنا بريئا لا خطر في نفسه على نفسه أوعلى أقرانه.

 ولكن أطفال اليوم - حسب رأي المعلمات - فاقدي العاطفة لا خجل يردعهم أو يحثهم على اﻻحترام ، قد خلت نفوسهم من مشاعر العفوية السامية ، لا يجد الغفران إلى قلوبهم سبيلا حيال إساءات اﻵخرين ، فينصرفون إلى البحث عن وسيلة انتقام من كل من يخطئ في حقهم أو يتعرض لهم بأذى.

 هذه الحادثة جرت عام 1986 في اليونان روتها لي معلمة الصف نفسها. وعلى الرغم من أن جميع المسؤولين في وزارة التربية والتعليم قد شعروا منذ ذلك الوقت بإنتشار ظواهر العنف والرغبة في اﻹنتقام في سن مبكر عند اﻷطفال، ولكن - مع اﻷسف - لم يبذل أحد الجهود اللازمة لوقفها ومنعها من التضخم ، ولم يعلم أحد منهم أن ظهور مثل هذا النوع من ردود فعل الطفل له معنى واحد وهو " فساد البيئة الروحية للطفل "

 بعد سنوات قليلة من تلك الحادثة وقعت جريمة أخرى غريبة على المجتمع اليوناني ، حيث أقدم أطفال ثلاثة على قتل إمرأة عجوز لسرقة مبلغ صغير من المال منها. وبعدها بسنوات قليلة ضج المجتمع اليوناني وصعق حين قامت عصابة من خمسة أطفال بضرب طفل في الحادية العشر من العمر حتى الموت ، وحين عرفوا أنه قد مات سارعوا إلى إخفاء جثته سترا لفعلتهم. ومما يلفت النظر في هذه الجريمة أن الطفل القتيل لم يكن فردا في عصابة أخرى ينتقم منه المنافسون كما يجري في العادة ، لكنه كان صبيا مثاليا محبوبا من أصدقائه وأهله ، وكان من المجتهدين المجدين اﻷوائل في مدرسته ، ذا أخلاق حميدة ، يدرس الموسيقى ، ويمارس الرياضة ،وكان لاعبا نشطا في فريق اﻷشبال لكرة السلة في منطقته.

 فعلى الرغم من العناية الفائقة والتربية الحسنة التي بذلتها اﻷم لتحمي طفلها من الفساد الروحي الذي ساد المجتمع ، ولكن اﻷمور قد خرجت عن طورها وفاقت قدرة اﻹنسان وطاقته ، فجميع أطفال اليوم ينخرطون في مثل هذا النوع من الجرائم والفرق هو : ما هو الدور الذي سيلعبه الطفل : القاتل أم الضحية.

 فقبل شهور قليلة وتحديدا في 14 تشرين اﻷول ( أكتوبر ) في مدريد باسبانيا ، طفل بعمر 11 عام يدعى دييغو كونزالز إنتحر بسبب عدم قدرته على تحمل العذاب الذي يعاني منه بسبب سلوك زملائه في المدرسة. وقبل أن ينتحر كتب هذه الرسالة إلى أهله ليسامحوه على فعلته " أبي،أمي ، هذه السنوات الـ11 التي عشتها معكم كانت جميلة جدا ولن أنساها أبدا كما لن أنساكما أيضا أبدا. ...أبي علمتني أن أكون شخصا جيدا وأحترم وعودي ، كما أنك لعبت معي كثيرا. ...أمي، لقد أعتنيت بي وأخذتني إلى الكثير من اﻷماكن. ..أنتما اﻹثنان شخصان مدهشان وأنتما أفضل أهل في العالم. ...جدتي لقد تحملت الكثير من اﻷشياء من أجلي ، أشكرك وأحبك كثيرا جدا....جدي ، لقد كنت دائما كريما جدا معي وأقلقت نفسك من أجلي. أحبك. ...لولو لقد ساعدتني في فروضي وتصرفت دائما بشكل جيد معي ، أتمنى أن تستطيعي رؤية إيلي. .... أقول لكم كل هذا ﻷنني لم أعد أتحمل الذهاب إلى المدرسة وليس هناك طرق أخرى لكي أتوقف عن الذهاب. ..... أتمنى أن يكون كرهكم لي أقل ذات يوم ، أرجوكم ، أطلب منكم ، بابا وماما أن لا تنفصلا ، أن تعيشا معا سعداء وسأكون سعيدا......سأشتاق أليكم كثيرا وأتمنى ذات يوم أن ألتقي بكم في السماء ، أقول لكم وداعا إلى اﻷبد. ..التوقيع دييغو. ...أه شي آخير : أتمنى أن تجدي عملا بأسرع وقت ممكن ، جدتي " Diego Gonzalez ( الصورة )

 العنف في المدارس الذي هو نتيجة فساد البيئة الروحية في المجتمعات الغربية - مع اﻷسف - إنتقل أيضا إلى المجتمعات العربية ، ونجد الكثير من الطلاب المثاليين يعانون من سوء معاملة زملائهم لهم بسبب مثاليتهم و تفوقهم في المواد الدراسية. فالصفات السامية واﻷخلاق الحميدة في المدارس أصبحت اليوم أشياء بغيضة وكل طالب يحاول التمسك بها سيتعرض إلى السخرية واﻷذى من زملائه في الصف ، وبسبب إستفحال المشكلة بشكل كبير أصبح المعلمين أنفسهم غير قادرين في السيطرة على الوضع لحماية التلاميذ المثاليين من أذى المشاغبين ، وكثرة محاولات الفاشلة للمعلمين في السيطرة على سلوك اﻷطفال دفعتهم في اﻷخير الشعور بالعجز وهذا الشعور دفعهم إلى عدم المبالاة لمصير الطلاب.

 يقول أنشتاين " من الغباء ان نستخدم في كل تجربة نفس الشروط وان ننتظر أن نحصل على نتائج مختلفة " وهذه هي مشكلة المفكرين في العصر الحاضر ، فهم على الرغم من أنهم يرون أن اﻹنسانية تسيير بشكل مستمر من السيء إلى اﻷسوأ فهم لا يزالون يعتمدون على نفس النظريات الحديثة وعلى نفس العلماء ونفس الفنانين ونفس الفلاسفة وينتظرون أن تصلح أمور المجتمعات اﻹنسانية.لذلك طالما أن الظروف هي نفسها فمن الطبيعي إستمرار التفكك واﻹنهيار بشكل دائم.

 اليوم وصل الفساد إلى أعماق بيئة الطفل ، فاﻹنسان أصبح منذ ولادته يعيش وحوله كل شيء فاسد ، وننتظر منه أن يكون إنسانا صالحا في كبره ، اﻹنسان الذي يولد في الظلام ويعيش في الظلام سنوات عديدة سيكون أعمى ويبقى أعمى طوال حياته، الزهرة التي تنبت في تربة فقيرة لن تستطيع أن تأخذ ألوانها الجميلة ورائحتها العطرة ، هكذا هو اﻹنسان أيضا فاﻹنسان الذي يولد في مجتمع يعاني من إنحطاط روحي سيكون إنسان منحط روحيا عديم اﻷخلاق وعديم اﻹنسانية. 

 يقول الفيلسوف سقراط " لا يوجد إنسان يريد عمل الشر ، اذا كان باستطاعته عمل الخير " هكذا هي طبيعة اﻹنسان ﻷنه كائن يحوي في داخله جزء من روح الله. ولكن مع اﻷسف في عصرنا الحاضر أصبح اﻹنسان منذ ولادته خاضع لنوع من الغسيل الدماغي يجعله لا يفرق بين الخير وبين الشر. فطبيعة اﻷشياء حوله أصبحت جميعها تبدو له وكأنها خالية من الروح ، ﻷن الكبار من حوله هم أنفسهم خاليين من التعبير الروحي ، حتى المعلومات وطريقة عرضها في الكتب المدرسية التي يدرسها اﻷطفال أصبحت لا تلائم طبيعة إدراكهم للأمور إنظروا مثلا إلى هذا التمرين في كتاب الحساب لتلاميذ الصف الثالث اﻹبتدائي ( قالت نورة : إن عدد ما غلفته هذا اليوم من الهدايا الصغيرة يزيد على ما غلفته أمس ب7 هدايا ، وما غلفته من الهدايا الكبيرة يزيد على ما غلفته أمس ب 11 هدية ، إذا كان عدد الهدايا الصغيرة 32 هدية ، وعدد الهدايا الكبيرة 26 هدية لهذا اليوم ، فما عدد الهدايا التي غلفتها نورة من كل نوع أمس ؟ "

 هذا التمرين عبارة عن عملية حسابية بسيطة جدا ، ولكن طريقة عرضها لا تلائم نهائيا عقل طفل بعمر 8 سنوات ، ﻷن عناصر السؤال متعددة وفي حالة تناقض فيما بينها ( هدايا كبيرة ،صغيرة. . اليوم. .أمس. .. ) فهذا التمرين بدلا من يجعل الطفل يفكر في اﻷرقام وعملية الحساب ، سيتوه فكره في عناصر السؤال وستشعر روحه بنوع من الغموص فيما يحدث في هذا التمرين. وهكذا بدلا أن يشعر الطفل بمعنى اﻷرقام وضرورتها في الحياة اليومية سيشعر بنوع من الغموص نحوها وستجعله ينظر إليها بنظرة مادية بحتة خالية نهائيا من الروح.

 انظروا إلى هذه الفقرة في نفس منهاج الثالث اﻹبتدائي " نحن نعلم أن جميع المواد تتكون من عنصر ، العناصر هي وحدات بناء المادة وهناك أكثر من 100 عنصر مختلف ، بعض المواد تتكون من عنصر واحد مثل مسمار الحديد ، والحلي من عنصر الذهب أو الفضة. ولكن معظم المواد تتكون من عنصرين أو أكثر ، فالماء يتكون من عنصرين ، هما الهيدروجين والأكسجين ، والسكر يتكون من ثلاثة عناصر ، هي اﻷكسجين والهيدروجين والكربون. تترابط العناصر بطرق وكميات مختلفة لتكوِّن كل ما هو موجود من مواد في عالمنا " هل يعلم الطفل ما هو اﻹكسجين وما هو الهيدروجين وما هو الكربون وما هي الـ100 عنصر ؟ كيف سيستطيع عقله تكوين صورة واضحة عن الماء والسكر والحديد؟

 هذه المعلومات أيضا لا تلائم إدراك الطفل ، فالطفل في هذا السن لا يزال كائن روحي يرى اﻷشياء بروحه وليس بعقله ، في هذه المرحلة يجب أن تكون المعلومات الواردة إلى عقله لها طابع روحي تجعله يشعر بأنها جزء منه، فمثلا يجب أن يتعلم عن الماء صفاته الشكلية التي تعبر عن ماهيته الروحية ، عديم اللون ، عديم الطعم ، أهميته في حياة اﻹنسان وأعراض العطش على جسم اﻹنسان وأنه يتجمد في الحرارة المنخفضة ويتبخر في الحرارة العالية وهكذا....... أم أن نقول للطفل بأن الماء يتألف من أكسجين وهيدروجين هذا يعني أننا شوهنا الوجود الروحي للماء في إدراك الطفل ، وحولنا الماء إلى مادة بحتة ليس لها أي معنى روحي. وكذلك أصبح العلم للعلم في إدراك الطفل وليس من أجل تأمين حاجات اﻹنسان الروحية والمادية.

 مع اﻷسف جميع كتب المدرسية الحديثة كتبت بهذا الشكل ، فرغم أن مؤلفي هذا الكتاب هم أشخاص حاملون شهادات الدكتوراه، ولكن يبدو أن جميعهم ليس لديهم علم نهائيا بطبيعة عمل عقل الطفل وطريقة إدراكه لما حوله فهم ينظرون إلى الطفل وكأنه شخص بالغ لا يوجد أي فرق في طريقة إدراكه للأشياء عن الشخص البالغ ، فعرض المعلومات بهذه الطريقة التي ذكرناها يعمل على تشويه طبيعة اﻹدراك عند اﻷطفال. هذا التشويه يجعل الطفل يخسر صفاته الطفولية ويتحول إلى طفل له عقل يعمل تماما كعقل إنسان بالغ أعمى روحيا. وهذا الخطأ في عرض المعلومات كانت نتيجته أطفال بلا طفولة.

 الحكمة اﻹلهية في هندسة جسم اﻹنسان أشارت إلى هذا الاختلاف بين نوعية اﻹدراك في عقل الطفل وعقل اﻹنسان البالغ ، فنجد أن الصرة في جسم الطفل الرضيع تقسم جسده إلى قسمين متساويين وطول رأسه يعادل ربع طوله الكامل ، أما في اﻹنسان البالغ فنجد أن طول الرأس يعادل ثمن طوله الكامل ( الصورة ) ، القسم العلوي في الجسم يعبر عن القسم الروحي في اﻹنسان أما القسم السفلي فيعبر عن القسم المادي، لذلك فاﻹنسان في مرحلة الطفولة يعتبر كائن روحي بحت ولكن عندما يدخل في سن المراهقة عندها يبدأ بإكتساب الصفات المادية وعندما يبلغ سن الرشد يصبح كائن روحي ومادي. لذلك في مرحلة الطفولة يجب مراعاة نوعية المعلومات التي تعرض على الطفل ، فجميع المعلومات يجب عرضها على الطفل بحيث تجعله يشعر وكأنها جزء منه أو لها علاقة مباشرة بحياته وسلوكه ، فأن نقول له مثلا بأن الشمس هي نجم مثل بقية النجوم وهي عبارة عن كرة ملتهبة أكبر من اﻷرض بملايين المرات ، فإن هذه المعلومة ستجعل الشمس في إدراك الطفل مادة خالية من المعنى الروحي ومنفصلة عنه نهائيا، والصحيح هو أن تعرض على الطفل فوائد الشمس على اﻹنسان والكائنات الحية ،تماما كما شعرت الشعوب القديمة بها فنظروا إليها وكأنها آلهة تستحق العبادة. فطريقة تدرج التعليم يجب أن يكون بنفس تدرج تطور العلوم والمعارف عبر التاريخ. ﻷن مراحل نمو اﻹنسان تعبر تماما عن مراحل نمو اﻹنسانية. فمراحل تدرج ظهور المعلومات كميا ونوعيا عبر تاريخ اﻹنسانية لم يكن صدفة ولكن ضمن خطة إلهية وعلى نفس هذه الخطة يجب أن يسير تدرج المعلومات في المدارس لتكون ملائمة لطبيعة إدراك اﻹنسان.

 للأسف إن طريقة عرض المعلومات على اﻷطفال اليوم سواء في الكتب المدرسية أو في البرامج والمسلسلات التلفزيونية واﻷفلام السينمائية لا تلائم نهائيا نوعية إدراك الطفل ، وهذا ما أفسد بيئته الروحية ، فﻷول مرة في تاريخ البشرية أصبح اﻹنسان كائن مسير وليس مخيرا كما كان في العصور الماضية ، لذلك ليس من العدل أن نحقد على أي إنسان على أفعاله ، فالله وحده هو الذي يعلم الظروف التي عاش بها كل إنسان في مرحلة طفولته لتجعله يسلك السلوك الذي يسير عليه في حياته ، وكل شخص يريد أن يقدم شيئا لخير اﻹنسانية عليه أن يحاول أن ينظر إلى جميع أفراد شعوب العالم وخاصة تلك الشعوب التي يعتقد أنها معادية له ، وكأنهم أطفال عاشوا في ظروف قاسية إستطاعت أن تنزع منهم طفولتهم البريئة ، وبدلا من أن يشتمهم ويهاجمهم ويتهمهم بالصفات السيئة ،عليه أن يترك أمرهم لله ، وإذا أراد أن يكتب آرائه التي تعارض آرائهم يجب أن يكتبها بروح محبة وسلام لا بروح ملئية بالحقد والكراهية ، وأن يترك أمر إصلاح هذا العالم لله عز وجل ،فهو الوحيد القادر على إصلاح ما أفسده اﻵخرين ، فطالما أن اﻹنسان اليوم وﻷول مرة في تاريخ البشرية أصبح كائن مسير وليس مخير، هذا يعني أن اﻷمور أصبحت أكبر بكثير من الطاقة العقلية للإنسان وأن حلها أصبح في يد الله عز وجل فقط ، والله يمهل ولا يهمل. فلا تيأسوا من روح الله فإن يوم الفرج للمساكين والمظلومين لقريب بإذن الله.

وسوم: العدد 656