خواطر من الكون المجاور ..الخاطرة 74 : حقيقة اليوم العالمي للمرأة

في عام 1856خرجت آلاف النساء في شوارع مدينة نيويورك للاحتجاج على الظروف اللانسانية التي يعانين منها في العمل ،ورغم أن الشرطة  قامت وبطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات ولكن ومع ذلك نجحت المظاهرة النسائية في دفع المسؤولين في طرح مشكلة المرأة العاملة.  وفي 8 أذار (مارس ) من عام 1908 عادت اﻵلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع نيويورك ولكن هذه المرة حملن في أيديهن قطعا من الخبز وباقات من الورود كخطوة رمزية تعبر عن مطالبتهن بحقوقهن ،  منذ ذلك العام أصبح يوم الثامن من آذار من كل عام يوم المرأة اﻷمريكية تخليدا لذكرى خروج مظاهرات نيويورك سنة 1908. ومن أمريكا إنتقل اﻹحتفال بعيد المرأة  إلى أوربا ، وفي عام 1977 قررت اﻷمم المتحدة تخصيص يوم الثامن من آذار كعيد عالمي للمرأة ، ليكون هذا اليوم  رمزا لنضال المرأة في المطالبة بحقوقها.

        من يريد معرفة تفاصيل الدقيقية للأحداث التاريخية التي تخص اليوم العالمي للمرأة يمكنه العودة إلى اﻹنترنت ، ولكن هنا سنذكر ذلك التشويه الذي حصل في طبيعة سلوك المرأة والذي قلب اﻷمور رأساً على عقب وجعل من ثمرات تطور دام آلاف السنين من  كفاح المرأة ومعاناتها تذهب هكذا دون فائدة وكأنها لم تكن لتعود المرأة إلى الوراء آلاف السنين مرة آخرى.

       المرأة ( حواء ) كانت السبب اﻷول في خروج اﻹنسان من الجنة ، فهي التي أغواها الشيطان لتأخذ ثمرة التفاحة من الشجرة المحرمة لتأكل منها وتقنع آدم  ليأكل منها هو اﻵخر  ، ثمرة التفاحة هي رمز للزنى والذي نتج عنه ولادة قابيل الحامل لغريزة القتل ، فكانت النتيجة إرتكابه جريمة قتل أخيه هابيل ، هذه القصة ذكرتها الكتب المقدسة بصورة  رمزية ، وما يجب على اﻹنسان فهمه منها هو ترابط علاقة  ( العفة - السلام )، فعلاقة ( الزنى - وحشية )  كانت سبب طرد اﻹنسان من الجنة ، ﻷن الجنة هي أرض السلام ، لذلك نجد أن أول كتاب مقدس ( سفر التكوين ) يبدأ بقصة خلق آدم وجريمة قتل هابيل ، وتنتهي بقصة يوسف ، الذي رفض مجامعة إمرأة سيده ( كرمز للعفة ) و بدلا من اﻹنتقام من إخوته الذين باعوه ليصبح عبدا في مصر  نجده قد سامحهم ( كرمز للسلام ) ، وليس من الصدفة أيضا أن الدين المسيحي بدأ بقصة فتاة إسمها مريم  العذراء ( رمز العفة ) ، أما آخر دين سماوي فكان إسمه إسلام ( رمز السلام ).  هذه العلاقة (العفة - السلام ) هي بذرة جميع قوانين التطور ( الروحية والمادية)  التي حصلت منذ ولادة الكون وحتى اﻵن. فالكون بدأ وهو يحمل هدف واحد وهو تصحيح ذلك الخطأ الذي حصل في الجنة، والمرأة  في الحقيقة هي المسؤول اﻷول عن هذا التصحيح.

            اﻹنسان والشيطان خرجا من الجنة كروح وليس كجسد ،  روح آدم وحواء هي تلك الروح التي نفخها الله في آدم  ،عندما خلقه في البداية والتي رمزها ( Λ ا )،  والتي فيما بعد مع خلق حواء إنقسمت إلى قسمين روح آدم ( ا ) وروح حواء ( Λ )،هذه الروح اﻹلهية داخل هذا الكون هي التي قامت بتكوين المادة  وتطويرها من بداية ولادة الكون وحتى ظهور اﻹنسان ، حيث في البداية تم تكوين الجسيمات المادة الكمية ( كوارك ، فوتون، ألكترون، بروتون، نيترون...إلخ ) ومن إتحاد هذه العناصر  تم تكوين الذرات ( هيدروجين، أوكسجين، كربون، نيتروجين، حديد.....إلخ )  ومن إتحاد  الذرات تم تكوين المواد العضوية المختلفة  ( الأحماض اﻷمينية ، والسكريات، الكحول، ....إلخ) ومن إتحاد هذه المواد العضوية وضمن ظروف معينة تم تكوين الـ DNA والذي يعتبر الحجر اﻷساسي للحياة لأن له المقدرة على التكاثر  ، ومن تطور الـDNA من وحيدات الخلية إلى متعددات الخلايا حتى وصلت الحياة إلى مرحلة إستطاعت بها تكوين اﻹنسان ،ومن التطور الفكري للإنسان ظهرت الحضارات والديانات والعلوم ، لتصل اﻹنسانية إلى ما عليه اﻵن.

        للأسف المنهج العلمي الحديث نظر إلى جميع تلك التطورات برؤية مادية سطحية لذلك  كانت جميع أبحاث العلماء تتعلق بالتطور المادي للأشياء ،ولكن المادة هي من صنع الروح التي تكمن في داخلها ،فالمادة  نفسها ليست إلا وسيلة تستطيع بها الروح أن تعبر عن وجودها ونوعية دورها في هذا الوجود ،وبدون روح لا يمكن للمادة أن توجد أصلا، لذلك قبل ظاهرة  اﻹنفجار الكبير Big bang العلماء لا يعلمون شيئا على اﻹطلاق حيث علومهم عند تلك اللحظة تتوقف عن العمل ، ﻷن المادة لم تكون موجودة قبل اﻹنفجار الكبير  حتى يستطيعوا دراستها  ليعلموا شيئا عما حدث في تلك المرحلة والسبب أن الروح كانت في تلك الفترة في  مرحلة إعادة تنسيق أجزائها على الشكل الصحيح.

        للأسف إستخدام المنطق المادي الفقير روحيا في البحث العلمي جعل بشكل عام أبحاث العلماء والمفكرين في الفترة اﻷخيرة أبحاث سطحية تتعلق فقط بالمادة ، وليس بمضمون اﻷشياء واﻷحداث ، فكل شيء في هذا الكون هو إما مؤنث أو مذكر أو حيادي (مذكر ومؤنث معا ) ، لذلك جميع التفاعلات الفيزيائية التي أدت إلى تكوين الذرات المختلفة ،وكذلك التفاعلات الكيميائية التي أدت إلى تكوين المركبات العضوية واللاعضوية ، حدثت نتيجة إختلاف طبيعة العلاقة ( ذكر - أنثى ) هذه العلاقة هي التي كانت أساس جميع التغيرات والتطورات التي حدثت في الكون، فظهرت منها الكواكب والنجوم والمجرات وكل شيء  وكذلك من هذه العلاقة عبر تاريخ اﻹنسانية ظهرت الديانات والحضارات لتؤثر على سلوك اﻹنسان اﻹجتماعي ( الروحي والمادي ) ، لتصل اﻹنسانية إلى ما هي عليه اليوم.

        إن فقر المنهج العلمي الحديث روحيا جعلنا ننظر إلى اﻹتحادات والتطورات نظرة فقيرة روحيا لذلك كانت معلومات الانسان معارف فقيرة لا تفيده شيئا في تحسين سلوكه وطبيعة وجوده كفرد في المجتمع ،لذلك سنحاول شرح  العلاقة ( ذكر - أنثى) على مستوى المجتمع اﻹنساني لنفهم بالضبط دور المرأة في بناء وتطور المجتمعات اﻹنسانية :

        في الكتب المقدسة نجد أن معظم أسماء اﻷنبياء قد وضعتهم أمهاتهم وليس آباءهم ،وهذا ليس صدفة ولكن له معنى أن المرأة قد بدأت ترى جوهر اﻷشياء ،فاﻹسم هو رمز يعبر عن جوهر الشيء ، فكما تذكر الكتب المقدسة بأن آدم كان أرقى من بقية المخلوقات ﻷنه كان يعلم اﻷسماء ( وعلم الله آدم اﻷسماء ) ، وطالما أن المرأة وصلت إلى مرحلة تستطيع إستخدام  اﻷسماء أي الرموز  هذا يعني أنها إكتسبت القدرة في تصحيح خطيئتها ، لذلك نجد أن يوسف الذي استطاع تصحيح قصة آدم وحواء كان اسم أبيه ( يعقوب ) وهذا اﻹسم مصدره في العبرية ( العقب ) أي (القدم )  أما إسم أمه فهو راحيل ، وهذا اﻹسم كلفظ يسمع وكأنه يتألف من كلمتين ( راح - إل ) حيث ( راح ) تعني كف اليد ، و ( إل ) تعني الله في العبرية، فمعنى إسم راحيل هو  كف الله أي يد الله ،أي أن راحيل  أصبحت خليفة حواء على اﻷرض حيث أنها إستطاعت إنجاب إبنها يوسف الذي إسمه يعتبر رمزا للعفة والسلام ،وهذا يعني أن ظهور راحيل نفسها  في تاريخ اﻹنسانية هو  رمز له معنى  أن المرأة بشكل عام  هي يد الله وهي التي أخذت الدور اﻷول في تحديد جهة التطور الروحي للإنسانية.

        الحديث الشريف الذي يذكر ( الجنة تحت أقدام اﻷمهات ) يعبر تماما عن جوهر دور المرأة ، فالمرأة  هي التي ستحمل في أحشائها الروح الجديدة التي ستأتي إلى الحياة ، لذلك فهي التي ستحدد فيما إذا كانت ستنجب أولادا من رجل له صفات قابيل (رمز للشيطان ) أم أنها ستنجب أولادا من رجل له صفات هابيل ( رمز لآدم ) ، فاﻹنسانية بدأت بنوعين من الرجال  رجال لهم صفات قابيل ( روح السوء) ، ورجال  لهم صفات هابيل ( روح الخير )، ويمكن رؤية  الفرق بينهما من خلال تلك اﻵثار التي تركوها لنا منذ آلاف السنين ،ومنها تمثال فينوس براسمبوي وفينوس ولندروف (الصورة ).

        الفنان الذي صمم تمثال فينوس براسمبوي  هو رمز الرجال من النوع هابيل (روح الخير ) حيث التمثال يعبر عن نوعية العلاقة بين هذا النوع من الرجال مع المرأة ، فنجد أن هذا الفنان رأى  في المرأة الكائن العلوي فيها ، فأحس بجمال هذا الكائن المختلف تماما عن الكائنات الحية اﻷخرى جميعها ،فنحت هذا التمثال ليعبر عن جمال رأس المرأة كرمز للعواطف السامية التي تحملها المرأة من عطف وحنان  وتسامح ومحبة لزوجها وأولادها ، لذلك  نحت رأسها فقط بدون جسد كتعبير روحي يؤكد على أن المرأة هي روح العائلة وهي القسم الروحي للمجتمع.

       الفنان المزيف الذي صمم تمثال فينوس ولندروف هو رمز الرجال من النوع قابيل ( روح السوء) والتمثال هنا يعبر عن نوعية العلاقة بين هذا النوع من الرجال مع المرأة ،  فنجد أن الفنان المزيف الذي صمم هذا التمثال قد رأى في المرأة جسدها فقط  ، فلم يشعر نهائيا بكائنها العلوي ولا بعواطفها ولا بجمال تعابير وجهها وكأن هذه اﻷشياء الموجودة في  رأس المرأة بالنسبة له أشياء عديمة الفائدة لذلك صنع رأسها ككرة صماء لا معنى له ، فالمرأة بالنسبة له كانت قطعة من اللحم  دورها تحقيق  إشباع شهواته الحيوانية ، وعدا عن ذلك  هي أيضا مصنع لصناعة اﻷبناء ليزداد عدد أفراد عشيرته فتكتسب قوة يستخدمها لقتل الحيوانات لتأمين الغذاء وللإنتصار على الجماعات اﻹنسانية اﻷخرى ليسلب نسائهم ﻹشباع شهواته ولإنجاب المزيد من الرجال.

            لذلك كان هدف المرأة  اﻷول منذ ظهور اﻹنسانية على سطح اﻷرض  هو نزع الشوائب الشيطانية من أبنائها الذكور لينمو ويصبحو رجالا من النوع هابيل ، ومع مرور آلاف السنين من حياة اﻹنسانية ، إستطاعت المرأة تحقيق جزء من حلمها ،فأصبحت نسبة الرجال من نوع هابيل تزداد في المجتمعات اﻹنسانية ، فتعلم اﻹنسان الزراعة وإستقر في مكان إقامته ، وبدأت تتكون مجتمعات كبيرة  مترابطة مع بعضها  البعض، فتحول النظام اﻹجتماعي من نظام العائلة الكبيرة إلى نظام القرية، أو القبيلة ، ومع مرور السنين  ظهر نظام  المدينة أو الدويلة ، ومع مرور الزمن ظهر نظام الدولة.  ثم اﻷمة. حيث أصبح دور المرأة في المجتمع هو تأمين الحاجات الروحية للإنسان (الحنان ، الصبر، المحبة ، السلام ، التسامح ، حب التعاون ، العدالة ،الحرية ، ......الخ ) أما الرجل فدوره تأمين الحاجات الجسدية للإنسانية (أكل ، شرب ، الدفاع عن الأفراد العائلة ، عن العشيرة، عن الوطن...) لذلك  عبر مرور آلاف السنين نجد ظهور نشاطات فكرية تحولت إلى نوعين من العلوم ، علوم روحية إنسانية  ( فن،أدب ، دين، إجتماع، علم نفس..... ) تساهم في تحقيق السعادة الروحية وتنميتها والتي تدخل في قسم تأمين الحاجات الروحية، وأخرى علوم مادية ( طب ، هندسة ، فيزياء ، كيمياء. ....) تهتم بحماية جسده من الامراض والعوامل البيئية التي حوله والتي تدخل في قسم تأمين الحاجات الجسدية ، وهناك أيضا علوم الفلسفة  التي توحد بين النوعين من العلوم ليتم التوافق بينهما من أجل تنسيق  الحاجات اﻹنسانية فيما بينها بشكل أفضل لتستطيع اﻹنسانية إيجاد نوع من التوازن بين الحاجات الروحية والحاجات الجسدية يضمن لها التطور المستمر نحو اﻷفضل.

        ولكن كون اﻹنسانية تعيش في الكرة اﻷرضية (منطقة الشيطان ) لذلك ساهمت الظروف أن تجعل الرجل أقوى جسديا من المرأة ، فكانت المرأة تبدو وكأنها كائن ضعيف أقل من الرجل  ، لذلك في بداية ظهور اﻹنسانية كان المجتمع بشكل عام  تحت سيطرة  الغرائز الحيوانية ( رجال من نوع قابيل)  ، فلم تسمح الظروف في ذلك الوقت للمرأة أن تأخذ دورها بشكله الظاهري ولكن عن طريق بعض أبنائها الذين إستطاعوا أن يصبحوا فنانين ورجال دين ومفكرين ليقوموا هم بأنفسهم بهذا الدور بدلا من المرأة بهدف تحقيق الحاجات الروحية للإنسانية على مستوى الدولة وليس فقط على مستوى العائلة كما هو بالنسبة للمرأة، وليقفوا هؤلاء في مواجهة أولئك الرجال الذين يريدون أن تبقى المرأة مجرد جسد يشبع شهواتهم وينجب لهم أبناء لذلك كانوا يحاولون دوما  تنمية الغرائز الحيوانية على حساب العواطف لتحقيق هدفهم . 

        في نهاية القرن الثامن عشر  وبداية القرن التاسع عشر وصلت اﻹنسانية إلى مرحلة جديدة تستطيع بها المرأة أن تأخذ دورها هي بيدها في تحقيق مالم يستطيع الرجال تحقيقه وأهمها  السلام العالمي لتعيش اﻹنسانية كعائلة واحدة دون حروب. وحتى يحصل ذلك وجب على المرأة أن تستخدم منطقها هي في البحث العلمي في كافة المواد العلمية ، فكل علم مهما كان حتى علوم الفيزياء  لها شق مادي وشق روحي ودور المرأة كان أن تتعمق في الشق الروحي لكافة العلوم لتتحول معلومات هذه العلوم إلى معلومات لها علاقة بالتكوين المادي والروحي للإنسانية وليس فقط في التكوين المادي كما يحدث اليوم  . وكان 8 آذار اليوم العالمي للمرأة رمز يعبر عن تحقيق الهدف الذي سارت عليه المرأة.

        إذا نظرنا إلى الرموز الموجودة في يوم المرأة العالمي نراها توافق تماما ما ذكرناه أعلاه.  فيوم العالمي للمرأة هو الرقم ثمانية الذي يحمل رمز حواء ( Λ ) وله شكل زاوية قمتها تشير نحو اﻷعلى ولها معنى أن  جهة التطور نحو السماء ، وكذلك تاريخ أول مظاهر نسائية التي حصلت في أمريكا عام 1856.  لم يكن صدفة ولكن هو في الحقيقة عام 1881 من عام ولادة مريم العذراء ( 25 ) قبل الميلاد ، وهذا الرقم هو شكل الخطوط  الموجودة في كف يدي اﻹنسان اليمنى ( Λ ا ) واليسرى ( ا Λ ) . حيث اليد اليمنى هنا تعتبر رمز لهابيل  واليسرى هي رمز للأخ الجديد الذي أخذ مكان قابيل ليساعد أخاه هابيل في تأمين الحاجات المادية. لذلك كان عيد المرأة العالمي في شهر مارس ، حيث مارس هو إله الحرب وهو رمز لقابيل ، ولكن هنا يعبر عن اﻷخ الجديد الذي حل محل قابيل الأول الذي إرتكب جريمة القتل ، أما مكان حدوث المظاهرة التي كانت سببا في تحول يوم المرأة ليكون يوم عالمي لها فهو القارة الأمريكية والتي لها شكل حشرة البعوضة ( الصورة ) والتي تمثل  الرقم ( 666 ) رمز الأعور الدجال في الدين المسيحي. فاليوم العالمي للمرأة يحمل معنى أن المرأة عبر تاريخها الطويل إستطاعت في النهاية اﻹنتصار على الشيطان وأنها أصبحت تنجب أبناء مشابهين لهابيل المحب للسلام. هذا اﻹنتصار الذي حققته المرأة كان في نهاية عصر يدعى عصر النهضة  ولكن للأسف ، هذه الحالة الجديدة لم تعجب أولئك الرجال الذين ينظرون إلى المرأة  كجسد فقط.  فذهبوا وشوهوا  الفن والفلسفة واﻷدب، فتحولت هذه النشاطات الفكرية الروحية إلى علوم مزيفة  إستخدموها  بطريقة خبيثة وذكية في  الخداع،  حيث ساهموا هم بأنفسهم في مساعدة المرأة في الخروج إلى المجتمع ودخول المدارس والجامعات ولكن ليس لتأخذ دورها كمرأة تبحث في الشق الروحي لكل شيء ولكن كرجل يبحث في مادية اﻷشياء فقط  ، فدخلت اﻹنسانية في  حالة جديدة مختلفة نهائيا عن تلك الحالة التي كانت تحلم بها وتخطط لها ، حروب عالمية ، عنف ، وحشية، فساد خلقي ، إباحة جنسية  تعم معظم شعوب العالم.

        اليوم الكتب المدرسية  بشكل عام خالية من نور الله ، ﻷن  الرجال من نوع قابيل إستطاعوا السيطرة على المنهج التعليمي ،فإمتلأت الكتب المدرسية واللامدرسية بآرائهم ونظرياتهم ، وبدلا من ان تذهب المرأة إلى المدارس والجامعات لتتعلم و تأخذ دورها الحقيقي بيدها في إصلاح المجتمع ، تحولت هي اﻷخرى  إلى كائن جديد له جسد إمرأة ولكنه ينظر إلى ما حوله بعين رجل ويفكر بمنطق رجل ، فحتى تكون العلاقة بين الرجل والمرأة من النوع المثالي لخلق عائلة سعيدة  وجب أن تكون العلاقة  تحت سيطرة المرأة  لذلك كان الرجل هو الذي ينجذب نحو المرأة وبما أنها  هي التي ستنجب اﻷطفال لذلك كانت هي التي ستحدد شروط تلك العلاقة لتؤمن ﻷطفالها بيئة ملائمة لنموهم ولذلك كان إتحادها مع الرجل  يتم عن طريق الزواج  كعقد رسمي أمام الله والمجتمع  ، وهذا ما جعل العلاقة بينهما في رعاية  إلهية ، لذلك كانت العلاقة بين الزوج  وزوجته أقوى بكثير من أن تستطيع الظروف تحطيمها ، فالطلاق كان نادرا ما يحدث والسبب ليس ضعف المرأة كما يعتقد الكثير ولكن السبب الحقيقي هو الرعاية اﻹلهية لتلك العلاقة.  أما اليوم مع اﻷسف   فنرى في المجتمعات الغربية أن المرأة هي التي أصبحت تطارد الرجل ليرتبط بها ،  فتحولت  العلاقة بينهما من علاقة أنثوية إلى علاقة ذكرية  لا تتعدى إشباع الحاجات الجسدية ، فلم يعد هناك حاجة لعقد زواج ليبارك به الله والمجتمع ، فأصبحت العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة مؤقتة قد تدوم سنوات قليلة أو أشهر أو أيام أو ربما أيضا ساعات فقط. 

        وكانت النتيجة العامة لخسارة المرأة صفاتها الحقيقية  أن اﻹنسانية اليوم بأكملها تعيش كطفل يتيم اﻷم ينمو بدون عطف وحنان وحضن دافئ.

وسوم: العدد 659